بالتزامن مع حظر روسيا إلى حد كبير من النظام المالي العالمي نتيجة للعقوبات الغربية واسعة النطاق رداً على هجومها على أوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي، توجهت الأنظار مباشرة نحو العملات المشفرة التي حذر بعض صانعي السياسات وخبراء غسيل الأموال من أنها يمكن أن توفر طريقاً خفياً للروس للحفاظ على ثرواتهم، فضلاً عن تحولها إلى سلاح بيد روسيا يمكنها من تجاوز العقوبات في بعض التعاملات الدولية.

وحسب موقع (Gadgets Now) الهندي، فقد نقلت وكالة أنباء (Interfax) الروسية عن مسؤول حكومي قوله، الجمعة 27 مايو/أيار، إنَّ روسيا تدرس السماح باستخدام العملة المشفرة في المدفوعات الدولية.

فيما قال رئيس قسم السياسة المالية بوزارة المالية إيفان تشيبسكوف: "نناقش بنشاط فكرة استخدام العملات الرقمية في المعاملات من أجل التسويات الدولية". يذكر أن المسؤولين الروس يصارعون من أجل تنظيم سوق العملات الرقمية في البلاد واستخدامها، وذلك رغم دعوات البنك المركزي لفرض حظر شامل عليها.

سلاح روسيا الجديد

عقب شهر من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، نشرت روسيا في مارس/آذار الماضي قائمة البلدان "غير الصديقة" التي تشمل بلداناً مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فيما قال رئيس لجنة الميزانية والضرائب بمجلس النواب الروسي، بافيل زافالني، إن "الدول الصديقة يمكنها دفع ثمن الغاز الطبيعي بالعملات المحلية". وأضاف: "إذا لزم الأمر يمكننا أيضاً التعامل بالبيتكوين في تجارة الطاقة".

وتشكل العملات المشفرة تحوطاً لـ 46% من مستثمري التجزئة الروس، ووفقاً للبيانات الحديثة، تمثل المعاملات الروسية سنوياً 5 مليارات دولار من العملات المشفرة. منذ الهجوم الروسي، ارتفع حجم المعاملات من الروبل إلى البيتكوين بسبب الخوف من انهيار الروبل. أما في الأسابيع الثلاثة ما بين نهاية مارس وبداية أبريل/نيسان، فوصل حجم تداول البيتكوين إلى أكثر من 15 مليار روبل.

وبالتالي قد تُمكِّن العملات المشفرة روسيا من الالتفاف على العقوبات إلى حد معين. على سبيل المثال، يمكن أن يكون غياب الوسطاء مثل البنوك والطبيعة الزائفة المجهولة للعملات المشفرة بمثابة وسيلة للالتفاف على بعض القيود المالية المفروضة على روسيا. يمكن للأفراد والكيانات إجراء معاملات غير قانونية أثناء إخفاء هوياتهم في مساحة التشفير.

تعدين العملات المشفرة

حذر صندوق النقد الدولي ومقره واشنطن في تقرير نشره منتصف أبريل الماضي من أن دولاً مثل روسيا وإيران قد تستخدم في نهاية المطاف تعدين العملات المشفرة للتهرب من العقوبات.

وقال صندوق النقد الدولي إن الخطر قائم من أن تستفيد الدول الخاضعة للعقوبات من موارد الطاقة الخاصة بها، والتي لا يمكن تصديرها، لتشغيل التعدين، وهي عملية كثيفة الطاقة للتحقق من صحة معاملات العملات. من خلال توسيع عمليات التعدين الخاصة بها، يمكن للحكومات أيضاً تحقيق إيرادات مباشرة من رسوم المعاملات.

وبينما تسببت الإجراءات المالية التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في قطع 70% من الشبكات المصرفية الروسية عن نظام (SWIFT)، وهي خدمة رسائل مالية دولية بين البنوك، حذر الخبراء من أن سماح روسيا باستخدام العملات المشفرة وسيلة لتسوية التجارة الدولية من شأنه المساعدة في مواجهة تأثير العقوبات الغربية التي جعلت وصول روسيا إلى آليات الدفع التقليدية عبر الحدود "محدوداً".

الولايات المتحدة تحذر

رداً على الهجوم الروسي، انهالت الولايات المتحدة ومعها حلفائها الغربيين بموجات عقوبات قاسية ومتعاقبة على روسيا بغية سحق الاقتصاد والروبل الروسي، شملت تجميد الأصول الأجنبية للبنك المركزي الروسي، وإخراج معظم المصارف الروسية من نظام سويفت البنكي، وهجرة عديد من الشركات الغربية من روسيا، وذلك بهدف ترك روسيا معزولة بشكل متزايد على المسرح العالمي.

وقال نائب وزير الخزانة الأمريكي والي أدييمو لشبكة (CNBC) الأمريكية، نهاية مارس الماضي، إن الولايات المتحدة ستحاسب أي جهة تسعى لمساعدة روسيا في تجاوز العقوبات الاقتصادية وسط هجوم الكرملين على أوكرانيا.

وأضاف أدييمو قائلاً: "لم نر حتى الآن أن روسيا كانت قادرة على التهرب من عقوباتنا بطريقة مجدية، لكننا نعلم أنهم يحاولون فعل ذلك ونعلم أنهم سيحاولون استخدام كل الوسائل الممكنة". واستشهد بالعملات المشفرة والشركات الوهمية غير الشفافة كوسيلة ممكنة يمكن لروسيا استغلالها لتجاوز العقوبات الاقتصادية.

TRT عربي