سنوات من تدريب الناتو.. سر صمود جيش أوكرانيا بوجه الروس


عندما بدأت موسكو عملياتها العسكرية في أوكرانيا، نهاية فبراير الماضي، رجحت العديد من التقديرات الاستخباراتية الغربية أن تسقط العاصمة كييف ومدن أخرى بغضون أيام، لكن صمود الجيش الأوكراني فاجأ عدداً لا بأس به من المراقبين.

ما أثار العديد من التساؤلات حول سر صمود الجيش الأوكراني بوجه الروس، خصوصاً أن ميزان القوى بين الجيشين متباين للغاية وفق خبراء.

فهل هو التدريب الذي تلقاه من حلف الناتو خلال السنوات الماضية أم التسليح أم كلاهما؟

8 سنوات من التدريب

يبدو أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في تدريبات شارك فيها ما لا يقل عن 10 آلاف جندي أوكراني سنوياً لأكثر من ثماني سنوات على يد الناتو، ما ساعد قيادة أوكرانيا العسكرية على التحول من هياكل قيادة جامدة على الطراز السوفيتي إلى المعايير الغربية حيث يتم تعليم الجنود التفكير أثناء التنقل.

الجيش الأوكراني (فرانس برس)

فقد أفاد الملازم أول في الحرس الوطني الأوكراني أندريه كوليش بأن الكنديين دربوا لواء الاستجابة السريعة التابع له، في الصيف الماضي على حرب المدن والتكتيكات الميدانية وسط ساحة المعركة، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال".

كما أضاف أن التدريبات كانت في غرب أوكرانيا، وهي واحدة من التدريبات العديدة التي حصلت في السنوات الأخيرة مع قوات من كندا والمملكة المتحدة ورومانيا والحرس الوطني بكاليفورنيا.

و أشار إلى أن رفاقه في السلاح يستخدمون بالتأكيد الإجراءات التي تعلموها أثناء التدريب مع الناتو في محاولة لإرباك القوات الروسية.

تطوير الجيش الأوكراني

ويبدو أن هذا مجرد جزء يسير من جهد لم يتم الإعلان عنه إلا قليلاً من قبل دول الناتو التي حولت الجيش الأوكراني وطورته في مختلف المستويات، من جنود المشاة إلى وزارة الدفاع ومشرفين في البرلمان.

لكنه شكل أحد الأسباب الكبيرة التي جعلت القوة القتالية الأوكرانية الذكية تفاجئ العالم بصد جيش أكبر بكثير وأفضل تجهيزاً، كما يقول الأوكرانيون ومستشاروهم الغربيون.

الجيش الأوكراني (فرانس برس)

لكن يبدو أنه لم يتم الإعلان عن المساعدة الغربية، رغم أنها لم تكن سرية على الإطلاق، لتجنب إثارة غضب روسيا.

كما ظلت منخفضة المستوى لأنها كانت مصدراً قيِّماً للمعلومات الاستخباراتية للولايات المتحدة وحلفائها.

القتال وفق قواعد الناتو

إلا أنه بحلول الوقت الذي بدأت فيه روسيا عمليتها العسكرية، أصبح تدريب القوات الأوكرانية مكثفاً لدرجة أنه على الرغم من مشاركة ما لا يقل عن ثماني دول من الناتو، فإن الكثير من التدريب العملي كان يتم بواسطة مدربين أوكرانيين.

وقد أوضح المستشارون الأوكرانيون والغربيون، أن قوات كييف تعلمت شن الحرب وفقاً لقواعد الناتو، وهي تظهر ذلك بنجاحات في ساحة المعركة.

الجيش الأوكراني (فرانس برس)

فوحدات المناوشات الأوكرانية هي رأس الحربة لمؤسسة عسكرية أعيد بناؤها بالكامل. إذ جلب مستشارو الناتو معهم مفاهيم جديدة للقوة على النمط السوفيتي في أوكرانيا، بما في ذلك السيطرة المدنية على الجيش والمفتشين المحترفين والمدققين الخارجيين والمتخصصين في اللوجستيات.

وبعد التخلي عن التركيز على أعداد الجنود والأسلحة، غرس مستشارو الناتو مفهوم بناء القدرات، حيث وضع القادة الأهداف والتأكد من أن لديهم القوات والأسلحة اللازمة لتحقيقها.

"قيادة المهمة"

في المقابل ولتعزيز هذا النهج، قدم الناتو فكرة ضباط الصف أي وجود جنود متمرسين تمت ترقيتهم إلى رتب في السلطة والذين يعملون كروابط حيوية بين كبار الضباط والقوات البرية.

كما ساعدت دول الحلف أيضا القادة العسكريين الأوكرانيين على تبني نهج يسمى قيادة المهمة، حيث يضع المسؤولون الأعلى أهدافاً قتالية وينقلون عملية صنع القرار إلى أسفل سلسلة القيادة قدر الإمكان، حتى للجنود الأفراد.

الجيش الأوكراني (فرانس برس)

وذلك عكس النهج السوفياتي، الذي لا يزال يستخدم على نطاق واسع من قبل روسيا، والذي يعطي كبار الضباط أوامر بأن الجنود المشاة ليس لديهم مجال للمناقشة أو التكيف.

بدروه، قال وزير الدفاع الأوكراني السابق أندريه زاغورودنيوك إن "ذلك أحدث فرقا كبيراً جداً"، مشيراً إلى أن "إصلاح ضابط الصف وقيادة المهمة يرفعان من فعالية قواتك عدة مرات".

التفكير السوفيتي

في موازاة ذلك، أوضح الملازم كوليش أن التدريب فعال بشكل مضاعف لأن الأوكرانيين يعرفون التفكير العسكري السوفيتي.

وأضاف أن "الروس يستخدمون تكتيكاتهم النموذجية، والتي لم تتغير كثيرا منذ عهد ستالين". وعلى النقيض من ذلك، فإن الأوكرانيين لا يمكن التنبؤ بهم ورشيقون.

إلى ذلك، كشف أن التدريبات السنوية التي نظمها الجيش الأميركي في يافوريف، والتي يطلق عليها اسم Rapid Trident ، سمحت للقوات الأوكرانية بالتدرب مع قوات من أكثر من اثني عشر دولة.

الجيش الأوكراني (شترستوك)

وقال كوليش، الذي تدافع وحدته الآن عن مدينة روبيزني، إن المهارات بما في ذلك التعامل مع المتفجرات والتكتيكات الميدانية المكتسبة في التدريبات منذ عام 2016 ساعدت لواء الرد السريع في القتال في دونباس خلال السنوات الأخيرة.

تسارع وتيرة التدريب

ومع تزايد التهديدات من روسيا العام الماضي، تسارعت وتيرة التدريب العسكري. حيث سارع الميجور بيل روس بالجيش البريطاني، الذي كان مسؤولًا عن التدريب البري البريطاني في أوكرانيا من أكتوبر حتى فبراير، لجعل القوات الأوكرانية مرتاحة باستخدام صواريخ NLAW المضادة للدبابات التي كانت المملكة المتحدة تشحنها.

في حين كانت كتيبة مشاة بريطانية تخطط في البداية لتوجيه فرق مكونة من 40 أوكرانيا فجأة أصبح لديها 80 مجموعة مع جنود قادمين من جميع أنحاء البلاد.

أعلام أوكرانية وأرخى للاتحاد الأوروبي وشعار الناتو (شترستوك)

يذكر أن العملية العسكرية الروسية انطلقت في 24 فبراير الماضي، وكان من المفترض أن تحقق مجموعة من الأهداف العسكرية لموسكو، لكن في مطلع الشهر الجاري أعلنت روسيا الدخول في مرحلة ثانية من العملية حيث ركزت جهودها في شرق أوكرانيا وتحديدا منطقة دونباس، وسحبت قواتها من محيط كييف ومناطق الشمال، الأمر الذي اعتبرته دول غربية هزيمة جراء ما واجهه الجيش الروسي من مقاومة اوكرانية إلا أن موسكو أكدت أن ذلك جاء لإظهار حسن النوايا.

تاريخ الخبر: 2022-04-14 12:16:41
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 95%
الأهمية: 94%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية