تمر اليوم ذكرى ميلاد أمينة السعيد، أحد أبرز أيقونات ورائدات الصحافة النسائية في مصر، والتي ولدت في مثل هذا اليوم الموافق 20 مايو الموافق 1914 بالقاهرة وسط أربع اخوات، درست اللغة الإنجليزية فى مدرسة شبرا وتعرفت فى الخامسة عشر من عمرها على هدى شعراوي التي تبنتها فى مرحلة الثانوية إلى أن التحقت بكلية الآداب عام 1931 في أول دفعة نسائية وكان عميدها طه حسين، وأثناء دراستها بالكلية عملت بالصحافة في مجلة الأمل، كوكب الشرق، آخر ساعة، المصور؛ لتصبح أول فتاة تعمل بالصحافة المصرية.

قالت الكاتبة الصحفية أمينة السعيد، بمقالها المنشور بالهلال تحت عنوان "أعترافاتي “: أعترف أنني كنت في طفولتي تلميذة كسولة أمقت الكتب، واستهين بالأوامر والقوانين، ولا أذكر أنني حفظت في ذلك العد درسا، أو أديت واجبا، أو فهمت شيئا مما يعلمه لنا المدرسون طوال السنة”.

وتتابع: “لم يكن كسلي غباء أو شبه غباء، بل كان نتيجة حتمية لظروفي الخاصة، فقد أدخلوني مرسة خاصة تقاس فيها مواهب التلميذة بمكانة أسرتها الاجتماعية، فوجدتني أجلس مقاعد السنة الأولى الثانوية، ولم أكمل نصف تعليمي الابتدائي بعد، كنت بحكم هذ الوضع أصغر الطالبات سنا وأكثرهن جهلا، واقلهن تمشيا مع المستوى العلمي الذي فرض علي، فرضيت بالأمر الواقع، اخترت أن أعيش بين زميلاتي في عالم مستقل بي لا تزعجني فيه دروس، أو تقلقني التزامات مدرسية”.

ارتبطت السعيد بالصحافة في فترة مبكرة جدا من حياتها، وتشير في اعترافتها "اتجهت إلى الصحافة، فأنشات مجلة من أوراق الكراريس، كنت أملا صفحاتها بأسخف القصص والأزجال والفكاهات، ثم أفرض على اختي الصغيرة قرءاتها، والويل لها إذا لم تشبع غروري الكاذب بعبارات الإعجاب والثناء! 

كان لوالدة أمينة السعيد دور كبير في ان تذهب إلى الكتابة، كما كانت تروي لها عن بطولات خالها الذي قتله الإنجليز خلال الثورة، ولعلها استوعبت الدرس في ضرورة أن يكون لحياة الإنسان معنى، وأن يعيش حياته بجسارة، وأن يتمسك بمعتقداته في عناد، وفتحت أمامها هذه النشأة فرص الدخول إلى الحياة والعمل الصحفي، فعندما رغبت في الكتابة في الصحف وجدت فكري أباظة خير عون لها، وقدم لها فرصتها الأولى للعمل، في دار الهلال، فهو رفيق والدها أيام الثورة.

رسالة لطه حسين

يقول الكاتب مصطفى نبيل عبر مقاله المنشور في الهلال "في إحدى رسائلها إلى دكتور طه حسين، والتي كانت من ضمن مجموعة رسائله لطه حسين، والتي كانت ضمن مجموعة رسائل وصلت العميد، واحتفظ بها دكتور أحمد حسن الزيات زوج ابنته، رسالة بالغة الأهمية تروي معاناتها في الولايات المتحدة الأمريكية بعد عدوان 1956 وتلقى الضور على الدور الذي قامت به من أجل التأثير على الرأي العام الأمريكي. وجاء في هذه الرسالة "شحنت فجأة إلى أمريكا، وجاء الأمر على غير تمهيد أو استعداد، فلم أدر إلا وأنا مسافرة بالطائرة وليس معي من متاع الدنيا والأخرة سوى إيماني بقضيتنا، وصدق نيتي في الدفاع عنها، وهذا الإيمان قد لا يطعم من جوع ولا يكسو من عري، ولكنه يعمر القلب بإحساس من البطولة أجد فيه الغنى عن كثير من الضرورات التي نسيت لفرط عجلتي أن أحملها معي من مصر.

وأنا هنا اقوم بواجبي كاملا ، فأتكلم بمعدل ثلاث مرات في اليوم، أحيانا في مجتمعات كبيرة، وأحيانا أخرى في التليفزيون والراديو.. وبجانب هذا كله احتمل نصيبي من بهدلة الصهاينة الذين لا يبخلون على بإخانة وإن عظمت، وكان بودى أطلق لساني على سجيته في الرد عليهم بما يستحقون، ولكن الموقف يلزمني بالتأدب رغم أنفي، وهي مهمة شاقة، إن كان أثرها بليغا في كسب المستمعين الأمريكيين".

رئاسة تحرير حواء 

تولت أمينة السعيد رئاسة تحرير مجلة حواء، لتصبح أول صحفية مصرية تتولى منصب رئاسة تحرير، وكان يصل توزيعها إلى 175 ألف نسخة، وكان دفاع أمينة عن المساواة بين الرجل والمرأة هو وقود كتاباتها، وتوفيت أمينة السعيد عام 1995.