الحرب البونيقية الثالثة

عودة للموسوعة

الحرب البونيقية الثالثة

الحرب البونيقية الثالثة
جزء من الحروب البونيقية

مسقط مدينة Carthage
التاريخ 149 ق.م. - 146 ق.م.
المسقط
قرطاج (بالقرب من تونس المعاصرة)
النتيجة نصر روماني حاسم، واجتياح وتدمير قرطاج.
الخصوم
الجمهورية الرومانية قرطاجة
القادة والزعماء
سكيپيوأميليانوس صدر بعل
القوات
40,000[بحاجة لمصدر] 90,000[بحاجة لمصدر]
الخسائر
17,000[بحاجة لمصدر] 62,000[بحاجة لمصدر]

الحرب البونيقية الثالثة Third Punic War (من 149 ق.م. إلى 146 ق.م.) كانت ثالث وآخر الحروب البونيقية بين المستعمرة الفينيقية السابقة قرطاج، والجمهورية الرومانية. الحروب البونيقية سميت بهذا الاسم لأن الرومان كانوا يسمون القرطاجيين: Punici، أوPoenici.

كانت الحرب اشتباكاً أصغر كثيراً من سابقتيها الحربين البونيقيتين وأساسً تكونت من واقعة واحدة، معركة قرطاج، إلا أنه نتج عنها التدمير الكامل لمدينة قرطاج، وضم جميع الأراضي القرطاجية الباقية إلى روما، ووفاة أواستعباد تام الشعب القرطاجي. فقد أنهت الحرب البونيقية الثالثة الوجود المستقل لقرطاج.

كانت روما تبحث عن الذرائع لتشن الحرب على قرطاجة من حديث لكن الجماعة الحاكمة قي قرطاحة بعد الحرب البونيقية الثانية (218-202 ق.م) كان همها الحفاظ على الوئام والسلام مع روما والإهتمام بإنعاش التجارة في قرطاجة وزراعتها . ولم يمض كثير من الوقت حتى غدت قرطاجة ثاني أكبر مركز تجاري في غرب البحر المتوسط . كما اصبحت أرضها تغل حاصلات وفيرة . مما جعلها تعرض على روما حتى تدفع الأقساط الباقية جميعها دفعة واحدة، وأن تتبرع لروما وفي العام نفسه وفي عدة مناسبات تالية بكميات كبيرة من القمح دون لقاء.

نظرت روما إلى نجاح ونهوض قرطاجة من عثرتها بعدم الرضى والقلق الشديد الذي مرجعه الغيرة والحسد من ناحية والخوف من حتى تعيد قرطاحوبناء قوتها مما حذا بالسناتوالروماني إلى إنتظار الفرصة المناسبة لتدمير قرطاجة . كان ماسينيسا ملك نوميديا يطمع في حتى يسيطر على أراضي قرطاجية كثيرة لذلك كان دائما يغرس الخوف عند الرومان ضد قرطاجة . فكان يعتدي مرات كثيرة على الأراضي القرطاجية فتشتكي قرطاجة الأمر للرومان ولكنهم يقفون مع حليفهم الملك ماسنيسا .

وحدث حتى طلب ماسينيسا من قرطاجة السماح له بدخول طرابلس بحجة ملاحقة ثائر فر إلى برقة وعندما رفضت هذا الطلب هاجم إقليم طرابلس واحتل سهل الجفارة لكنه عجز عن الإستيلاء على مدن طرابلس الثلاث.

أوفدت روما سفارة إلى قرطاجة بشأن الموضوع بقيادة كاتوالكبير فعاد إلى روما محرضا على شن الحرب على الفرطاجيين بحجة تكديسهم للأخشاب في الميتاء لبناء أسطولهم وحتى الجيش الذي حاربوا به ماسينيسا هونواة جيش الإنتقام من روما.

أوفدت روما بعثة أخرى إلى قرطاجة وفي هذه المرة طلبت البعثة الرومانية من قرطاجة تسليم مدن طرابلس الثلاث لماسينيسا مما أثار القرطاجيين وأشعل نار الغضب فيهم لدرجة حتى البعثة فرت من قرطاجة خوفا على حياتها.

واستمر كاتوفي تحريضه ضد قرطاجة حيث كان يقول في مجلس السناتو(يجب حتى تدمر قرطاجة، يجب حتى تدمر قرطاجة). وأنحاز الرومان لماسينيسا الذي تشجع بالخوض في شؤون قرطاجة الداخلية فما بين عامي 151-150 ق.م ظهرت الخلافات السياسية داخل قرطاجة فطرد الحزب الموالي لماسينيسا من المدينة فطلب هذا الأخير بأعادة مواليه إليها الأمر الذي رفضته قرطاجة فقامت الحرب بينهما وأنتهت بإنتصار ماسينيسا.

قامت قرطاجة بعد ذلك بإعدام القادة العسكريين وأوفدت شكوى إلى روما من تصرفات ماسينيسا لكن الرومان أستغلوا الفرصة.

في عام 149 ق.م أستسلمت أوتيكا للرومان فأعربوا الحرب على قرطاجة . في ذلك الوقت توجهة بعثة قرطاجية إلى روما تطلب الإستسلام دون شرط أوقيد فنطق لها السناتوبأنه سيسمح ببقاء حرية القرطاجيين وقوانينهم وإقليمهم وممتلكاتهم العامة والخاصة شرط حتى يسلموا ثلاثمئة من أبرز رجالهم كرهينة وحتى يطيعوا الأوامر التي يصدرها القنصلان الرومانيان المتوجهان إلى أوتيكا. فوافق القرطاجيون على جميع ذلك . وعند وصول القنصلين إلى أفريقيا كشفا هدف السناتوالحقيقي بأن طلبوا من القرطاجيين حتى يخلوا مدينتهم وحتى يبتعدوا عن الشاطىء ل16 ميلا وكان ذلك الشرط المفاجىء المخادع بقصد تدمير اقتصاد قرطاجة .لكن القرطاجيين لم يتخلوا عن مدينتهم وبدأوا بالتحصن فيها إلى حتى سقطت وأحرقت نهائيا ودمرت بعد حصار ثلاثة أعوام متتالية (149-146 ق.م).

خلفية

في الأعوام بين الحرب البونيقية الثانية والحرب البونيقية الثالثة، انشغلت روما بفتح الامبراطوريات الهلينية إلى الشرق (انظر الحروب المقدونية، الحروب الإليرية، والحرب الرومانية السورية) وأخضعت بلا رحمة الشعب الأيبيري في الغرب، بالرغم من الدور الأساسي الذي لعبوه في نجاح الرومان في الحرب البونيقية الثانية. قرطاح، وقد سُلبت من الحلفاء والأراضي (صقلية، سردينيا، هسپانيا)، كانت ترزح تحت جزية هائلة قدرها 200 تالنت من الفضة تُدفع جميع عام لمدة 50 عاماً.

وحسب أپيان فإن السناتور كاتوعادة ما كان ينهي خطبه في أي موضوع في مجلس الشيوخ بالعبارة ceterum censeo Carthaginem esse delendam، والتي تعني "علاوة على ذلك، ففي رأيي حتى قرطاج يجب حتى تمحى من الوجود". وقد عارضه السناتور پوبليوس كورنليوس سكيپيوناسيكا كوركولم، الذي فضّل نهجاً آخر، لا يدمر قرطاج، والذي كان في العادة يُقنع مجلس الشيوخ.

معاهدة السلام المبرمة في نهاية الحرب الپونيقية الثانية تطلبت حتى جميع المنازعات الحدودية لقرطاج يجب حتى يحكـِّم فيها مجلس الشيوخ الروماني وطالبت قرطاج بأن تحصل على موافقة رومانية صريحة قبل الذهاب لأي حرب. ونتيجة لذلك، فطيلة الخمسين عاماً بين الحربين الپونيقيتين الثانية والثالثة، كان على قرطاج حتى تأخذ جميع نزاعاتها الحدودية مع حليفة روما نوميديا إلى مجلس الشيوخ الروماني، حيث كان يُحكم فيها بشكل شبه دائم في صالح نوميديا.


مجرى الحرب

في 151 ق.م.، تم سداد تام الدين القرطاجي لروما، مما كان يعني في نظر البونيقيين، حتى المعاهدة قد استنفدت بنودها، إلا حتى الرومان لم يروها كذلك، بل رأوا المعاهدة كإعلان دائم لخضوع قرطاج لروما بشكل مماثل لمعاهدات الرومان مع حلفائهم الإيطاليين. وشنت نوميديا غارة أخرى على التراب القرطاجي، وحاصرت بلدة، فأطلقت قرطاج تجريدة عسكرية كبيرة (25,000 جندي) لصد الغزاة النوميديين.

نتيحة لذلك، فقد لحق بقرطاج هزيمة عسكرية مهينة، وحُكِم عليها بدين حديث لخمسين عام لنوميديا. إلا حتى روما إثر ذلك مباشرة أبدت عدم السعادة بقرار قرطاج شن حرب ضد جارتها بدون موافقة رومانية، وأبلغت قرطاج بأنه إذا كانت ترغب تجنب حرب مع روما، عمليها حتى “ترضي الشعب الروماني.” وبدأ مجلس الشيوخ الروماني في جمع جيش. وبعد حتى انشقت يوتيكا على قرطاج وانضمت لروما في 149 ق.م.، أعربت روما الحرب على قرطاج. قام القرطاجيون بسلسلة من المحاولات للتفاوض مع روما، وحصلوا على وعد بأنه لوأوفدت قرطاج ثلاثمئة طفل قرطاجي عفي كرهائن إلى روما، فإن القرطاجيون يسحتفظون بحقوقهم في ملكية أراضيهم والحكم الذاتي. وحتى بعد عمل ذلك، فقد أنزل الرومان جيشاً في يوتيكا، وحينها طالب القناصل حتى تسلـِّم قرطاج جميع أسلحتها ودروعها. وبعد حتى سلـّم القرطاجيون جميع ذلك، أضافت روما طلباً بأن ينتقل القرطاجيون مسافة عشرة أميال بعيداً عن البحر، بينما تقرر حرق قرطاج نفسها. وحين فهم القرطاجيون بذلك، هجروا المفاوضات، وحوصرت المدينة على الفور، لتبدأ الحرب الپونيقية الثالثة. تحمل القرطاجيون الحصار الذي بدأ حوالي 149 ق.م. حتى ربيع 146 ق.م. حين استولى سكيپيوأميليانوس على المدينة في هجوم عاصف.

واتىتهم هذه الحجة من أحب حكام ذلك الوقت- ماسينسا ملك نوميديا- وهوملك عمر تسعين عاماً (238-148) ورزق ولداً وهوفي السادسة والثمانين من عمره(48)، ووضع لنفسه نظاماً صارماً لحياته استمسك به جميع الاستمساك، واستبقى به صحته وقوته إلى آخر أيامه تقريباً. وقد أفلح هذا الملك في تنظيم رعاياه البدو، وبدلهم من حياة الترحال حياة الاستقرار الزراعية، وأنشأ منهم دولة منظمة ظل يحكمها حكماً صالحاً مدى ستين عاماً، وجمل مدينة سرتا Cirta حاضرة البلاد بما أنشأه فيها من المباني الفخمة. ودفن بعد وفاته في قبره وهوالهرم العظيم الذي لا يزال باقياً إلى اليوم قرب مدينة قسنطينة في بلاد تونس. واستطاع هذا الملك حتى يكسب صداقة رومه، وكان يدرك ما عليه قرطاجنة من ضعف سياسي، فأخذ يغير المرة بعد المرة على أراضيها، وينقصها من أطرافها، فاستولى على لپتس العظمى Leptis وغيرها من المدن، وما زال على هذه الخطة حتى سيطر بها على جميع المسالك البرية المؤدية إلى العاصمة المنهوكة القوى. وإذ كانت المعاهدة المعقودة بين رومه وقرطاجنة تحرم على ثانيتهما الاشتباك في حرب إلا برضاء أولاهما فقد أوفدت قرطاجنة سفراء من عندها إلى مجلس الشيوخ في رومه ليحتجوا على عدوان مسينسا. فما كان من هذا المجلس إلا حتى نبه هؤلاء السفراء إلى حتى الفينيقيين على بكرة أبيهم دخلاء في إفريقية، وأنهم ليس لهم فيها حقوق تضطر أية أمة مسلحة حتى تحترمها. فلما أدت قرطاجنة إلى رومه آخر الأقساط السنوية الخمسين من الغرامة المفروضة عليها بمقتضى معاهدة زاما وهي 200 تالنت ظنت أنها بهذا الأداء قد تحررت من التزاماتها، وأعربت الحرب على نوميديا في عام 151، وفي السنة الثانية أعربت رومه الحرب على قرطاجنة.

ووصل هذا النبأ الأخير إلى مسامع القرطاجنيين، ووصل معه حتى الأسطول الروماني قد أقلع إلى إفريقية. ولم تكن المدينة القديمة مستعدة لخوض غمار حرب عوان مهما يكن من كثرة سكانها وضخامة تجارتها. ذلك حتى جيشها كان صغيراً وأن أسطولها كان أصغر من جيشها، ولم يكن لها جنود مرتزقة ولا حلفاء. يضاف إلى هذا حتى رومه كانت تسيطر على البحار، ومن أجل هذا أعربت أتكا انضمامها إلى رومه، وحال مسينسا بين قرطاجنة وبين الاتصال بالأرض التي خلفها في القارة الإفريقية، وأوفدت قرطاجنة بعثة عاجلة إلى رومه وأمرتها حتى تجيبها إلى جميع مطالبها فوعدها مجلس الشيوخ الروماني بأنه إذا أسلمت قرطاجنة إلى القنصلين الرومانيين في صقلية ثلاثمائة من أبناء أشرف الأسر فيها ليكونوا رهائن لديهما، وأجابت القنصلين إلى جميع مطالبهما أياً كانت هذه المطالب، احتفظت في نظير ذلك بحريتها وسلامة أرضها. وأوفد مجلس الشيوخ أوامر سرية إلى القنصلين لينفذا ما صدر إليهما قبل من الأوامر. وأسلم القرطاجنيون أطفالهم بقلوب واجفة وعيون باكية، واحتشد آباؤهم عند شاطئ البحر يودعونهم، وهم في أشد الألم والحسرة، وحاولت أمهاتهم في آخر لحظة حتى يمنعن السفن من المسير، وألقت بعضهن أنفسهن في الماء، وأخذن يسبحن فيه ليلقين آخر نظرة على أطفالهن. وأوفد القنصلان الأطفال إلى رومه، وعبرا البحر إلى يتكا Utica على رأس الجيش والأسطول، واستدعيا سفراء قرطاجنة، وطلبا حتى تسلم بلدهما جميع ما بقي لها من السفن، وكمية كبيرة من الحبوب، وجميع الأسلحة والمعدات الحربية. فلما أجيبت هذه المطالب كلها، طلب القنصلان بعدئذ حتى يخرج جميع سكان قرطاجنة منها، وأن يقيموا على بعد عشرة أميال من المدينة، لأنهما سيأمران بإحراقها عن آخرها. وحاول السفراء عبثاً حتى يقنعوا الرومان بأن تدمير مدينة أسلمت إلى أعدائها رهائن من أهلها وجميع أسلحتها ومن غير قتال غدر وخيانة لا نظير لهما في التاريخ كله. وعرضوا حتى يقدموا حياتهم فداء لمدينتهم، وتكفيراً عما عساها حتى تكون قد اقترفته من الذنوب، وخروا على الأرض سجداً وأخذوا يضربونها برؤوسهم. فأجابهم القنصلان بقولهم إذا هذه هي شروط مجلس الشيوخ وإنهما لا يستطيعان حتى يغيرا منها شيئاً.

ولما سمع أهل قرطاجنة بما هومفروض عليهم جن جنونهم، وطاشت أحلامهم، فأخذ آباء الأطفال الذين أسلموا رهائن إلى رومه يبترون أجسام القواد الذين أشاروا بتسليمهم، وقتل آخرون القواد الذين أشاروا بتسليم السلاح، وأخذ غيرهم السفراء العائدين في شوارع المدينة ويرجمونهم بالحجارة، ومنهم من قتلوا جميع من وجدوهم في المدينة من الإيطاليين، ومنهم من وقفوا في دور الصناعة الخالية من السلاح يبكون وينتحبون. وأعرب مجلس شيوخ قرطاجنة الحرب على رومه، وأهاب بكل من فيها من البالغين رجالاً ونساء، أرقاء وأحراراً، حتى يجيّشوا جيشاً جديداً، وأن يصنعوا أسلحة يدافعون بها عن المدينة. وثبت الغضب قلوبهم، وقوى عزائمهم، وأخذوا يهدمون المباني العامة لينتفعوا بما فيها من خشب وحديد، وصهرت تماثيل الآلهة الأعزاء لتصنع منها السيوف، وجزت شعور النساء لتصنع منها الحبال، ولم يمض على المدينة المحصورة إلا شهران حتى أخرجت 8000 درع، 8000 سيف، 70.000 حربة، وستين ألف قذيفة منجنيقية، وبنت في مينائها الداخلي عمارة بحرية مؤلفة من 120 سفينة(49).

وقاومت المدينة الحصار براً وبحراً ثلاث سنين، كان القنصلان في خلالهما يهاجمان أسوارها بجيوشهما، وكانا في جميع مرة يرتدان عنها خائبين. ولما كان سبيوإيمليانس وحده- وهوأحد التربيونين العسكريين- هوالذي أظهر في هذا الحصار براعة ودهاء، فقد عينه مجلس الشيوخ الروماني والجمعية قنصلاً وقائداً في عام 147، ولم يعارض في هذا التعيين أحد حتى كاتونفسه. ولم يمض على ذلك إلا قليل حتى نجح ليليوس في تسلق أسوار المدينة. ودافع القرطاجنيون عنها شارعاً شارعاً، وإن كان الجوع قد أضناهم وأهلك الكثيرين منهم، ولكنهم واصلوا دفاعهم ستة أسابيع كاملة، وأعداؤهم يحصدونهم حصداً بلا شفقة ولا رحمة. ولما رأى سبيوحتى قناصة الأعداء يصيدون رجاله وهم كامنون وراء الجدران، أمر حتى تشعل النيران في جميع الشوارع التي يستولون عليها، وأن تدك مبانيها دكاً، فاحترق في اللهب كثير من الجنود المختبئين في الدور. ووجد القرطاجنيون آخر الأمر حتى لابد لهم من التسليم بعد حتى نقص عددهم من خمسمائة ألف إلى خمسة وخمسين ألفاً. وطلب قائدهم هزدروبال حتى يؤمن على حياته فأجابه سبيوإلى ما طلب، ولكن زوجته بجبنه وألقت بنفسها وبأولادها في اللهب. وبيع من بقي من الأهالي حياً في سوق الرقيق، وأسلمت المدينة إلى الجيوش الرومانية ينهبونها ويعيشون فيها فسداً. وأحجم سبيوعن تدميرها، وأوفد إلى مجلس الشيوخ يسأله رأيه الأخير، فرد عليه المجلس بأن قرطاجنة نفسها وكل ما انضم إليها في الحرب من البلاد التابعة لها يجب حتى تدمر عن آخرها، وأن تحرث أرضها وتغطى بالملح، وأن تصب اللعنات على جميع من يحاول بناء شيء قي موضعها، وظلت النار مشتعلة في المدينة سبعة عشر يوماً كاملة.

ولم يعقد صلح أوسقط معاهدة، لأن الدولة القرطاجنية لم يبق لها وجود، وهجرت يتكا Utica وغيرها من مدن إفريقية التي ساعدت رومه حرة تحت حمايتها؛ وأما ما بقي من أملاك قرطاجنة فقد جعل ولاية خاضعة لرومه وسمي مقاطعة أفريقيا Africa. واتى الممولون الرومان وقسموا الأرض ضياعاً، وورث التجار الرومان التجارة القرطاجنية، وأضحى الاستعمار العامل المحرك الدافع للسياسة الرومانية، والغرض السافر الصريح الذي تعمل له عن قصد وتدبير، وضمت سرقوسة إلى ولاية صقلية الرومانية، وأخضعت بلاد غالة الجنوبية لتكون هي الطريق البري لأسبانيا بعد حتى خضعت كلها لرومه، ولم تجد رومه صعوبة في إقناع مملكتي مصر وسوريا المصطبغتين بالصبغة الهلينية بالخضوع إلى رغبات رومه- كما اضطر پوبليوس أنطيوخس الرابع- إلى الخضوع لها بلا قتال. وإذا نظرنا إلى تدمير قرطاجنة وكورنثه في عام 146 من الناحية الأخلاقية- وهي نظرة لها شأنها على الدوام في السياسة الدولية- حكمنا دون تردد بأن هذا العمل من أفظع الفتوح وأشدها وحشية في التاريخ كله. أما من ناحية الاستعمار وبناء الإمبراطوريات- أي من ناحية السلامة والثراء- فقد كان هذا الفتح حجر الزاوية في سيادة رومه التجارية والبحرية، فقد أضحت منذ تلك اللحظة هي المسيطرة على البحر الأبيض المتوسط، والمتصرفة في مصائره، وارتبط تاريخه بتاريخها أوثق ارتباط.

ومات في أثناء هذه الحرب من أشعلوا نارها تحوطهم هالة من النصر والفخار. فمات كاتوفي عام 149، وماسينسا في عام 148، وهجر الرقيب الطاعن في السن أثراً عميقاً في التاريخ الروماني. وظل الناس قروناً كثيرة يرون فيه الروماني النموذجي في عصر الجمهورية، واتخذه شيشرون في كتابه De Senectute المثل الأعلى للرجال، وحاول حفيد حفيده حتى يأخذ نفسه بفلسفته خالية من فكاهته، كما حاول ماركس حتى يتخذه نموذجاً له ينسج على منواله، وكان فرنتوFronto يهيب بالأدباء اللاتين حتى يعودوا إلى أسلوبه البسيط الخالي من الالتواء والتعقيد. ولكنه مع ذلك لم يفلح إلا في أمر واحد وهوتدمير قرطاجنة، أما مقاومته للهلينية ومحاولته حتى يمنعها من السيطرة على الحياة الرومانية فقد أخفق فيهما جميع الإخفاق، واستسلمت جميع نواحي الحياة الرومانية من أدب، وفلسفة، وخطابة، وفهم، ودفن، ودين، وأخلاق، وعادات، وملابس، استسلمت هذه كلها لتأثير اليونان. لقد كان كاتويكره الفلاسفة اليونان، ولكن حفيده الشهير كان يحيط نفسه بهم، وظلت العقيدة الدينية التي فقدها هوتضمحل رغم ما بذل من الجهود لإحيائها وأهم من هذا كله حتى الفساد السياسي الذي قاومه في شبابه أخذ ينتشر ويعظم حدثا زادت مخاطر المناصب الحكومية باتساع رقعة الإمبراطورية. وكان جميع فتح حربي حديث يزيد في ثراء رومه كما يزيد في فسادها ووحشيتها، وكانت قد كسبت جميع حرب خاضت غمارها عدا حرب الطبقات، وأزال تدمير قرطاجنة آخر عائق قائم في سبيل الانقسام والفتن في المدينة، وجوزيت رومه على تملكها العالم بثروات طاحنة وفتن صماء دامت قرناً من الزمان.


تبعات الحرب

الكثير من القرطاجيين قضوا بسبب التجويع أثناء الجزء الأخير من الحصار، بينما توفي الكثير الآخرون في آخر ستة أيام من القتال. وبانتهاء الحرب، فإن الخمسين ألف قرطاجي المتبقين، وهم جزء صغير من تعداد السكان قبل الحرب، بيعوا عبيداً.

The city was systematically burned for somewhere betweenعشرة and 17 days. Then the city walls, its buildings and its harbour were utterly destroyed and, according to an unsubstantiated 20th-century historiographical tradition, the surrounding territory was supposedly sown with salt to ensure that nothing would grow there again.

The remaining Carthaginian territories were annexed by Rome and constituted the المقاطعة الرومانية أفريقيا. مسقط قرطاج، لاحقاً، أعيد بناؤه كمدينة رومانية.

المصادر

  1. ^ Ridley, R.T., "To Be Taken with a Pinch of Salt: The Destruction of Carthage," Classical Philology vol. 81, no. 2 (1986).

وصلات خارجية

  • Delenda est Carthago
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:31:33
التصنيفات: Pages using deprecated image syntax, مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر, الحرب اليونيقية الثالثة, الحروب البونيقية, القرن الثاني ق.م.

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عواصف رملية تضرب جنوب «بيشة» وتقطع الكهرباء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:20
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 67%

البيت الأبيض: الفحوص تثبت سلبية إصابة «بايدن» بكوفيد

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:23:28
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 68%

حسين آل مشيط في ذمة الله - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:20
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 70%

أبها يتخلص من ورطة السويسري السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:29
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

19 ألف مخالفة للنقل البري والبحري السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:26
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

«جيد جدا» لرقية وسمية فايد في الثانوية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:21
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

135

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:23:20
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

الحكومة الجديدة.. فرصة أستراليا لتجديد العلاقات مع الصين

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:23:21
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

14 ألفا استفادوا من العمل المؤقت بالحج السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:25
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

سانتو يفتش عن بديل الموقوف السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:28
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

5 انبعاثات كربونية تكافحها المياه المحلاة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

آل الجميح يستقبلون المعزين في فقيدهم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:19
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

غرق وانهيارات منازل بنجران وجازان والضغط العالي يصعق شابا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

مجلس الأمن يعقد غدًا جلسة لمناقشة عدوان الاحتلال على غزة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:23:24
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

غياب تعاوني يثير الشكوك السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:30
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

الأخضر يغازل الثالثة والفراعنة أمام تاريخية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:28
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

السحب الجنوبية الغربية واعدة في الاستمطار السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:24
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

شكاوى العملاء توجب إغلاق مكاتب الاستقدام السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-08-07 00:22:23
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية