أسئلة لصالح استدامة زراعة القمح


n توقفت مشاريع زراعة القمح بعد إلغاء أسعار الضمان. ولهذا دلالاته الإستراتيجية في ظل ندرة المياه، وجفاف الأرض. من المهم توضيح أن الدولة -أعزها الله- لم تتخذ أي قرار بوقف زراعته. هذا يعني وجود أبعاد توحي وتقول خلف هذا التوقف تجعلنا نطرح السؤال التالي: لماذا وصلنا مع زراعة القمح حد الاكتفاء الذاتي، ثم حد التصدير، ثم التراجع إلى مرحلة الاستيراد من الخارج؟ ماذا كسبنا وخسرنا من ذلك الصعود والهبوط في زراعته؟ لمصلحة من كان هذا الشيء ونقيضه؟ ماذا خسر الوطن حاضرا ومستقبلا؟ ماذا خسرت الأجيال القادمة؟

n كان التوسع في زراعة القمح خلال مرحلة الطفرة أشبه بحلم جميل، رغم أنه كان كابوسا أمام النظريات الاقتصادية والظروف البيئية وندرة الموارد المائية الطبيعية. توقف الحلم بسبب إلغاء أسعار الضمان. السؤال: لماذا توقفت؟ لماذا كانت أصلا؟ وهناك فرق بين زراعة القمح والتوسع في زراعة القمح.


n التوسع في زراعة القمح كان اندفاعا واجتهادا. اليوم يجب الوقوف طويلا مع دروسه وعبره العظيمة. هل كان إلغاء ضمان الشراء -في حينه- بهدف الحفاظ على ما تبقى من المخزون الإستراتيجي من المياه الجوفية؟ سيل الأسئلة لا يتوقف، لكن خليطها يمكن أن يقدم إجابات لصالح استدامة زراعته.

n ما يهم في هذا الطرح هو الماء غير المتجدد والمخزون في الطبقات الأرضية العميقة منذ العصور المطيرة. المياه الجوفية هي محور حديثي المستمر منذ أربعة عقود، وستظل. معها وصلت لقناعة بأن الروح تسري في الماء نفسه. كنتيجة أقول: الدفاع عن الماء دفاع عن أرواحنا.

n كانت التصريحات -في حينه- تقول بأن إلغاء أسعار الضمان من أجل توفير المياه الجوفية والحفاظ على ما تبقى منها. فهل كان هذا صحيحا؟ الجواب: لا. وإذا كان صحيحا، فإن الوزارة المسئولة لم تحققه، بل عملت في اتجاه معاكس تماما. كيف حصل هذا؟ ولماذا؟ ولصالح من؟

n التناقض دليل يأتي من الحقائق التي رصدها كتابي بعنوان: [التوسع في زراعة القمح والشعير والأعلاف خلال خطط التنمية الخمس الأولى (1970 – 1995 م) وأثره على المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية]. وفيه ونتيجة لخفض أسعار الضمان -قبل حجبها نهائيا- انخفضت زراعة القمح بنسبة (18) بالمائة مقارنة بين عام (1990) وعام (1994). لكن في نفس الفترة زادت مساحة الشعير بنسبة (471) بالمائة. هذه الزيادة كانت -أيضا- بسبب أسعار الضمان التي تحولت إلى زراعة الشعير.

n الطامة الكبرى أن مساحة الأعلاف زادت لنفس الفترة السابقة بنسبة (1604) بالمائة. هذه الزيادات كانت نتيجة لمنح المزيد من الأراضي البور، بالإضافة إلى مساحات القمح التي توقفت عن زراعته. هذه الزيادات كانت على حساب استنزاف المزيد من المياه الجوفية غير المتجددة. زراعات عشوائية مختلفة لم تتوقف حتى اليوم.

n المعلومات السابقة أساس لتقديم أجوبة للأسئلة السابقة حول من هو الرابح والخاسر في التخبط الزراعي العشوائي الذي ساد وما زال سائدا إلى اليوم. كانت الأجيال القادمة -وما زالت- هي الخاسر الوحيد، لأنها شريكة في المياه الجوفية حتى قبل ولادتها. مع هذه التوسعات العشوائية تحولت المياه الجوفية الإستراتيجية إلى ضحية الزراعة العشوائية والطمع والجشع. فهبطت مناسيبها وجفت عيون المياه التاريخية.

n في ظل استرجاع دروس وعبر زراعة القمح والشعير والأعلاف أجد مرارة من هول حجم الاندفاع غير المدروس اعتمادا على أسعار الضمان، وجني أموال الإعانات الحكومية السخية وقروضها الكبيرة. تلك الخطوة تجاوزت وأهملت النظريات الاقتصادية وحقيقة ندرة المياه.

n اليوم أراها خطوة كانت موجهة لنحر المستقبل وأجياله عطشا -لا أناقش كونها بقصد أو بدون قصد- المهم كيف يمكننا تلافي نتائج تلك الخطوة الانتحارية وعدم إعادة توليدها؟ هل يضمن منهج توظيف الدروس والعبر نجاح تطلعات استدامة زراعة القمح؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.

twitter@DrAlghamdiMH
تاريخ الخبر: 2022-04-13 00:23:56
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية