منبــــر: كتاب عن محمد حرمل في الذكرى العاشرة لرحيله: من رموز اليسار التونسي محمد حرمل


نيرفانا ضمن سلسلة «منتدى التجديد» وهو من تأليف السيدين الحبيب رمضان ورشيد مشارك وقدّم له الأستاذ هشام سكيك الذي ثمن عمل مؤلفَيه مؤكدا «أن الجيل الحالي من الشّباب والأجيال اللاّحقة سيجدون في الاطلاع على حياة المناضلين القدامى ونضالاتهم واجتهاداتهم الفكرية والسياسية ما من شأنه أن يحثّهم على التعرّف على تاريخ نضالات من سبقهم من المناضلين التونسيين من أجل استقلال تونس و في سبيل الكرامة الوطنية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية للشعب التونسي».

وقد أراد المؤلفان من خلال عملهما المشاركة في احياء الذكرى العاشرة لوفاة إحدى الشخصيات التونسية التي أثرت بهذا القدر أو ذاك في تاريخ تونس المعاصر وخاصة منه تاريخنا القريب منا اليوم، وهو ما يطلق عليه المؤرخون اسم (تاريخ الزمن الحاضر أو الراهن). ومعلوم أن التأليف في هذا الجنس من الكتابة التاريخية ليس بالأمر الهين اذ يتضمن بالضروة الحديث عن مسيرة محمد حرمل، المناضل والقيادي بالحزب الشيوعي التونسي ثم بحركة التجديد منذ شبابه عندما انتسب الى الحزب الشيوعي وهو لا يزال تلميذا بالمعهد الصادقي وخاض معارك ونضالات وصراعات عديدة ومساهماته الفكرية وكتاباته وإضافاته كما يحتم أيضا على المؤلف تناول الظرفية التاريخية المعقدة التي مر بها المناضل محمد حرمل داخل حزبه ووطنه في ظروف تميزت بكثير من التقلبات والهزات والتغييرات الوطنية والدولية شديدة الترابط وما زالت في استمرار بحكم صيرورة التاريخ . وهنا كان اختيار المؤلفين واضحا حيث استعرضا مسيرة الرجل من خلال اسهاماته الفكرية منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي أي على مدار حوالي أربعين سنة.

حمل الكتاب عنوان «من رموز اليسار التونسي: محمد حرمل » وجاء هذا الكتاب في 263 صفحة من الحجم المتوسط وهو العنوان الثالث من سلسلة «منتدى التجديد للفكر التقدمي والمواطني» التي شرعت دار «نيرفانا» للنشر في تأثيثها منذ سنة بكتب ذات العلاقة بالفكر التقدمي بتونس. وقد احتوى الكتاب، على تقديم بقلم هشام سكيك ونبذه عن حياة محمد حرمل التي تواصلت من (1929 - 2011) و على أربعة أقسام.

جاء القسم الأول 49 صفحة وهو من تأليف رشيد مشارك وكان تحت عنوان: محمد حرمل والمساهمة في النضال من أجل الاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية واحتوى ثلاثة نصوص كانت تباعا : « محمّد حرمل والمساهمة في النضال من أجل الاستقلال والحرية والعدالة ألاجتماعية و « في معاني الذّكرى الأربعين لرفع الحظر عن الحزب الشّيوعي التّونسي (1981 - 2021) » وأخيرا « في معاني الذكرى المائة لانطلاق النشاط الشيوعي في تونس»، سعى المؤلف ابراز مدى مساهمة محمد حرمل في النهج السياسي للحزب الشيوعي ولحركة التجديد المتسم بالتطوير والتجديد الفكري والسياسي في قراءة الأوضاع السائدة وفهم تناقضاتها ووضع الحلول الممكنة، مؤكدا على الثوابت التي تتجلى عبر تلك الكتابات والتي لم يحد عنها حيث كان الانتماء الوطني في مقدمة اهتماماته واولوياته وذلك استئناسا بالمناهج العقلانية والحلول الواقعية والإيمان العميق بالمسألة الديمقراطية وكلها مبادئ أساسية في فكر الرجل واجه بها مختلف الازمات والتحولات الوطنية والعالمية وهو ما مكنه من اضافة اجتهادات جريئة في الفكر السياسي بتونس عموما وفي الأوساط اليسارية خصوصا. ومع أهمية العرض والاستناجات المقدمة من قبل رشيد مشارك حول الاضافات المتميزة لمحمد حرمل يبقى السؤال مطروحا حول علاقة ذلك التجديد الفكري والسياسي التي ميزت مسيرة المناضل بالارتباط بالمجال والإطار التاريخي الذي عاشه محمد حرمل في حزبه قبل وبعد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي التونسي المنعقد سنة 1957 والذي يعتبر بمثابة المحطة الحاسمة في «تونسة» الحزب الشيوعي وتأصيله النهائي في الواقع الوطني التونسي وطي «المرحلة الستالينة» وأيضا بالارتباط بعشرية حياة الهجرة التي قضاها محمد حرمل متنقلا بين باريس وبراغ وموسكو انتهاء بمرحلة تحمله الأدوار الأولى لحوالي أربعة عقود في تسيير الحزب الشيوعي التونسي ثم حركة التجديد؟

وحمل القسم الثاني عنوان « شذرات من مواقف ورؤى محمّد حرمل» وهو من إعداد السيد الحبيب رمضان -وجاء في 112 صفحة- حيث قدم مقتطفات عديدة من أقوال وتصريحات و مقتطفات من مقالات لمحمد حرمل قيلت أو كتبت خلال ربع قرن ( 1981 - 2005)، وقد بلغ عددها 130 تقريبا موزعة على 34 محورا شملت مسائل شتّى ذات الصلة بما هو مطروح في المجالات السياسية والاجتماعية الوطنية والعالمية مثل: الديمقراطية، اليسار، اليسراوية ، المعارضة،ألانتخابات ، التحالفات والعمل المشترك، التنمية، بورقيبة، الهوية، الشيوعية، الدين ، الاسلام السياسي، البلدان الاشتراكية ،فلسطين... الخ، وقد نبّه المؤلف منذ البداية إلى وجوب تنسيب كل قول بوضعه في إطاره الزماني والمكاني تفاديا لكل توظيف أو اخراج من السياق، أي وجوب الحفاظ على تاريخيته. و يطرح هذا القسم بدوره تساؤلات حول نسبة وأهمية المواضيع التي أخذت حيزا أكبر في الحياة السياسية والتي كان على حرمل أن يقدم أجوبة سياسية حينية حولها مقارنة مع كان يطرح في فترات سابقة حيث أننا نلاحظ طغيان الطابع السياسي اليومي الذي أصبح يحتل المكانة الأوفر أمام تراجع القضايا الايديولوجية كما أننا نرى اهتماما أكثر بمسائل مثل الاسلام السياسي والديمقراطية والتنمية في معناها الشامل في حين يتقلص الحديث عن الاشتراكية كمنهاج للتطور الاقتصادي.

وبما أن مناسبة صدور الكتاب ارتبطت بإحياء ذكرى الفقيد فقد فسح مؤلفا الكتاب المجال في القسم الثالث -الذي جاء في 27 صفحة- لعدد من رفاق محمد حرمل للتعبير عن علاقتهم به من خلال شهادات كتبوها عند وفاته (2011) أو بمناسبة الذكرى الأولى لوفاته (2012) وهم: السيدة لطيفة الأخضر والمرحوم صالح الزغيدي والسادة: بوجمعة الرميلي وبكار غريب وحبيب القزدغلي وهشام سكيك. وهذه الشهادات على أهميتها لا تمثل بطبيعة الحال إلا عينة من الآراء التي قيلت وكتبت حول مسيرة الرجل الذي أصبح شخصية وطنية وعمومية يتجاوز دورها فضاء تأثير حزبه .
وأخيرا جاء القسم الرابع في 55 صفحة متضمنا لعدد من الملاحق ظلت لحد الآن مخطوطة وهي وثائق داخلية للحزب الشيوعي التونسي ولحركة التجديد (تقارير، ورقات عمل الخ ...) كان محمد حرمل أحد الفاعلين الرئيسيين في بلورتها وصياغتها انطلاقا من النقاشات الداخلية الثرية والتي كان يحرص على التوليف بينها حرصا على الاضافة والتنوع قاطعا مع بعض المواقف الجامدة التي سادت في مراحل من تاريخ الحركة الشيوعية والتي عادت مع الأسف مؤخرا للظهور لتعصف بجزء من التراث التجديدي الذي ساهم محمد حرمل مع غيره في تكريسه. كما تضمن الكتاب عديد الصور تتعلق ببعض محطات من مسيرة الرجل السياسية وجزء من تلك الصور قدمها أحد افراد عائلة الفقيد للناشر كمساهمة في انجاز هذا العمل الأول حول مسيرة محمد حرمل.

هكذا كرم الحبيب رمضان ورشيد مشارك رفيقهما محمّد حرمل في الذكرى العاشرة لرحيله، عبر التعريف بجوانب من مسيرته الفكرية ساعيين عبر هذا الكتاب إلى الاشارة لبعض الجوانب إلى الأجيال الحاضرة والقادمة والتي يصعب الاتيان على كل اسهامات الرجل في مؤلف واحد ولكنهما نجحا في تقديم مظاهر عينات من اجتهادات أحد رجال تونس الوطنيين المخلصين ومن المفكرين اليساريين العقلانيين المجدّدين، وليؤكدوا أيضا، كما جاء في تقديم الأستاذ هشام سكيك «أن وطننا العزيز قد عرف على امتداد تاريخه العريق وبدون انقطاع ثلّة من المناضلات والمناضلين - منهم محمّد حرمل- كرّست حياتها لخدمته والدفاع عن حقوق شعبه ومستقبل شبابه و أن شرف هذه المهمّة يبقى ملقى باستمرار وبكل إلحاح على كاهل الأجيال المتعاقبة من بنات تونس وأبنائها».

ملاحظة : تم القاء هذا التقديم خلال موكب توقيع الكتاب من طرف المؤلفين الذي احتضنته مكتبة الكتاب بضاحية المرسى عشية يوم السبت 28 ماي 2022 والذي نظمه ودعا اليه كل من دار النشر نيرفانا ومنتدى التجديد وحضره الى جانب أفراد عائلة الفقيد عدد من أصدقائه وكذلك عدد من رفاقه ورفيقاته الذين عرفوه وعاشروه طيلة عقود من النضال.

بقلم: حبيب القزدغلي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة منوبة

تاريخ الخبر: 2022-05-30 15:19:36
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية