محمد الباز يكتب يوميات الاختيار «18»: صفعة على وجه سيدة أمام مكتب الإرشاد تحرق الجماعة

بمشهد واحد لم يستغرق أكثر من ثلاثين ثانية على الشاشة، استطاع «الاختيار ٣» تذكير الناس ببلطجة الإخوان ضد معارضيها فى الشارع، سيدة تصرخ فى مصور يقف أمام مكتب الإرشاد وتقول له: تعالى صور رئيس عصابة الإخوان، شباب الجماعة يحاولون منع التصوير، يعتدون على من يرفعون الكاميرات، ولا يفرقون بين مصور ومصورة. 

أعادنى هذا المشهد تحديدًا إلى يوم الأحد ١٧ مارس ٢٠١٣. 

مجموعة من شباب القوى السياسية قرروا أن يتظاهروا أمام مقر مكتب الإرشاد بالمقطم. 

كان خالد مشعل، القيادى بجماعة حماس، خارجًا لتوه من المقر، بدأ المتظاهرون فى الهتافات المنددة بسياسات الإخوان، وقاموا برسم جرافيتى مناهض للجماعة على جدران المقر، وعلى الفور اشتعلت الاشتباكات بين المتظاهرين وشباب الجماعة وحرس مكتب الإرشاد. 

دفعت جماعة الإخوان شبابها الذين حملوا الشوم والأسلحة البيضاء إلى الاعتداء على المتظاهرين والصحفيين الموجودين حول المقر، وقاموا بتكسير كاميراتهم، مما دفع المتظاهرين إلى مناشدة وزير الداخلية للتدخل لحمايتهم من شباب الإخوان وحرس خيرت الشاطر. 

تدخلت قوات الأمن وفرضت طوقًا أمنيًا على محيط مكتب الإرشاد، لتنقذ الأعداد المتزايدة من المتظاهرين الذين تعرضوا لاعتداءات ميليشيات الإخوان، وتوجه عدد من الصحفيين الذين تم الاعتداء عليهم بالأسلحة البيضاء والشوم إلى قسم شرطة المقطم لتحرير محاضر ضد حرس مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة الذين اتهموهم بالتحريض عليهم. 

الصحفيون كانوا يعرفون جيدًا من يقف وراء التحريض، فحرروا محضرًا منفصلًا ضد محمد مرسى ومحمد بديع وخيرت الشاطر، اتهموهم بتحريض شباب الإخوان بالتعدى عليهم بالضرب والسب والقذف والسحل. 

كان الاعتداء على المتظاهرين عنيفًا جدًا للدرجة التى دفعت أحدهم إلى أن يقول إن حرق مقار الإخوان عمل ثورى، وحرق الإخوان أنفسهم هو الثورة ذاتها. 

اللحظة الفارقة فى المظاهرات التى اندلعت أمام مكتب الإرشاد، عندما قام أحد شباب الإخوان بصفع فتاة على وجهها، مما تسبب فى إسقاطها على الأرض وإصابتها بإصابات بالغة. 

الفتاة التى تم صفعها هى ميرفت موسى التى كان عمرها وقتها ٤٥ عامًا، حاصلة على بكالوريوس تجارة، ولديها ابنة جامعية، وكانت عضوًا مؤسسًا فى حزب الدستور لكنها تركته لرفض قياداته الخروج إلى التظاهر، وانضمت إلى التيار الشعبى. 

تحدثت ميرفت إلى أكثر من صحيفة، وقد حكت الحكاية كاملة. 

قالت: تلقيت دعوة من نشطاء أصدقاء لى على مواقع التواصل الاجتماعى، سبق أن اعتدى عليهم الأمن الخاص بالجماعة أثناء تظاهرهم أمام مكتب الإرشاد، اعتراضًا على قتل وسحل وتعذيب المواطنين، وعلى سياساتهم فى البلاد. 

فى الساعة الخامسة مساء وصلت ميرفت إلى مقر مكتب الإرشاد، ولم يكن عدد المتظاهرين يتجاوز الـ٣٠ متظاهرًا، بينهم ٥ سيدات و١٠ فتيات. 

أمسكت ميرفت بطباشير وكتبت على جدار المقر اسم جيكا، لتفاجأ برجل كبير فى السن يقول لها: كده غلط يا بنتى.. مش ده اللى بتقولوا عليه شهيد؟ 

ردت ميرفت: نعم.. صعدت روحه إلى السماء، واسمه وقضيته وثأره سيبقى بيننا. 

أحضر الرجل المسن ترابًا وألقاه على الكلمة التى كتبتها، ولما قالت له: عيب عليك تكون راجل كبير وتعمل كده.. ما نفعله حرية رأى وتعبير، رد عليها بفجاجة: مفيش حاجة اسمها حرية رأى وتعبير يا روح أمك. 

تقول ميرفت: بينما كنت أتحدث مع الرجل المسن تجمع عدد كبير من الشباب التابع للجماعة ممسكين بالعصى وبعض الآلات الحادة وانهالوا علينا جميعًا بأبشع السباب وعبارات القذف والتجريح، ولم يكن ذلك محل اندهاشنا، لأننا رأيناه منهم فى أحداث الاتحادية الأولى، ولكن الذى استوقفنا هو سب الدين من قبل مَنْ يحكمون باسم الدين، ويستخدمونه ساترًا لهم فى كل أفعالهم. 

توثق ميرفت ما جرى بتفاصيل أكثر.

تقول: لم أكن أعلم أن الفعالية ستشهد وجود عدد من الإعلاميين والصحفيين، ولكن عندما رأيتهم كانوا عزلًا من السلاح لا يحملون سوى كاميرات التصوير الخاصة بهم، وحتى تلك لم تسلم من بطش بلطجية وميليشيات الجماعة، فمن خرج علينا من مقر مكتب الإرشاد لإبعادنا كانوا يحملون السكاكين والشوم والطوب والكراسى والزجاج، ومن بعد الهجوم الوحشى علينا تراجع الشباب للخلف، ورفضت أن أكون معهم، وهو ما استفز البلطجية، فسبونى وضربونى بالأيدى والأرجل. 

كانت هذه الصفعة على وجه ميرفت مثل الشرارة التى بدأت الحريق الكبير فى ثوب جماعة الإخوان، فقد اعتبر المجتمع المصرى كله أن هذه الصفعة ليست على وجه ميرفت موسى فقط ولكن على وجهه هو. 

كان لاعتداء بلطجية جماعة الإخوان على المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد فعل السحر، فقد حرك مخزون الغضب كله فى نفوس المصريين، ولذلك جاء رد الفعل سريعًا.

دعت الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة إلى تنظيم مليونية يوم الجمعة ٢٢ مارس أمام مكتب الإرشاد، أطلقوا عليها مليونية «رد الكرامة»، فى إشارة إلى أنهم سيخرجون احتجاحًا على الصفعة التى تلقتها ميرفت موسى. 

صدر عن القوى الداعية للمليونية بيان واضح يحدد أهدافها، حيث طالبوا بعزل النائب العام غير الشرعى وتعيين نائب عام جديد يقوم بالتحقيق فى كل الانتهاكات التى ارتكبتها جماعة الإخوان، وإقالة رئيس الوزراء هشام قنديل وتعيين شخصية وطنية مستقلة، وحل جماعة الإخوان بقوة القانون أو إخضاعها للقانون الحالى للجمعيات رقم ٨٤ لسنة ٢٠٠٢، ومراقبة مصادر تمويلها، وفصل الحزب السياسى «الحرية والعدالة» عن الجماعة الدعوية، حسب القانون. 

عقب صلاة الجمعة سيطرت حالة من التوتر على محيط مكتب الإرشاد بالمقطم، حيث احتشد حوله آلاف المتظاهرين الذين رددوا هتافات «مصر بلدنا هتفضل.. والإخوان والمرشد بره» و«طول ما الدم المصرى رخيص يسقط يسقط أى رئيس» و«أنا مش كافر أنا مش ملحد.. يسقط يسقط حكم المرشد»، وكان المتظاهرون قد خرجوا فى مجموعات كبيرة من مسجد رابعة العدوية والسيدة عائشة وعمرو بن العاص وميدان التحرير. 

فى مواجهة المتظاهرين الذين أعلنوا تمسكهم بالسلمية، تجمع الآلاف من شباب الجماعة لحماية مقر مكتب الإرشاد، وقابلوا هتاف المتظاهرين بهتافهم التقليدى «الله أكبر ولله الحمد». 

منذ الصباح الباكر كان أصحاب المحلات التجارية فى شارع ٩ بالمقطم قد أغلقوا أبوابهم خوفًا من حدوث عنف أو اشتباكات. 

كان التضامن الشعبى مع مليونية «رد الكرامة» ملحوظًا، فقد قام سائقو الميكروباص فى ميدان رمسيس بتوصيل المتظاهرين إلى حى المقطم للمشاركة فى التظاهر مجانًا. 

كثفت قوات الأمن من وجودها فى محيط مكتب الإرشاد، وتمركزت تشكيلات الأمن المركزى بالشوارع المؤدية لمقر الجماعة، وأغلقت جميع الشوارع المؤدية إلى مكتب الإرشاد، وعملت من البداية على الفصل بين المؤيدين والمعارضين لضمان عدم وقوع اشتباكات بين الجانبين. 

بالتزامن مع حصار مكتب الإرشاد، قام عدد من المتظاهرين بحصار منزل محمد مرسى بالقاهرة الجديدة، رافعين لافتات تطالب بإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح، وهتفوا بسقوط محمد مرسى وسقوط حكم المرشد. 

حاولت جماعة الإخوان التأكيد على حقها فى الدفاع عن نفسها، فأصدر حزب الحرية والعدالة بيانًا كشف فيه عن تلقيه اتصالات هاتفية من قيادات الأحزاب والرموز التاريخية للحركات الإسلامية، معلنين عن دعمهم وتضامنهم الكاملين مع الإخوان فى حقهم الشرعى والقانونى فى الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم. 

قيادات الأحزاب الدينية فعلوا ما هو أكثر من الدعم، فقد أعلنوا، كما قال بيان حزب الحرية والعدالة، عن استعدادهم للنزول مع شبابهم فى محيط مكتب الإرشاد أو أى مكان آخر تستدعيه الأحداث. 

كانت جماعة الإخوان بالفعل قد استعانت بشبابها فى المحافظات، حيث نقلتهم إلى المقطم بالأتوبيسات للدفاع عن المقر، وقد قطع المتظاهرون الطريق عليهم، ولم يمكنوهم من الوصول إلى المقطم، ومن وصل منهم ولعدم معرفتهم بخريطة المكان، فقد تاهوا، وهو ما عرضهم للاشتباك مع المتظاهرين. 

العنف الذى استخدمه الإخوان ضد المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد أشعل النار فى كل محافظات مصر، وكان من بين ما جرى: 

فى الإسكندرية قطع شباب حركة «البلاك بلوك» طريق الكورنيش، كما تظاهر العشرات أمام مسجد القائد إبراهيم ضد الجماعة، واتجهوا نحو قيادة المنطقة الشمالية العسكرية لمطالبة الجيش المصرى بالعودة إلى الحكم مرة أخرى. 

فى محافظة قنا، انطلقت مسيرات حاشدة تضامنًا مع مسيرات القاهرة المحتجة على سياسة الإخوان. 

وفى المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، نظم المئات من الحركات الشبابية والقوى الثورية والأحزاب مسيرات عقب صلاة الجمعة من مسجد عبدالحى خليل، كما خرجت مظاهرات حاشدة من مسجد السيد البدوى بطنطا. 

لم يمر شهر مارس على جماعة الإخوان دون خسارة واضحة، ففى الوقت الذى تزايدت فيه المسيرات المحتجة على حكم الإخوان، منيت الجماعة بسقوط ملحوظ فى انتخابات نقابة الصيادلة وانتخابات الاتحاد العام للجمعيات الأهلية.. وكان هذا إنذارًا واضحًا، ورسالة بأن المصريين يرفضون حكم الإخوان تمامًا. 

 

تاريخ الخبر: 2022-04-20 21:21:02
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

الاحتلال يدمر آبار المياه وشبكات الصرف الصحي بحي الزيتون

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:22:25
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

الذهب مقابل المسيرات!! – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:22:51
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

الأونروا: رفح تحولت الآن إلى مدينة أشباح

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:22:19
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

علم فلسطين يضيء أحد مباني جامعة أكسفورد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:22:13
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

الشيلي والمغرب يوقعان اتفاقية للتعاون في مجال التراث الوثائقي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:24:57
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

المغرب يستعيد من الشيلي 117 قطعة أحفورية يعود تاريخها إلى 400 مليون سنة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-14 09:24:54
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية