«التغيير» تفتح ملفات الفساد بالمجلس الانتقالي المعطل «2»


كشف تقرير تحصلت عليه «التغيير»، عن أوجه فساد كثيرة بالمجلس التشريعي الانتقالي «المُعطل» بالسودان.

التغيير- الخرطوم: سارة تاج السر

تلاعب في الوقود، استغلال لوحات السيارات الدستورية، تزوير في ملفات الخدمة، تبديد مليارات الجنيهات في صيانة نظام التكييف المركزي وغيرها من ملفات الفساد حدثت بالأمانة العامة للبرلمان السوداني المحلول، على مدار عامين.

كل ذلك، تمّ في الفترة التي أعقبت ثورة ديسمبر 2018م، وتجربة الانتقال الديمقراطي وتفكيك مؤسسات دولة التمكين، التي أفضت إلى صعود قوى المعارضة وسيطرتها على مفاصل الدولة.

وبالرغم من أن تلك الفترة شهدت تحركات كبيرة للجنة تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989م، غير أن قوائم العاملين بالمجلس ظلت كما هي ولم تطلها يد التغيير، كما لم يتم اتخاذ أي إجراء لإيقاف غول الفساد بالمجلس التشريعي، مقارنةً بعمليات تصحيح الأوضاع التي نفّذتها بعددٍ من المرافق الحكومية.

في هذا التحقيق، نحاول تسليط الضوء على بعض التجاوزات بالمستندات الرسمية..

في الحلقة الأولى من التحقيق تطرّقنا لعمليات الفساد في توريد وصرف الوقود ما تسبب في عجز بلغ «900» جالون وملاحقة لجنة التمكين لـ«4» موظفين تورّطوا في وقتٍ سابق ببيع الوقود والتلاعب في الاسبيرات والفواتير، وسنواصل في هذه الحلقة تناول عدد من القضايا ذات الصلة:

إهدار «37» مليار و«821» مليون جنيه في صيانة التكييف المركزي بواسطة شركتين عبر عقدين مختلفين

إهدار ملايين الجنيهات في صيانة «التكييف»

بتاريخ 15 ديسمبر 2020م وقعت الأمانة العامة للمجلس التشريعي، ممثلة في الأمين العام المكلف محمد المبارك، والمدير العام لشركة كاليمت للأعمال المتقدمة المحدودة عقداً لتوريد وتركيب وحدة التكييف المركزي بالمجلس بقيمة «37.121.760» مليون جنيه- 37 مليار، ونص العقد على أن تتسلّم الشركة «70%» من قيمة العقد مقدماً عند التوقيع مقابل شيك معتمد أو خطاب بنكي غير مشروط.

اتفاق صيانة

وفي 30 ديسمبر 2020م تم توقيع عقد ثانٍ، مثل فيه الأمانة العامة المهندس بالدرجة السادسة محمد عبد الواحد ووقع عن شركة كيرنل لصيانة الأجهزة الإلكترونية المهندس يحيى صالح عثمان خليل، وبلغت قيمة العقد «700» ألف جنيه- 700 مليون جنيه.

وتسلّمت الشركة «30%» عند التوقيع- أي ما يعادل مبلغ 210 ألف جنيه في الحساب رقم 4003 بنك فيصل الاسلامي، مقابل أن تلتزم بعمل صيانة لفك وتركيب كوع الشفط وغطاء الدفيوزر لماكينة التبريد ومعالجة التسريب وتعبئة الغاز والتزييت، بينما تتولى الأمانة العامة توفير الاسبيرات المطلوبة .

وشكل الأمين العام لجنةً أوكل لها صيانة التكييف المركزي وسداد تكلفته، معظمها من تنظيم الحركة الإسلامية، وشملت عضوية اللجنة تاج الدين عثمان، أمير سابق للحركة الإسلامية- رئيسا، المستشار خالد عثمان طه- عضواً، المستشار عماد الدين بشير وهو ممثل وزارة العدل، مدير سابق بمكتب بدرية سليمان- عضواً، المستشار أمين الزين- عضواً، المهندس محمد عبد الواحد بالدرجة السادسة/ المدير الفني- عضواً، إلى جانب رئيس المراجعة الداخلية- عضواً.

تفاصيل العقد

واطلعت هذه اللجنة على تقرير شركة كيرنل المكلفة بالصيانة كونها عملت من قبل في صيانة الجزء الأول من ماكينة التكييف (الجيلر) وجاء تقرير الشركة كالتالي:

«بعد اكتمال عملية تغيير البلي ومحاولة تشغيل الماكينة اتضح أن هنالك مشكلة في دورة التزييت للأجزاء الداخلية لـ(ماكينة التبريد) بالإضافة إلى مشكلة في دورة مياه التبريد نسبة لعدم الالتزام بالصيانة الدورية المطلوبة».

وأوصت الشركة بعدم تشغيل الماكينة قبل معالجة المشاكل أعلاه في وقت لاحظت فيه لجنة المقاومة بالبرلمان صرف مبلغ «808.000» ألف جنيه في العام 2019م عبارة عن قيمة زيت وغاز تبريد فقط في أوقات مختلفة، خلافاً لقيمة الاسبيرات المطلوبة.

وبعد موافقة وزارة المالية وبتعاقدٍ مباشر بعد عطاء محدود نفّذت الأمانة العامة للمجلس التشريعي صيانة التكييف المركزي بواسطة شركتين عبر عقدين مختلفين.

توريد غاز تبريد فاسد بنحو «4.2» مليار جنيه

ووفقا لمصادر «التغيير» فإن الشركة الأولى استملت مبلغ «25» مليون جنيه من أصل «37» مليون جنيه، ولم تقم بأي عمليات صيانة بحجة ارتفاع سعر الدولار، كما لم تتخذ الأمانة العامة أي إجراءات ضد الشركة بل حاول الأمين العام عبر مكاتبات مع وزارة المالية زيادة قيمة العقد دون جدوى.

العقد

أما موقع عقد التكييف الأول المهندس الميكانيكي عبد الواحد عكاشة وهو الذراع الاقتصادي للحركة الإسلامية بالبرلمان فقد استجلب غازاً فاسداً بمبلغ «2.4» مليون جنيه والنتيجة أن مكنتي التكييف تدمرتا تماماً وأصبحتا عبارة عن «خردة».

استغلال اللوحات الدستورية

منذ سقوط النظام البائد تحتفظ الأمانة العامة للمجلس التشريعي الانتقالي بأكثر من «55» لوحة سيارة دستورية ويتم استغلال بعضها في العربات الإدارية أو السيارات التي تخص قيادات المجلس الإدارية والأجهزة الأخرى المتعاونة مع المجلس التشريعي، وذلك رغماً عن إعادة السيارات الدستورية إلى وزارة المالية.

تورط منسوبي النظام البائد في التزوير

في العام 2016م ضبط مكتب الأمن الداخلي للبرلمان خمسة من موظفي البرلمان المحسوبين على المؤتمر الوطني «المحلول» في قضية تزوير بطاقات دستورية للاستفادة منها في استخراج قطع أراضٍ بمدينة الأندلس، وأصبح الملف قضية رأي عام اضطر معها المجلس الوطني آنذاك إلى مناقشة الامر في الجلسة رقم «1» من دورة الانعقاد الأولى بتاريخ 19 ابريل 2016م، حيث كوّن رئيس المجلس وقتها، إبراهيم أحمد عمر لجنة للتحقيق برئاسة رئيس لجنة التشريع والعدل أحمد محمد آدم التجاني، وعضوية الأمين العام عبد القادر عبد الله  والمستشار القانوني عثمان الشيخ وآخرين.

توقيع

وأصدرت اللجنة تقريراً قدّمته لرئاسة المجلس أثبتت فيه مسألة التزوير ولم تقم بمحاسبة المتورطين واكتفت بإيقافهم عن العمل لمدة ومن ثم عادوا إلى وظائفهم.

وحسب متابعات وتقديرات لجنة المقاومة فهم يشغلون حالياً مناصب: «مدير عام الشؤون المالية والمحاسبية، أمير الحركة الإسلامية بالبرلمان، رئيس الوحدة التنظيمية، 2 أعضاء في الوحدة التنظيمية (أمناء لجان)».

واعتبرت لجنة المقاومة بالمجلس التشريعي، أن قضية التزوير في حد ذاتها قضية جنائية ينبغي إحالتها إلى النيابة العامة وليس إلى لجنة محاسبة إدارية أو سياسية.

عمر مانيس استبقى مدير الشؤون المالية رغم إثبات واقعة تزوير في ملف خدمته المعاشية

تزوير شهادة تسنين

توقيع

وكشف تقرير لجنة المقاومة بالبرلمان، أن مدير عام الشؤون المالية والمحاسبية الطيب محمد عبد الرحيم شغل منصب المدير المالي بالمجلس التشريعي الانتقالي وشارك في التمكين المالي لمنسوبي المؤتمر الوطني، بالإضافة إلى جملة من المخالفات المالية، بجانب تورطه في قضية تزوير بطاقة دستورية تحمل صفة رئيس لجنة من العام 2009م، والتي جاء ذكرها في هذا التقرير، كما توّرط في  محاولة تزوير ملف خدمته المعاشي بإدراج شهادة تسنين بتاريخ 1/ 1/ 1959م بدلاً عن الشهادة الأصلية بتاريخ 1/ 1 1956م لكسب ثلاث سنوات خدمة إضافية.

وطبقاً للتقرير فقد تم كشف التزوير من قبل رئيس القسم بمذكرة داخلية تنبيهية بالواقعة للأمين العام المكلف ما أدى إلى اكمال إجراءات تقاعده للمعاش بنهاية 2020م، إلا أنه وبناءً على توصية من الأمين العام صدر خطاب من وزير رئاسة مجلس الوزراء الأسبق عمر مانيس بتاريخ 10 ديسمبر 2020م، بالقرار رقم «25» يستبقي المذكور في الخدمة غير المعاشية لمدة عام مما شكّل انتكاسة في الوضع المالي، وطالب التقرير  بإقالة ومحاسبة مدير عام الشؤون المالية والمحاسبية.

عرض صيانة

صمت مريب

لجنة المقاومة أعابت على لجنة التفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م ومحاربة الفساد، عدم اتخاذها أي قرار من شأنه إيقاف نزيف الفساد والتمكين في المجلس التشريعي خلال أعوام الثورة، وفسرت «الصمت المريب» بعدة احتمالات أبرزها منهجية عمل اللجنة حيث تربط عملية إزالة التمكين ومحاربة الفساد بتشكيل المجلس التشريعي، وتخلط في ذلك بين المسارين السياسي والإداري حيث أن الأخير ضروري لتهيئة بيئة عمل تتوافق مع روح المجلس التشريعي، ثانياً استجابة لجنة التفكيك لبعض الضغوط من جهات سياسية اعتراضاً على عملية إزالة التمكين بالمجلس التشريعي، وثالثاً مُراعاة لبعض صلة القربى التي تربط الأمين العام المكلف وعضو بارز ومؤثر في لجنة التفكيك حسب ما يروج فلول النظام البائد.

نواصل…

«التغيير» تفتح ملفات الفساد بالمجلس الانتقالي المعطل «1»

تاريخ الخبر: 2022-04-14 00:22:15
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية