مع تفاقم الحرب الروسية الأوكرانية عززت القيادة السياسية من خطتها لتيسير كافة السبل التي تحقق الاكتفاء الذاتي والإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية وهو هدف أساسي كان موضوع ويتم تنفيذه بخطى ثابتة بالفعل، ولكن دفعت هذه الحرب الأوضاع من وتيرة الخطة لتسير بخطى أسرع من معدلها الطبيعي حتى لا يتأثر المخزون الاستراتيجي بصعوبة استيراد السلع الاستراتيجية الأساسية.

وهو ما أكده الدكتور محمد معيط وزير المالية، في بيان له، أن الدولة عازمة على المضي في تنفيذ استراتيجية زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتحفيز الصادرات المصرية، وتعزيز تنافسية الحاصلات الزراعية بالأسواق الأوروبية.

يحيى متولي: مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بالتوسع الأفقي للأراضي الزراعية واستخدام التكنولوجيات الحديثة 
قال الدكتور يحيى متولي، استاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، إن أبرز السلع الاستراتيجية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل القمح والذرة والارز والفول والعدس، وتسعى القيادة السياسية إلى تخفيض الواردات المصرية من السلع الاستراتيجية من خلال زيادة مساحة الرقعة بالتوسع الأفقي، وهو ما يحدث بعد رجوعنا لزراعة توشكى من جديد وزراعة ١.٥ مليون فدان ناحية العلمين الجديدة، وزراعة ٥٠٠ ألف فدان في سيناء لزيادة المساحة المنزرعة أفقيًا.

وأوضح «متولي» في تصريح لـ«الدستور» وفي الوقت الحالي يتم الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة وتحسين أصناف التقاوي والمبيدات والاعتماد على الزراعة الحديثة والري الحديث كل هذه الأمور توفر لنا زيادة في الإنتاجية للمحاصيل الزراعية، مضيفًا أنه أصبح يتم زراعة بعض الخضر والفاكهة في الصوب الزراعية التي تعطي ما يقرب من ١٠ أمثال الحقل المكشوف، كل هذه الأمور تزيد من الإنتاجية الفدانية وتقلل الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك كي نقلل حجم الاستيراد.

وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن مصر لديها كل الامكانيات التي تؤهلها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية الزراعية، خاصة مع توجهها للزراعة بمحاصيلها في الدول التي تتوافر فيها المياه والتربة من خلال التعاقدات التي تتم لزراعة القمح وبعض المحاصيل مثل الذرة الصفراء والعدس والفول وبعض المحاصيل الاستراتيجية في البلاد المجاورة لنا في إفريقيا.

وذكر «متولي» أن السودان على سبيل المثال لديها الأرض الخالية التي يمكن أن نستغلها في زراعة الذرة خاصة أن أجوائها مناسبة لهذه الزراعة.

جمال صيام: زيادة إنتاجية الفدان تحقق الاكتفاء الذاتي المنشود بتحسين السياسات الخاصة بالمحاصيل الاستراتيجية الأساسية

وقال الدكتور جمال صيام الخبير الزراعي، إن مصر يمكن أن تصل إلى حد معقول من السلع الاستراتيجية وأبرزها مجموعة الحبوب من القمح والذرة والأرز التي نستوردها بدرجات مختلفة، وزيوت الطعام التي نستوردها بنسبة تصل لـ٩٠%، والسكر والبقوليات (الفول والعدس).

وأوضح «صيام» في تصريح لـ«الدستور» أن أكبر عجز نعاني منه هو زيوت الطعام، ونستورده بنسب تصل لـ٩٠ إلى ٩٥% في حين يمكن تحسين الأوضاع فيها من خلال زيادة نسبة إنتاجها وتقليل حجم الاستيراد ليقل إلى ٦٠% أو أقل من خلال تحسين السياسات الخاصة بزراعته، وكذلك القمح يمكن تحسين الأوضاع فيه بحيث نصل في تحقيق الاكتفاء الذاتي إلى ٦٠% فيما فوق ونستورد النسبة الأقل.

وأضاف أن الأرز لا يتم استيراده بنسبة كبيرة لأن مصر دولة مصدرة له ويمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي به بشكل كامل وتقليل الاستيراد، أما العدس فنستورده بشكل كامل ولا يتم زراعته لأنه غير مربح بالنسبة للمزارع وكذلك يتناقص إنتاج الفول لنفس السبب.
وذكر الخبير الزراعي أن القمح والبرسيم والبنجر يمكن تحقيق هذا الاكتفاء الذاتي فيهم لأن ربحيتهم مرتفعة جدا مقابل البقوليات من الفول والعدس التي يتجنب المزارعين زراعتهم، ولذلك يجب وضع سياسات خاصة لهم لإنقاذهم وتقليل حجم الاستيراد منهم.

وأشار إلى أن السياسات التي يمكن اتباعها من خلال رفع الإنتاجية الفدانية، حيث يمكن أن نرفع القمح إلى ٢٥ أردب للفدان بتحسين الأصناف والاعتماد على الإرشاد الزراعي، وكذلك الحال بالنسبة للذرة ليترفع إنتاجيته إلى نفس النسبة، أما زيوت الطعام التي هي فول الصويا والفول السوداني والسمسم ودوار الشمس والذرة وهي مجموعة الحبوب الزيتية.

وتابع: «هذه الحبوب تحتاج إلى سياسات لزيادة انتاجيتهم لتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم، فعلى سبيل المثال فول الصويا يمكن أن يُحمل على محاصيل أي يمكن زراعته على الأرض المنزرعة بمحصول آخر بحيث يتم زراعة محصولين في نفس الأرض وتقليل حجم الاستيراد المهول من فول الصويا».