استنزفت الحكومة في ظرف ثلاثة أشهر أكثر من نصف الميزانية المخصصة للمقاصة في قانون المالية لسنة 2022 والبالغة 16 مليار درهم، هذا الوضع يطرح سؤالا حول الآليات التي ستعتمدها الحكومة لمسايرة الوتيرة المطردة لارتفاع الأسعار وخلق توازن في حساباتها لتصل إلى بر الأمان خلال الأشهر المتبقية من السنة فيما يتعلق بدعم المواد الأساسية، مايطرح السؤال أيضا حول موعد انطلاق إصلاح صندوق المقاصة الذي تم الحديث عنه كثيرا، لكن دون أن يتم الحسم فيه.
وعن وتيرة الدعم الحكومي وما إذا كانت له جوانب عكسية لاسيما على الميزانية العامة، يؤكد الخبير الاقتصادي، عزالدين بالحاجة، في تصريح لـ”الأيام 24″ أنه من المرتقب أن تحتاج الحكومة لاستكمال أشهر الدعم إلى حوالي 40 مليار درهم فقط للمقاصة، أو أكثر قياسا مع الظرفية الدولية المتسمة بالضبابية وغياب رؤية واضحة من حيث التزود بالمواد الأساسية وخاصة المحروقات والحبوب.
هناك أيضا وفق الخبير الاقتصادي جانب مهم يرتبط بارتفاع أسعار المواد الأساسية وارتفاع تكاليف لنقل البحري والذي وصلت أسعاره إلى مستويات عجلت بخلق نقص كبير فيما يتعلق بالتزود بالمواد الأولية، والتي تدخل في عدة قطاعات إنتاجية صناعية.
وأكد أن هذا الوضع يحتم على الحكومة إجراء قانون مالي تعديلي لتحقيق التوازن المالي الذي يعرف حاليا اختلالا كبيرا لاسيما في الظرفية الإقتصادية الحالية، والتي قد تحتم على الحكومة طرق أبواب الاستدانة من جديد كحل لتغطية نفقات المقاصة، ما يعني في المقابل رفع من قيمة الدين الخارجي للمغرب إلى مستويات عالية، إذا ما علمنا أن حجم الملغ الإجمالي للدين الخارجي بلغ مع نهاية شهر مارس الماضي 713 مليار درهم.
وبخصوص الأهمية الاستراتيجية لصندوق المقاصة، يؤكد المتحدث أنه رغم تعاقب الحكومات لم يتم تفعيل إصلاح حقيقي للصندوق، فجل الدول التي قامت بتحرير أسعار المحروقات خاصة بالنسبة لغاز البوتان، قامت بتهييء قبلي للإصلاح، وبمواكبته بتدابير من شأنها التخفيف من أضرار رفع الدعم على الفئات الفقيرة والهشة. مضيفا أن هذه التدابير تراوحت بين إجراءات مباشرة، أهمها التحويلات النقدية المشروطة وغير المشروطة، وأخرى غير مباشرة تهم أساسا تضمين المساعدات داخل منظومة شاملة للحماية الإجتماعية.
وقد بلغت تكاليف الدعم الحكومي إلى حدود نهاية شهر مارس الماضي ما مجموعه 10ملايير درهم، وهو مايمثل ارتفاعا بنسبة 164.9 في المائة، حسب المذكرة الشهرية للخزينة العامة برسم شهر مارس الماضي، مايعني أن الحكومة استهلكت أكثر من نصف الميزانية المخصصة للمقاصة في مالية 2022 والبالغة 17 مليار درهم مخصص لقطاع النقل من خلال تجديد حظيرة سيارات الأجرة.
ففي اخر الاحصائيات الرسمية للخزينة العامة، أفادت وزارة الاقتصاد والمالية أن تكاليف المقاصة ارتفعت إلى 7.8 ملايير درهم عند متم مارس 2022. وأوضحت الوزارة في مذكرة حول وضعية التحملات وموارد الخزينة لشهر مارس، أن هذا التطور يعزى بالأساس إلى زيادة أسعار غاز البوتان الذي بلغ متوسط 890 دولارا للطن، مقابل حوالي 543 دولارا للطن عند نهاية مارس.
