محمد الباز يكتب هكذا تحدث الرئيس «2»: «ففهمناها سليمان».. كلمة السر في حوار الرئيس عن حماية الدولة المصرية

فى إحدى جلسات «اسأل الرئيس»، التى أصبحت علامة من علامات حوار رئيس الدولة مع شبابها، وهى الجلسات التى تعقد ضمن فعاليات منتديات ومؤتمرات الشباب، جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى على الآية الكريمة «ففهمناها سليمان وكلًا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين». 

الآية رقم ٧٩ من سورة الأنبياء، توقف الرئيس من بين كلماتها عند «ففهمناها سليمان»... وكررها ثلاث مرات، فى إشارة واضحة إلى أن من يرزقه الله الفهم يستطيع أن يتغلب على كل ما يقابله من تحديات. 

هذه الآية تحديدًا كانت لها تجلياتها الواضحة فى اللقاء الذى أجراه الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الصحفيين والإعلاميين على هامش إطلاق إشارة بدء موسم حصاد القمح من توشكى. 

كان الرئيس يتحدث عن حماية الدولة المصرية، وعن الجهود التى بذلت بإخلاص من أجل أن تبقى الدولة، وهى الجهود التى تدفع الجميع للحفاظ عليها وصيانتها وعدم تعريضها للخطر مرة أخرى مهما كان الثمن. 

قال الرئيس بوضوح: ما جرى فى ٢٠١١ كان إعلان وفاة دولة، تم إجراء انتخابات وتم تسليم البلد لفصيل كمل عليها، وبعدين ربنا لحقنا، ربنا لحقنا مرتين، الأولى فى ٢٠١١ والتانية فى ٢٠١٣، ولا تزال التحديات مستمرة حتى الآن، وهى تحديات تحتاج إلى اصطفاف وطنى، والأمانة الوطنية والدينية والإنسانية تفرض علينا ذلك. 

كان ذلك كله تمهيدًا لكشف سياسى مهم وضعه الرئيس عبدالفتاح السيسى أمامنا. 

كشف سياسى يجيب عن تساؤلات كانت تؤرقنا خلال السنوات الماضية وعن اللحظة التى استطاع فيها الإخوان المسلمون أن يصلوا إلى الحكم، وهل كان هناك ما يمكننا أن نفعله حتى نحول بينهم وبين ذلك، لأننا نعرف جيدًا أنهم لن يحققوا نجاحًا، بل الفشل الشامل والعام والكامل ما ينتظرهم، بل سيكون وجودهم خطرًا كبيرًا على بنيان الدولة المصرية. 

قبل أن يقول الرئيس ما جرى، توقف عند الحكاية التراثية التى تجمع نبى الله داوود وابنه نبى الله سليمان فى جملة واحدة. 

تقول الحكاية التراثية إن شقيقتين اختلفتا على ولد صغير، كل منهما تقول إنه ابنها، ولما ذهبتا إلى نبى الله داوود واستمع إلى كل منهما مال إلى أن الأخت الكبرى التى كانت ألحن من أختها فى عرض حجتها هى الأم فحكم لها به. 

لكن نبى الله سليمان كان له حكم آخر، فقد طلب من الأختين أن تنتظرا قليلًا حتى يأتى بسكين ويقسم الطفل إلى نصفين، فتأخذ كل منهما نصفه، صرخت الأخت الصغرى عندما سمعت ما قاله نبى الله سليمان، وقالت: أعطه لأختى لا أريده، فأدرك أن الأخت الصغرى هى أمه، والدليل أنها تريد له أن يعيش حتى لو كان بعيدًا عنها. 

فى تفسير ابن كثير ظل لهذه الحكاية التراثية. 

يقول: وقريب من هذه القصة المذكورة فى القرآن ما رواه الإمام أحمد فى مسنده، حيث قال: حدثنا على بن حفص، أخبرنا ورقاء عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بينما امرأتان معهما ابنان لهما، جاء الذئب فأخذ أحد الابنين، فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى، فدعاهما سليمان وقال: هاتوا السكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها، لا تشقه، فقضى به للصغرى. 

قبل أن تعتقد أننى أبتعد بك عن الكشف السياسى الذى وضعه الرئيس أمامنا، ما رأيك لو تذكرنا معًا الحوار الذى دار بين المشير محمد حسين طنطاوى واللواء عبدالفتاح السيسى، مدير المخابرات الحربية، ومحمد مرسى الذى كان ينتظر إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، وهو الحوار الذى أذيع ضمن الحلقة الثامنة من مسلسل «الاختيار ٣». 

فى بداية الحوار قال المشير طنطاوى جملته الواضحة الحاسمة عن اللواء عبدالفتاح السيسى، فهو عنده «مش بس يؤتمن على الجيش.. ده يؤتمن على البلد بحالها».

ثم دار الحوار الذى هدد فيه مرسى وتوعد، وكان من بين ما قاله: 

«النتيجة متتغيرش، لأن دى إذا حصلت ليس لها من دون الله كاشفة، الموجة اللى موجودة موجة إضرام نيران لمن لا يقدر المسئولية، أنا لا أتمنى هذا ولا أريده ولا أوافق عليه». 

«بس اسمعنى علشان متجيش فى يوم من الأيام بعد يومين تلاتة أربعة نقول إن إحنا ضيعنا فرصة». 

«تغيير النتيجة سيؤدى إلى اضطرابات، ساعتها لا أنا ولا أنتم هتقدروا تمنعوها، ستتوجه الاضطرابات إلينا، ستمثل خطرًا حقيقيًا غير ١١ فبراير، أنا أرصد الواقع حضرتك، وأنا ناصح أمين». 

كان السؤال الذى راود المصريين جميعًا، هو:

كيف صبر المشير طنطاوى على محمد مرسى؟

كيف تحمله وهو يتجاوز كل الخطوط الحمراء فى الحديث مع قائد الجيش؟ 

كيف استمع إلى هذا التهديد كله دون أن يضعه فى حجمه؟ 

صحيح أنه كان يتحدث معه بحسم، ويرد على ما يقوله بمنطق وعقل وتعقل، لكن فى النهاية ما كان يجب أن يتحدث محمد مرسى وهو الذى كان لا يزال مرشحًا للرئاسة- فلم تكن نتيجة الانتخابات قد أعلنت بعد- بهذه الطريقة أبدًا فى حضور قيادات الجيش.

ما قاله لنا الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كان شاهدًا على هذا الحوار، يفسر ما جرى. 

يرى الرئيس أن المشير طنطاوى تعامل بحكمة المسئول عن الدولة، فعل مثلما فعلت الأم التى صرخت أمام نبى الله سليمان، وتركت ابنها ليعيش حتى لو كان مع أخرى.

يقول الرئيس نصًا: المشير طنطاوى عمل كده، قال خلوها تعيش، خلوها مع أى حد بس تعيش. 

ويضيف الرئيس: وأنا يهمنى إن مصر تعيش، مش أنا أعيش، أنا شايف مصر زى ما أنا شايفكم كده من ٤٠ سنة، والفرصة الوحيدة لحمايتها فى صبر وعمل ونكران ذات من أهلها. 

لقد أشار الرئيس السيسى كثيرًا إلى الدور العظيم الذى قام به المشير طنطاوى فى حماية البلد. 

قال إن المشير قال له إنه يشعر وكأنه يمسك بجمرة من النار فى يده، لا يستطيع أن يلقيها بعيدًا عنه، ولا يستطيع أن يبقيها فى يده. لكنه هنا وفى هذا الحوار مع الصحفيين والإعلاميين يشير لأول مرة إلى حدود هذا الدور الذى قام به المشير طنطاوى. 

كانت كل المؤشرات تشير إلى أن فشل جماعة الإخوان، التى حصلت على الرئاسة بعد فوز محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، حتمى ولا مهرب منه، لكن المشير طنطاوى ومن خلفه المجلس العسكرى اختارا أن يسلما السلطة طواعية، لأن هذا اختيار الناس، وما كان للجيش أن يقف أمام رغبة الشعب. 

هل كان يمكن للجيش المصرى أن يحجب السلطة عن الإخوان؟ 

هل كان يمكن له أن يمتنع عن تسليمها نزولًا على كل المؤشرات التى تقول إن الجماعة ومرشحها سيأخذان البلد إلى طريق مجهول؟ 

كان الجيش المصرى يستطيع أن يفعل أى وكل شىء، لكن ولأنه جيش وطنى وشريف وأمين على الدولة لم يفعل ذلك لأن الخسارة ستكون أكبر. 

كانت الجماعة ستسعى إلى تشويه صورة المؤسسة العسكرية، وكانت ستقوم بتأليب الرأى العام داخليًا وخارجيًا عليها، وكانت الدولة نفسها ستدخل فى حرب أهلية، ما كان لأحد أن يعلم مداها ولا تأثيرها ولا خطرها إلا الله. 

لقد أشاد بعض الزملاء خلال اللقاء بمسلسل الاختيار، وكانت الفكرة الأساسية التى دار حولها الحديث هى أهمية توثيق تاريخنا القريب الذى تسعى جهات أخرى إلى تزويره وتزييفه وتقديمه إلى الأجيال القادمة بالصورة التى تريدها هذه الجهات. 

كان تعليق الرئيس الوحيد- وهو ما يمكننا اعتباره تعليقه الأول على مسلسل «الاختيار ٣»، أن كل ما سمعه الناس على لسانه قاله نصًا، ولا توجد كلمة واحدة لم يقلها. 

يهتم الرئيس طول الوقت بانتقاء كلماته، شرح للجميع نفسه أكثر من مرة، وفى لقائنا معه قال: كلامى طوال الوقت مُنتقى بعناية، وذلك حتى أكون منتبهًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا». 

يعرف الرئيس أن كل كلمة يقولها سوف يحاسبه الله عليها، ولذلك يقول: متقلش كلام يعجب الناس، قول كلام يعجب ربنا. 

هذا الصدق يمكنك أن تستشعره بسهولة فى كلمات محددة قالها الرئيس بين سطور هذا الحوار، وأعتقد أنه من المهم أن نتوقف عندها. 

يقول الرئيس: 

■ إذا تحملت مسئولية وطن فعليك أن تتحمل. 

■ كلنا مع بعض من أجل وطن وليس من أجل نظام. 

■ الظروف الاقتصادية الصعبة أمر عارض وسينتهى. 

■ الوقت هو الخصم الأكبر لنا.. وليس أمامنا إلا الإنجاز لننتصر عليه. 

■ حديثى المتكرر عن ٢٠١١ ليس تحصينًا لأحد.. ولكنه توصيف لواقع عشناه جميعًا. 

تاريخ الخبر: 2022-04-25 21:20:53
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 18:08:58
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 72%

جامعة وجدة تطرد 8 طلبة طب مضربين وتمنعهم من التسجيل لسنتين

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 18:09:47
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

المنامة.. بوريطة يتباحث مع وزير الخارجية الكويتي

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 18:09:45
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 66%

البرلمان يدخل على خط تقرير الشامي الذي أغضب أخنوش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 18:09:06
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 81%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية