دولة الرفاه والدولة التنموية: أيهما نريد؟ «1- 2»


دولة الرفاه والدولة التنموية: أيهما نريد؟ «1- 2»

قصي همرور

قصي همرور

«تم النشر مسبقاً، عبر الوسائط، في 19 و20 أبريل 2022م»

قبل قليل، شاهدت بياناً باسم “تجمع أحياء أمبدة السبيل”، وهو بيان في مجمله إيجابي وفي خط لجان المقاومة الذي نؤيده. بيد أن هنالك شيئاً لفت انتباهي أكثر من المعتاد، وهو اختيارهم لصفة “دولة رعاية اجتماعية مدنية ديمقراطية” باعتبارها “الدولة البنحلم بيها” [نص البيان، وبوستر البيان، في التعليقات]. وفي إطار التفاكر المستمر نعتبر دي فرصة للحديث عن الفرق بين دولة الرعاية الاجتماعية، من ناحية، والدولة التنموية من ناحية أخرى، والسودان محتاج ياتو واحدة.

دولة الرعاية الاجتماعية، أو دولة الرفاه (welfare state) إحدى مخرجات تيار الديمقراطية الاجتماعية (social democracy)، وهو تيار يقع على التخوم بين الرأسمالية والاشتراكية.

في ندوة حول الديمقراطية الاجتماعية، في ديسمبر الماضي، ذكرنا أن “داخل تيار الديمقراطية الاجتماعية، هنالك اتجاه رأسمالي وهنالك اتجاه نحو الاشتراكية”. ومن الناحية العملية يمكن أن نقول إن دولة الرعاية الاجتماعية أقرب للرأٍسمالية المروّضة- أو الرأسمالية التي نحاول ترويضها- منها للاشتراكية.

بعض الأساتذة في الاقتصاد السياسي، مثل ديفد قارلاند (David Garland)، يؤكدون أن دولة الرفاه ليست معنية برعاية الفقراء وإنما بتقديم خدمات عامة وضمانات اجتماعية للطبقة الوسطى مدفوعة بالضرائب، وكما يقول كارل بولاني فإن دولة الرفاه وظيفتها توفير ترياق مؤقت للاهتزازات الاجتماعية والاقتصادية (والسياسية تبعاً لذلك) التي يسببها اقتصاد السوق، وليس توفير بديل حقيقي له. بعبارة أخرى: دولة الرفاه مهمتها جعل الرأسمالية أكثر كفاءة، وليس تجاوز الرأسمالية نحو الاشتراكية. مينارد كينز، أحد المهندسين الاقتصاديين لدولة الرفاه، كاد يتفق مع بولاني في ذلك الوصف.

أما الدولة التنموية (developmental state)، فهيكلها العام وبرنامجها الحوكمي الأساسي مربوط بالتنمية؛ وتعني تدخّل الدولة المباشر في أنشطة وخطط التنمية.

تقوم الدولة التنموية بالإمساك بدفة القيادة للاقتصاد بحيث تنظّم قوى البلاد وفق رؤية تنموية- تلك الرؤية تقول الدراسات ذات الصلة إنها عادة ما تكون معنيّة بتوسيع الفوائد التنموية لتشمل قطاعاً واسعاً من السكان وتبتعد عن تلبية مصالح فئات ضئيلة فحسب.

ورغم أن معظم نماذج الدولة التنموية في العالم تتبع خط “الاقتصاد المختلط” (mixed economy)- رغم أن بعضها يتسمّى بالاشتراكية، أو بالطموح للاشتراكية- إلا أن أهم معالمها القريبة من الاشتراكية هو توسيع الحصول على الفوائد التنموية وضبط قوى السوق حتى لا تطغى على الأهداف التنموية العامة.

وفق ما جاء عاليه، فنحن مع الدولة التنموية (وخاصة الدولة التنموية الديمقراطية) كإطار للدولة التي نريدها، ومع التنمية كمشروع وطني للتغيير. وفي الواقع نرى أن سؤال دولة الرعاية الاجتماعية سؤال مبكّر على السودان، لأننا حتى لو اخترنا دولة الرعاية الاجتماعية فذلك سيتطلب شروطاً ليست متوفرة اليوم في السودان، وهي شروط توطّن وتقدّم علاقات الإنتاج الرأٍسمالية وتقدم مستويات الاقتصاد العام وفقا لذلك.

تاريخ الخبر: 2022-04-22 00:22:25
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية