سيرورة التحسينِ في النظامِ الاقتصادِي اَلرَّأْسِمَالِيّ


أما فيما يتعلق بمقال اليوم، لطالما يدورُ في هذهِ الأيامِ أطروحاتٍ متعددة نحوَ تغييرِ أوْ بناءِ نظامٍ اقتصاديٍّ جديدٍ هذهِ الأطروحاتِ تلفتُ الانتباهَ إلى ما يواجهُ الاقتصادُ اَلْعَالَمِيّ منْ تحدياتٍ عميقةٍ عقبَ جائحةِ كورونا وقبلها وبعدها إشكالاتٌ عديدةٌ تتعلقُ بالتضخمِ والبطالةِ وسلاسلِ الإمدادِ والصناعاتِ وارتفاعِ أسعارِ السلعِ الأساسيةِ ومخاوفُ في الأمنِ اَلْغِذَائِيّ وانتشارِ الفقرِ في بعضِ دولِ العالمِ، السؤالُ الذي يطرحُ نفسهُ هلْ النظامُ اَلِاقْتِصَادِيّ اَلْحَالِيّ هوَ اَلْحَلّ الأوحدُ أمْ حانَ الوقتُ لنظامٍ آخرَ؟

عبرَ تاريخِ الفكرِ اَلِاقْتِصَادِيّ لمْ تعرفْ البشريةُ سوى نظامينِ اقتصاديينِ هما النظامُ اَلرَّأْسِمَالِيّ والنظامُ اَلِاشْتِرَاكِيّ فيما تطبقُ الصينُ حاليا نظاما مختلطا بينهما فمنذُ أنْ عرفَ الإنسانُ نظامَ المقايضةِ وحتى عصرنا الحاضرِ يبقى السوقَ ضمنَ أدواتهِ المعروفةِ العرضَ والطلبَ التي تشكلُ منهُ لاحقا النظامُ اَلِاقْتِصَادِيّ اَلْحَالِيّ وعلى الرغمِ منْ نشوءِ النظامِ اَلِاشْتِرَاكِيّ إلا أنهُ تلاشى وبذلكَ لا يزالُ النظامُ اَلرَّأْسِمَالِيّ هوَ النظامُ السائدُ وليسَ هناكَ ما يمكنُ خلقهُ لنظامٍ آخرَ بعيدٍ كُلّ البعدِ عنْ أَيّ منهما.

هزاتٌ وأزماتٌ..

منْ المسلماتِ الاقتصاديةِ أَنَّ النظامَ اَلرَّأْسِمَالِيّ تعرضَ لهزاتٍ عنيفةٍ وبدا في بعضها هشا إلا أنهُ الحقيقةُ أنهُ قابلاً للتطويرِ وقابلٌ لاستحداثِ مدارسَ فكريةٍ جديدةٍ داخلَ بوتقتهِ وهوَ ما نلمسهُ فعليا منذُ آدَم سِمِيث حتى المدرسةِ النقديةِ الحديثةِ فالقصةُ الاقتصاديةُ اليومَ لمْ تعدْ تغييرَ النظامِ اَلِاقْتِصَادِيّ بلْ هيَ كيفَ لنا أنْ نطورَ مفاهيمُ الاقتصادِ الحديثِ ليكونَ قابلاً لامتصاصِ وتجاوزِ الأزماتِ كيفَ لنا أنْ نخلقَ اقتصادا يسهمُ في تقويضِ مشكلةٍ عميقةٍ كالتضخمِ والبطالةِ؟

منْ جهةٍ أخرى هلْ الصينُ بما تمثلهُ منْ ثقلٍ اقتصاديٍّ عالميٍّ ولكونها تطبق النظامَ اَلِاقْتِصَادِيّ المختلطَ سيكونُ أحدُ أَهَمّ الخياراتِ العالميةِ نحوَ نظامٍ اقتصاديٍّ جديدٍ؟

الحقيقةُ منْ الصعبِ الإجابةِ على هذا التساؤلِ ذلكَ أَنَّ ما ينطوي على ذلكَ منْ تفاصيلَ هيَ أكثرُ تعقيدا في درجاتِ الاستجابةِ لِحَلّ المشكلاتِ الاقتصاديةِ كنظامِ منْ جهةٍ ومنْ جهةٍ أخرى تماسكَ النظامِ اَلرَّأْسِمَالِيّ منْ حيثُ التطبيقُ المتأصلُ بجذورهِ في النظامِ اَلِاقْتِصَادِيّ اَلْعَالَمِيّ مما يعتقدُ معهُ أنهُ باتَ كهويةٍ يصعبُ طمسها! بيدِ أَنَّ تقاريرَ صندوقِ النقدِ يشيرُ إلى أهميةِ حجمِ الناتجِ اَلِاقْتِصَادِيّ في رسمِ معالمَ جغرافيٍّ الدولِ السنواتِ المقبلةِ لا اقتصادها فقطْ حيثُ بلغَ حجمُ الناتجِ اَلِاقْتِصَادِيّ اَلْعَالَمِيّ 94 تريليونا دولار في 2021، وشكلتْ 4 دولٌ فقطْ، وهيَ أمريكا، والصينُ، واليابانُ، وألمانيا، أكثرَ منْ نصفِ اقتصادِ العالمِ وكانَ الناتجُ المحليُ الإجماليُ الاسميُ للولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وحدها أكبرُ منْ الناتجِ المحليِ الإجماليِ المشتركِ ل 170 دولةٍ وجاءتْ الصينُ في المركزِ الثاني منْ حيثُ الناتجُ المحليُ الإجماليُ الاسميُ، والذي بلغَ نحوُ 17 تريليونا دولار في 2021، ولا تزالُ الصينُ أكبرَ دولةً مصنعةً في العالمِ وهوَ ما يلفتُ الانتباهُ إلى أنَ الاقتصادَ الأمريكيَ لايزالُ هوَ الأقوى عطفا على أهميةِ الدولارِ وبقائهِ كعملةٍ عالميةٍ أولى.

سيرورةُ التحسينِ هيَ اَلْحَلّ ..

منْ اَلْمُهِمّ تعزيزُ سيرورةِ التحسينِ في النظامِ اَلرَّأْسِمَالِيّ فقوانين العرضِ والطلبِ هيَ العمودُ اَلْفِقْرِيّ الذي يرتكزُ عليهِ الاقتصادُ وعطفا على جميعِ المدارسِ الاقتصاديةِ الرأسماليةِ تبقى حريةَ تركِ الأسواقِ تعملُ وفقَ هذهِ الأدواتِ دونَ تدخلٍ وما يتوجبُ ذكرهُ أَنَّ النظامَ اَلرَّأْسِمَالِيّ عبرَ تاريخهِ وما تخللهُ منْ حروبٍ عالميةٍ إلا أنهُ عاشَ فتراتٍ ذهبيةً مزدهرةً تحققَ خلالها لكثيرٍ منْ اَلنُّمُوّ اَلِاقْتِصَادِيّ المستدامِ في الدولِ المتقدمةِ والناميةِ إلى جانبِ الدعمِ الذي قدمهُ في جانبِ المساعداتِ الإنمائيةِ وتحسينِ أوضاعِ البلدانِ الناميةِ وصولاً إلى تأسيسِ مجموعةِ العشرينَ والتي ترأستها المملكةُ في العامِ 2020 وأسهمتْ في الاستقرارِ اَلِاقْتِصَادِيّ وإعادةُ التوازنِ اَلِاقْتِصَادِيّ عبرَ العالمِ، أَنَّ قوانينَ العرضِ والطلبِ تشرحُ التفاعلَ بينَ البائعينَ والمشترينَ، وتحددَ كيفيةَ العلاقةِ بينَ منتجِ ما والطلبُ عليهِ وبينَ سعرهُ لذلكَ تعملُ الأسواقُ وفقَ ذلكَ فالأسعارَ بنهايةِ المطافِ تتحددُ منْ خلالِ ذلكَ كما أَنَّ هناكَ عددا منْ العواملِ المؤثرةِ في العرضِ والطلبِ مثل القدرةِ الإنتاجيةِ وتكاليفُ الإنتاجِ منْ عمالةِ وآلاتِ وَالْمَوَادّ الخامُ وعددُ المنافسينَ تتحكمُ بمقدارِ ما يمكنُ للشركاتِ إنتاجهُ.

كما يتأثرُ العرضُ بعاملِ الوقتِ، الذي يتطلبُ منْ الموردينَ الاستجابةِ السريعةِ للتغيراتِ في حجمِ الطلبِ على المنتجِ وبالتالي سعرهُ وصولاً إلى الاقتصادِ المتوازنِ الذي يحققُ ضبطَ العواملِ المؤثرةِ في العرضِ والطلبِ وفقَ قواعدَ أساسيةٍ منها أَنَّ الطلبَ يخلقُ العرضُ وليسَ العكسُ، وعندما تنخفضُ الأسعارُ، إما أنْ تقومَ الشركاتُ بتقليصِ العرضِ أوْ خفضِ تكاليفِ التشغيلِ للحفاظِ على هوامشِ الربحِ، أوْ تقليلِ الإنتاجِ.

منْ اَلْمُهِمّ أيضا تطويرِ هذهِ المدارسِ والأفكارِ والمفاهيمِ كأساسٍ للارتقاءِ بالنهضةِ والتنميةِ للمجتمعِ اَلْعَالَمِيّ وفقَ المصالحِ المشتركةِ المتوازنةِ والسلامِ وعلاقاتِ دوليةٍ آمنةٍ وتعايشٍ صائبٍ في نمذجةِ اقتصادياتِ السوقِ والعملِ وَالْحُكُومَة العالميةِ وربطها بالتطورِ التكنولوجيِ أكثرَ تفاعلاً وتماسكا في ظِلّ اَلنُّمُوّ اَلسُّكَّانِيّ المطرد والتغيراتُ الديموغرافيةُ والتهديداتُ العالميةُ منْ أزماتِ وأوبئةِ والجميلُ في هذهِ القصةِ أَنَّ العملَ جارٍ على تقويضِ التضخمِ الذي يشكلُ أكبرَ معضلةً عرفها الاقتصادُ المعاصرُ فقرارات اَلْفِيدْرَالِيّ التي رفعتْ منْ أسعارِ الفائدةِ تباعا سيفضي في نهايةِ المطافِ إلى كبحِ جماحِ التضخمِ وعودةِ وتيرةِ اَلنُّمُوّ وما نأملهُ هوَ أنْ تتضافرَ الجهود لحلّ النزاعاتِ والمشاركةِ الفاعلةِ في تقويضِ الأزماتِ الحاليةِ .

مجملُ القولِ : الاختلافُ الفكريُ الاقتصاديُ قديمٌ بقدمِ علمِ الاقتصادِ والذي بطبيعةِ الحالِ تداخلتْ معهُ اعتباراتٍ فلسفيةً وسياسيةً وتاريخيةً لكنَ النشاطَ الاقتصاديَ وعناصرَ الإنتاجِ ثابتةً منْ هنا نشأتْ المدارسُ الفكريةُ الاقتصاديةُ التي حملتْ معايير وظروفا اقتصاديةً مختلفةً تتفقُ جميعها على جوهرِ النظامِ الاقتصاديِ الرأسماليِ كحلٍ مثاليٍ للحياةِ الاقتصاديةِ والتي لا يمكنُ أنْ يعملَ أيَ نظامٍ اقتصاديٍ آخرٍ في معزلٍ عنْ ذلكَ .

*نقلا عن صحيفة "مال".

تاريخ الخبر: 2022-05-06 12:16:46
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 93%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:49
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 97%

الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:32
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 89%

زيارة شي إلى باريس يمكن أن تُسرّع حل الصراع في أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:30
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 96%

ارتفاع قياسي في درجات الحرارة بالمكسيك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:20
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 85%

حمام دم في رفح

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:31
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 94%

جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:33
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 85%

"أغلقوا نوافذكم".. الأرصاد المصرية تحذر من الـ24 ساعة القادمة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:23
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 100%

إصابة 8 أشخاص بقصف أوكراني غربي روسيا (صور+ فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:07:21
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 91%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية