اتهمت حكومة طالبان القوات الباكستانية بشن ضربات جوية صاروخية، يوم السبت، على مناطق سكنية في ولايتي خوست وكونار الأفغانيتين الواقعتين على مقبرة من الخط الحدودي الفاصل بين البلدين. في حلقة جديدة لمسلسل المناوشات المسلحة التي يشهدها ذلك الخط المتنازغ حوله، منذ ترسيمه أواخر القرن 19م.

وقال مدير الثقافة والإعلام في ولاية خوست، شابير أحمد عثماني، لوكالة فرانس برس، بأنه "قتل 41 مدنياً، معظمهم نساء وأطفال، وأصيب 22 بجروح في ضربات جوية نفّذتها القوات الباكستانية قرب خط ديورند في ولاية خوست". يُضافون إلى ما أكده مسؤولان آخران حول سقوط ستة قتلى في ولاية كونار. لتبلغ الحصيلة 47 قتيلاً.

هذا وتصاعد التوتر الحدودي بين باكستان وأفغانستان منذ أن استولت طالبان على حكم البلاد العام الماضي، إذ اتّهمت إسلام آباد مجموعات مسلّحة بشن هجمات متكررة من الأراضي الأفغانية، آخرها كان يوم الخميس وأدى إلى سقوط سبعة قتلى من حرس الحدود الباكستاني. فيما تنفي حركة طالبان إيواء مقاتلين باكستانيين.

تهديد باتساع رقعة العنف

وأعلن مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، مساء الجمعة، بأن الطائرات الحربية الباكستانية قد شنت غارات على أربعة أحياء في ولاية خوست في الجنوب ومناطق في كنر، ليلة الجمعة والسبت، رداً على مقتل سبعة من جنود الجيش في شمال وزيرستان في هجوم نفذه "إرهابيون ينشطون من أفغانستان" عبروا الحدود الباكستانية لتنفيذه.

وحضَّت وزارة الخارجية الباكستانية الأحد سلطات طالبان في كابل على اتّخاذ "خطوات صارمة" إزاء مقاتلين يشنّون هجمات ضد باكستان من داخل الأراضي الأفغانية.

وجاء بيان الخارجية الباكستانية بأن "باكستان، مرة أخرى، تدين بشدّة الإرهابيين الذين ينشطون مع تمتّعهم بحصانة من التراب الأفغاني للقيام بأنشطة في باكستان"، حيث تواصل "عناصر من مجموعات إرهابية محظورة في المنطقة الحدودية، بما في ذلك حركة طالبان باكستان، مهاجمة مراكز أمنية حدودية باكستانية، ما أسفر عنه استشهاد عدد من الجنود الباكستانيين".

ورداً على هذه الاتهمات، نفت كابل إيواءها مسلحين معادين لجاراتها الشرقية. وقال بيان للخارجية الأفغانية، بأن وزيرها الملا أمير خان متقي، ونائب وزير الدفاع الملا شيرين، حضرا اجتماعاً جرى فيه استدعاء السفير الباكستاني، وأوضح الجانب الأفغاني أنّ "طالبان" لن تقبل أي مساومة على سيادة الدولة وأمنها.

واعتبر الناطق باسم حكومة طالبان في كابل ذبيح الله مجاهد أن "ما حصل ظلم كبير"، مخاطباً باكستان بالقول: "لا تمتحني صبر وقدرة الشعب الأفغاني في الدفاع عن أراضي أفغانستان، والتاريخ شاهد على ذلك، فقد كنا ندافع عن أرضنا ضد القوات الأمريكية حتى ما قبل ثمانية أشهر وما زلنا قادرين على ذلك ضد كل من يعتدي على أرضنا".

ويرجح مراقبون بأن المواجهات الأخيرة مهددة بالتوسع، خصوصاً بعد توعد أفغانستان بالرد على الهجمات الباكستانية، حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية عنايت الله خوارزمي، في بيان، إن "الشعب الأفغاني لن يصمت على أي اعتداء على أراضيه، الهجمات الأخيرة لباكستان على الأراضي الأفغانية لن تبقى دون رد". وعرفت المناطق الحدودية اشتباكات بين قوات طالبان والجيش الباكستاني ساعات بعد الهجوم الجوي.

"ديوندر".. الخط الدموي

ويزداد التوتر حول خط "ديوندر" الحدودي الفاصل بين باكستان وأفغانستان منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في كابل. فيما هذا لا يعدو أن يكون سوى حلقة أخرى من نزاع طويل حول الخط، منذ أن رسم الأمير الأفغاني عبد الرحمان خان ووزير خارجية حكومة الهند البريطانية السير هنري مارتيمور ديورند سنة 1893.

وفي فبراير/شباط الماضي، شهد الخط الحدودي تجدد الاشتباكات بين قوات طالبان والجيش الباكستاني، والتي سقط على إثرها قتيلان على الأقل وأصيب آخرون. وقُتل 4 مدنيين وأُصيب 9 آخرون، في اشتباكات سابقة بين جيشي البلدين في يوليو/تموز 2020، أي حتى قبل استيلاء طالبان على حكم البلاد.

ودأب القادة الأفغان على إثارة هذا الملف، حيث يعتبرون بأن اتفاق ديورند قد جرى توقيعه مع الإدارة الاستعمارية البريطانية، ولم يعد ساري المفعول مع نهاية الحكم البريطاني؛ وبالتالي، لا يمكن لباكستان الادعاء أن هذه المناطق تابعة لها. لكن باكستان ترد على ذلك بأن الحكومة الأفغانية اعترفت بالمعاهدة الدولية حول تلك الحدود سنة 1976.

TRT عربي