حاوره: أمين الركراكي

يرجع المحلل السياسي عادل بن حمزة، في حوار له مع “الأيام” غياب المغرب عن الأجهزة التقريرية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم لأسباب منها ما هو سياسي ومنها ما هو مرتبط بالرؤية المؤطرة لمدبري شؤون الرياضة وكرة القدم تحديدا. ويتطرق بنحمزة، الذي خبر التدبير الرياضي من بوابة نادي اتحاد الخميسات، لمجموعة من المحاور المرتبطة بعلاقة المغرب بالكاف تاريخيا والتحول الحاصل في المقاربة المغربية للحضور في أجهزة القرار سواء القارية أو الدولية.

في البداية، كيف تفسر الهجوم المصري الأخير على المغرب والكاف؟

> أعتقد أننا أصبحنا متعودين في السنوات الأخيرة على مثل ردود الفعل هاته خاصة من الجانب المصري، حيث أن المشرفين على كرة القدم المصرية لازالوا لم يستوعبوا حجم التحول الذي تعرفه أجهزة الكرة الإفريقية وطبيعة الحضور النوعي للمغرب، خاصة أن المصريين كان لهم حضور كبير على مدى عقود طويلة سواء في أجهزة التسيير المنتخبة أو في الأجهزة الإدارية بحكم تواجد مقر الكاف بمصر، لذلك ليس هناك تفسير لرد الفعل المصري سوى كونه يعكس حالة رفض للتغيير الذي يشهده الكاف وللحضور المغربي بصفة خاصة والذي يعكس اختيارا استراتيجيا واضحا وليس مجرد نهج مرحلي.

كيف تقيم علاقة المغرب وجامعة كرة القدم تحديدا مع الكاف تاريخيا؟

> المغرب كان غائبا عن المستويات التقريرية في الكاف رغم أن كرة القدم المغربية بصمت دائما على حضور قوي سواء في المسابقات الجارية الخاصة بالأندية أو في تمثيل القارة على المستوى الدولي. لا يجب أن ننسى أن المغرب كان أول بلد إفريقي حمل تحدي تنظيم كأس العالم، وكذلك يجب أن نتذكر أن المنتخب المغربي كان أول منتخب إفريقي يعبر إلى الدور الثاني من كأس العالم وذلك بالمكسيك سنة 1986 وأيضا الحضور اللافت لفريق الرجاء البيضاوي في كأس العالم للأندية من خلال مواجهته الكبيرة مع ريال مدريد أو لعبه النهائي ضد بايرن ميونخ. هذا دون الحديث عن النجوم المغاربة الذين تألقوا قاريا ودوليا بل حتى على مستوى التحكيم، وهنا أستحضر المرحوم بلقولة الذي أدار نهائي كأس العالم سنة 1998 بين فرنسا والبرازيل، لكن مع الأسف لم يكن الحضور المغربي في مستويات القرار يوازي حضوره على مستوى اللعبة، وقد أدت الأندية المغربية ثمن ذلك، لذلك يمكن القول إن العلاقة كانت متوترة لأن المسؤولين عن الرياضة في بلادنا لم يكن الحضور في دواليب الكاف يمثل لديهم أولوية.

كان المغاربة يشتكون دائما من غياب ممثلين لهم عن الأجهزة القارية. في نظرك ما هي أسباب هذا الغياب وهل دفعت كرة القدم ثمنا له؟

> كما قلت لك، نعم. أدت الأندية ثمن غياب المغرب عن أجهزة الكاف، بل لم يقتصر الأمر على الأندية إذ شمل أيضا الحكام والتقنيين، وأسباب ذلك تتمثل في كون صانعي القرار الرياضي لم يراهنوا على الحضور في الأجهزة التقريرية القارية، ويمكن تفسير ذلك بأسباب عميقة تتجاوز الرياضة وكرة القدم، إذ أن صناع السياسات العمومية في البلاد كانوا يستنسخون غياب المغرب عن منظمة الوحدة الإفريقية وبعدها الاتحاد الإفريقي للأسباب التي يعرفها الجميع في مجالات أخرى مثل الرياضة وما يدعم هذا التحليل هو أن حضور المغرب المتزايد على مستوى الكاف يوازي العودة الكبيرة للمغرب إلى المستوى المؤسساتي للأسرة الإفريقية عبر الاتحاد الإفريقي، لذلك يمكن القول دون تردد أن الأمر يتعلق بسياسة إفريقية متعددة المستويات وهي ذات طابع استراتيجي وليس ظرفيا أو عابرا.

بغض النظر عن ظروف النشأة والتأسيس. كيف تفسر سيطرة المصريين على منصب الكاتب العام لعقود؟

> هذه الوضعية تنسجم مع ثقافة كانت سائدة في كل ما يتعلق بمقرات الاتحادات والمنظمات القارية إذ أن ذلك المنصب يتم تفويته بصورة آلية لدولة المقر حتى تحافظ المنظمة أو الاتحاد على علاقة سلسة مع الدولة المحتضنة، زيادة على ذلك نعرف جميعا مستوى غالبية الدول الإفريقية قبل عقود خاصة عندما لم تكن جنوب إفريقيا حاضرة بقوة، بالإضافة إلى الوضعية التي تحدثنا عنها بخصوص المغرب، لذلك يمكن القول إن مصر كانت لفترة طويلة بدون منافس وربما هذا ما يفسر حالة الغضب التي يعبر عنها المصريون بين فترة وأخرى.

هناك من يفسر هجوم المصريين والتونسيين تحديدا على المغرب بفقدانهم السلطة في الجهاز القاري وهبوب رياح التغيير عقب رحيل عيسى حياتو. هل تتفق مع هذا الطرح؟

> هذا أكيد. ويمكن العودة إلى تاريخ البطولات القارية وكيف كانت الأندية والمنتخبات المصرية والتونسية تستفيد من حضور ممثليها على مستوى أجهزة الكاف، لذلك أجد تلك الهجومات تفتقد إلى الموضوعية لأنها تعبر فقط عن رفض للتغيير ولدمقرطة الأجهزة المسيرة للكاف.

وحتى وسائل الإعلام الجزائرية استغلت الحدث، كيف تفسر ذلك؟

> الإعلام الجزائري أصبح حالة مستعصية في السنوات الأخيرة وهو يعاني من متلازمة اسمها «المغرب»، مع الأسف، النظام الحاكم في الجزائر نزل إلى مستويات دنيا في هجومه على المغرب ومحاولة تصيد أي موضوع للإساءة إليه. وعلى كل حال نحن أمام إعلام يطغى عليه منطق البروباغندا وهو لا يغير شيئا في واقع الحضور المغربي على مستوى الكاف الذي تعزز في الأيام الأخيرة باختيار رئيس الكاف للسيد الحجوي لعضوية لجنة التنظيم بخصوص المسابقات القارية، أي أن تلك الحملات لا تغير شيئا على الأرض.

إلى أي حد أثرت السياسة على قرارات الكاف طوال العقود الماضية؟

> بلا شك، كان للسياسة حضور كبير. وهذا ما يسعى الحضور المغربي في أجهزة الكاف للحد منه، لأنه في النهاية الأمر يتعلق بالرياضة وليس بالمناكفات السياسية، ومنطق التاريخ في صف المغرب، فالرياضة لم يعد بمستطاع الأنظمة الشمولية توظيفها كما كان عليه الأمر في العقود السابقة.

هل كان لعودة المغرب للاتحاد الإفريقي تأثيره الواضح على المكانة التي يحتلها في الكاف والفيفا حاليا من خلال تواجد فوزي لقجع؟

> تماما، وقد أوضحت ذلك في جواب سابق، فالمغرب له تصور واضح لحضوره على المستوى الإفريقي، هذا الأمر يظهر بقوة في كرة القدم لكنه بالتأكيد يتجاوز ذلك إلى مستويات أعمق وأكثر أهمية، بالتأكيد في حالة فوزي لقجع هناك أمر يتعلق بطبيعة الشخص وقدرته الذاتية، لأنه رغم الإمكانيات المرصودة فإنه في حالة تواجد الشخص الخطأ لم يكن بالإمكان جني النتائج التي تحققت، لذلك يجب إنصاف الرجل لأنه قام ويقوم بعمل كبير واحترافي يشرف المغرب قاريا وعالميا.