إذا كان العالم يريد تجنب أسوأ آثار تغير المناخ، فيجب أن يقترب صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الصفر بحلول عام 2050، مما يعني إزالة كميات من الكربون من الغلاف الجوي بنفس مقدار الكميات التي نضخها في الجو.

وتقيم شبكة BBC هذا الرأي الذي كان لعلماء الأمم المتحدة البارزين الذين حذروا من أننا في طريقنا إلى زيادة حرارة الكرة الأرضية بمقدار درجتين، وهذا سيجعل أجزاء كثيرة من الكوكب يصعب العيش فيها.

يقول العلماء إن الحلول الطبيعية مثل زراعة الأشجار وتقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه ستكون أساسية لتجنب الآثار الأكثر كارثية لتغير المناخ. لكن بالنسبة إلى بعض دعاة حماية البيئة هذا ليس الطريق الصحيح الذي يجب سلوكه.

احتجاز الكربون وتخزينه

تعد زراعة الأشجار إلى جانب تغيير أساليب الزراعة التي تحبس الكربون في التربة من بين الحلول الطبيعية لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بطرق بسيطة ورخيصة.

وقد ظهرت منذ سبعينيات القرن الماضي طرق تكنولوجية جديدة أسرع تُعرف باسم تقنيات تخزين الكربون.

وفي السياق ذاته تقول سامانثا ماكولوتش التي تقود وحدة التقاط الكربون وتخزيته في وكالة الطاقة الدولية: "توجد خيارات عديدة، والأكثر شيوعاً هو التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصادر الطاقة الصناعية التي تعمل بالوقود الأحفوري. ثم نقله عبر خطوط أنابيب أو سفن".

وتتضمن العملية حقن الانبعاثات في مركب امتصاص يحتوي على مذيب. يجري جمع ثاني أكسيد الكربون، بينما يجري إطلاق الغازات الأخرى.

ولفصل المذيب عن ثاني أكسيد الكربون يستخدم العلماء الحرارة. ثم تجري إعادة تدوير المذيب وتخزين ثاني أكسيد الكربون النقي في عمق الأرض في كهوف صخرية.

وتضيف ماكولوتش بأن "الطريقة الأخرى لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون هي إزالته من الغلاف الجوي مباشرة من الهواء".

وتتابع: "في كلتا الحالتين يجري تخزينه في تكوينات جيولوجية عميقة لإبعاده عن دورة الكربون التي تساهم في تسخين الكوكب".

التقاط الكربون.. تباين في الأراء

يشكك بعض دعاة حماية البيئة في عملية التقاط الكربون التي تركز على انبعاثات الوقود الأحفوري كحل سريع بدلاً من تقليل الانبعاثات.

وعام 2021 أجرت منظمة المناخ الدولية Global Witness بحثاً لتقييم ما إذا كانت التكنولوجيا قادرة على المساعدة في تحقيق هدف منع ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية.

وكان استنتاجهم أنه "لا يمكن الاعتماد عليها لتحقيق تخفيضات الانبعاثات العالمية في الموعد المحدد، ولكنها تستخدم أيضاً لاستخراج مزيد من النفط" كما يقول دومينيك إيغلتون، أحد كبار الناشطين في غلوبال ويتنس.

وبرأيه أن "أفضل طريقة لوقف الانبعاثات هي وقف حرق الوقود الأحفوري"

فيما يجادل العلماء بأنه إلى أن نحصل على مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع، تظل تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه عنصراً مهماً للانتقال إلى عالم خالٍ من الوقود الأحفوري.

ودعموا حجتهم في ذلك بالإشارة إلى أحدث وثيقة للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التي صدرت في وقت سابق من هذا الشهر، وأوصت باستخدام التكنولوجيا لإزالة ثاني أكسيد الكربون.

كما يرى آخرون أن إزالة ثاني أكسيد الكربون يعتبر في الواقع أحد الحلول القليلة لخفض الانبعاثات في مجال الصناعات الثقيلة، مثل الصلب والأسمنت والمواد الكيميائية، فلا يمكن تحقيق خفض الانبعاثات إلا من خلال تقنيات متطورة مثل احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.

كما يوضح دعاة احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون أيضاً أنه في بعض البلدان، لا تتوفر شروط الاستثمار في جميع أنواع الطاقات النظيفة. وبالنسبة إلى أولئك الذين لديهم انبعاثات عالية من الوقود الأحفوري يمكن أن يكون احتجاز الكربون وتخزينه ضرورة.

تقنية حديثة ومكلفة

يقول كريستوف بيتلر مؤسس شركة ClimeWorks التي تملك أول مصنع تجاري يمتص ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء: "لا تزال هذه التقنية حديثة، ومهمتنا بناء مراوح لإزالة الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه بشكل نهائي في الأرض".

وعلى عكس المرافق التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمصادر الوقود الأحفوري تصفي Climeworks الهواء المحيط بمصنعها.

ويضيف بيتلر: "تلتقط تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه الانبعاثات قبل دخولها الغلاف الجوي. ما نفعله هو التقاط ما هو موجود بالفعل في السماء".

يُنظر إلى التقاط الهواء بشكل مباشر على أنه أقل إثارة للجدل لأنه لا يرتبط مباشرة بالملوثات.

وعلى الصعيد ذاته تقول سامانثا مكولوتش: "التحدي الرئيسي أمام تقنية احتجاز الكربون هو تكلفتها. فهي تتطلب استثمارات كبيرة ليس فقط في مرافق الالتقاط ولكن في التخطيط والاستثمار في البنية التحتية لنقل ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. لقد شهدنا تقدماً ولكننا لا نزال في الأيام الأولى".

وينبه مؤيدو احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه إلى أنه حتى لو جرى تجديد أنظمة الطاقة وخفض الانبعاثات الجديدة بحلول عام 2030 أو 2040، فإن ثاني أكسيد الكربون القديم سيظل في الغلاف الجوي.

TRT عربي - وكالات