نشرت صحفية وول ستريت جورنال الأمريكية تقريراً استعرضت فيه كيف وصلت العلاقات الأمريكية السعودية بعد عقود من الشراكة القوية إلى "نقطة الانهيار".

وجاء في التفاصيل التي شملها التقرير، كواليس اجتماعات عقدها مسؤولون سعوديون وأمريكيون كشفت مدى تأزم العلاقات بين البلدين.

ووصف نورمان رول، مسؤول الاستخبارات الأمريكية السابق وهو على صلة بكبار المسؤولين السعوديين، العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة بأنها "لم تكن أبداً صعبة كما هي الآن".

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن وصف السعودية خلال حملته الانتخابية، بأنها دولة "منبوذة" ووعد بمحاسبتها على انتهاكات حقوق الإنسان. كما رفض بعد توليه الرئاسة الاتصال المباشر بمحمد بن سلمان، ما كان له أثر بالغ في تأزيم هذه العلاقة، وأنهى الدعم الأمريكي للرياض في حرب اليمن.

كما تصاعدت التوترات بين واشنطن والرياض بعد رفض الأخيرة، ضخ مزيد من النفط لتهدئة أسعار الخام التي واصلت ارتفاعها بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ويرى مراقبون أن السعودية رفضت الاستجابة لهذه المطالب بسبب عدم استجابة الولايات المتحدة لمخاوفها بشأن إيران، وإنهاء دعمها لعمليات التحالف في اليمن ورفض تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية"، وسحب بطاريات صواريخ أمريكية من أراضي المملكة.

وذكرت الصحيفة في تفاصيل التوتر بين الإدارتين، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، صرخ في وجه ضيفه، مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بعد أن أثار الأخير قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، وهو الاجتماع الذي انتهى باتخاذ ولي العهد السعودي قراره فيما يخص كيفية إدارة العلاقة مع واشنطن.

وكان الاثنان ناقشا خيارات مثل الرضوخ لضغوط البيت الأبيض بإطلاق سراح المزيد من السجناء السياسيين، لكن محمد بن سلمان وفق المسؤولين "اختار مساراً أكثر هجومية" وهو تقوية التحالفات الناشئة مع روسيا والصين.

وكانت السعودية ألغت في سبتمبر/أيلول زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، مشيرين إلى تضارب في المواعيد، ورحبوا في نفس الليلة بزيارة سياسي روسي كبير كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات عليه.

كما أُلغيت زيارة كان من المقرر أن يجريها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الشهر الماضي.

تقول وول ستريت جورنال إن "ولي العهد السعودي يرفض الطريقة التي تعامله بها واشنطن، ويريد قبل كل شيء الاعتراف به باعتباره الحاكم الفعلي للسعودية وملك المستقبل، إلا أن بايدن لم يلتق الأمير أو يتحدث معه مباشرة".

تغير الشراكة

مع الهجوم الروسي على أوكرانيا، حذر المسؤولون السعوديون الذين تحدثوا إلى الصحيفة من أن "الخطر بالنسبة إلى الولايات المتحدة" يتمثل في أن توثيق الرياض علاقاتها مع الصين وروسيا، أو على الأقل تظل محايدة بشأن القضايا ذات الأهمية الحيوية لواشنطن، مثلما فعلت في حالة الأزمة الأوكرانية.

تقول وول ستريت جورنال إن الشراكة الأمريكية السعودية بنيت تاريخياً على أساس دفاع الولايات المتحدة عن المملكة من أجل ضمان التدفق المستمر للنفط إلى الأسواق العالمية. وفي المقابل، يحافظ الملوك السعوديون المتعاقبون على تدفق ضخ النفط بأسعار معقولة.

لكن الأساس الاقتصادي للعلاقة تغير ولم تعد السعودية تبيع كثيراً من النفط إلى الولايات المتحدة وبدلاً من ذلك أصبحت أكبر مورد للصين، ما يعني إعادة توجيه المصالح التجارية والسياسية للرياض".

لكن في الوقت الحالي، توقف الولايات المتحدة عن مطالبة السعوديين بضخ المزيد من النفط، بل تطلب فقط ألا تعيق جهود الغرب في أوكرانيا، وفقاً لمسؤول أمريكي كبير.

من جهة أخرى تريد الرياض دعم واشنطن لحرب اليمن، وتعزيز دفاعاتها ضد هجمات الحوثيين، ومساعدة الشركات الأمريكية في بناء قدراتها النووية المدنية وضخ مزيد من الاستثمارات في اقتصادها.

لكن من غير المرجح أن يلبي بايدن معظم هذه المطالب، لعدم وجود دعم للمملكة في الكونغرس، وخاصة بين الديمقراطيين، وفق الصحيفة.

TRT عربي - وكالات