تُواصل الجزائر الاحتفاء بأصدقاء ثورتها التحريرية (1954-1962)، من كل الدول والقارات، اعترافاً منها بالجميل الذي قدمته هذه الشخصيات من دعم وسند مادي ومعنوي، إذ تسعى السلطات إلى ترسيخ وتكريس هذه القيم والمبادئ الإنسانية لدى جيل ما بعد الاستقلال.
وعلى مدار يومين (17 و18 مايو) الجاري، احتضنت الجزائر الملتقى الدولي حول أصدقاء الثورة الجزائرية، وهو أوّل ملتقى يحتفي بالأجانب الذين خدموا الثورة الجزائرية، إذ حظي 54 من أصدقاء الجزائر يمثلون مختلف دول العالم، إلى جانب أساتذة وباحثين ومؤرخين، بتكريم رمزي من قبل وزارة المجاهدين الجزائرية (قدماء المحاربين).
وشارك في الملتقى شخصيات من مصر وتونس وليبيا والسعودية وفرنسا وسويسرا وتنزانيا والكونغو وكوبا وهولندا والشيلي وإيطاليا وإسبانيا ودول كثيرة أخرى، وقفوا كلهم في صف الثورة الجزائرية.
وفاء للنضالات
وتقول الجزائر على لسان مسؤوليها إنّها ستظل وفية لمناصري وداعمي الثورة التحريرية، الذين دافعوا عن مسيرة كفاح هذه القضية العادلة، إذ كسبت الثورة العديد من دعاة التحرر العالمي من القادة ورجال الفكر والثقافة، الأطباء، الصحافيين والمحاميين.
وحسب التصريحات الرسمية، فإنه سيتم تكريم كل أصدقاء الثورة التحريرية الجزائرية عبر مختلف قارات العالم، "نظير مواقفهم المشرفة ودعمهم للقضية الجزائرية العادلة"، كما جاء على لسان وزير المجاهدين (قدماء المحاربين) العيد ربيقة.
من هؤلاء؟
ومن بين هذه الشخصيات التي دافعت عن الثورة الجزائرية، أونريكو ماتيي أحد أبرز أصدقاء الثورة الجزائرية، الذي عُرف عليه تقديم دعمه الكامل والجدي لجبهة التحرير الوطنية والحكومة المؤقتة، من خلال تسهيل مهمة ممثلي الجبهة بإيطاليا وفتح المجال لها على مصراعيه في النشاط السياسي والدبلوماسي.
وكذلك نجد، فرانسيس جونسون وهو من مواليد مدينة بوردو الفرنسية سنة 1922 الحاصل على شهادة الليسانس في الفلسفة والأستاذية من جامعة السوربون، وزوجته كوليت، الكاتبة والمتخصصة في علم النفس، إذ ساهم بالعديد من الكتابات الخادمة لثقافة التحرر والرافضة لما للسيطرة الاستبدادية الكولونية.
وهناك أيضاُ، جان بول سارتر وموريس أودان، وهنري علاق، والمحامي الفرنسي والمناضل الثائر الراحل جاك فرجيس، الذي دافع عن المناضلة الجزائرية الكبيرة جميلة بوحيرد، وما يُعرف تاريخيا بـ"حملة الحقائب"، وهذا الاسم كان يطلق على نخبة من الفرنسيين انضمت لخدمة الثورة الجزائرية وهم شباب و شابات كانوا يجمعون التبرعات لصالح جبهة التحرير الوطني ويحملون هذه الحقائب المليئة بالأموال لإيصالها إلى أعضاء جبهة التحرير الوطني، عن طريق التنسيق مع ما تسمى بفيدرالية فرنسا (أعضاء جبهة التحرير الوطني في فرنسا).
ومع نهاية عام 2021، كرّمت الرئاسة الجزائرية صحافيَين إيطاليَين هما بييرو أنجيلا (92 عاماً) المقيم حالياً في روما، والصحافي بيرناردو فالّي المقيم في باريس لمساهمتها في تغطية ونقل صور وأحداث التظاهرات التي قام بها الشعب الجزائري رفضاً للاستعمار وتمسكاً بحقه في الاستقلال، في 11 ديسمبر عام 1960، حيث ومنح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وسام استحقاق ولقب "أصدقاء الثورة الجزائرية" إلى الصحافيين.
وسام أصدقاء الثورة الجزائرية، هو وسام جزائري أنشئ في 30 يونيو 1987 يمنح للشخصيات الأجنبية التي قدمت مساندة مادية ومعنوية فعلية لكفاح التحرير الوطني.
وتسعى الجزائر لتأسيس جمعية دولية لأصدقاء الثورة الجزائرية، بالإضافة إلى إنجاز معلم تاريخي يخلد أصدقاء الثورة وتسمية المؤسسات والأماكن العمومية بأسمائهم وإنشاء بنك معلومات ومنصة إلكترونية توثق سير ونضال أصدقاء الثورة الجزائرية، وهي من توصيات الملتقى الدولي الذي احتضنه الجزائر مؤخراً.