يبدو أن حكومة عزيز أخنوش، بتحالفها الثلاثي “الأحرار والأصالة والمعاصرة، والاستقلال” يطرق بقوة أبواب الخلافات الداخلية، رغم محاولات التكتم عنها والنأي بالتحالف بعيدا عن حالة الانسجام، كما أبانت عليه حكومة سعد الدين العثماني. لكن هذا لا يعني أن الأحزاب الثلاثة تعيش في كنف الحكومة في هدوء، وإن ما يطفو من تناقضات في ملفات بعينها على غرار برنامج فرصة أو ارتفاع أسعار المحروقات وأزمة كتاب الدولة، يقول قائل قد ينسف الأغلبية.
ملفات ثلاث وغيرها كثير، تتجه لإحداث اختلال في ميزان الحكومة، وترجيح وفق متابعين كفة وزراء على حساب آخرين، ما خلف ارتدادات تجاوزت التحالف إلى المعاقل الحزبية المكونة له، من خلال ظهور انشقاقات أو ما يسمى بحركات تصحيحية وتيارات ترى أن قياداتها “وقعت شيكا على بياض لرئيس الحكومة عزيز أخنوش لتصدر المشهد واحتكار تنزيل الملفات الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي سحب البساط من تحت أقدام زعيمي الأصالة والمعاصرة والاستقلال”.
جدل برنامج فرصة
أثار تكليف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وزيرة من حزبه مكلفة بقطاع السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بمهمة تنزيل برنامج“ فرصة”، الذي يهدف إلى مواكبة وتمويل 10.000 حامل مشروع، جدل في وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات التي يقود دفتها يونس السكوري المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان يستعد لقيادة هذا المشروع.
جدل برنامج فرصة، قال عنه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي أنه لا يتفق مع تكليف وزيرة السياحة بتنزيل المشروع، وقرار أخنوش أثار ملفات كثيرة داخلية الحكومة، لكنه عاد ليؤكد أنه ليست له الصلاحية لتحديد الوزير المعنى بتنفيذ المشروع، فالأمر بالنسبة له يعود في نهاية المطاف إلى أخنوش بصفته قائدا للتحالف وأنهم ليسوا إلا مرؤوسين.
هذا الإسناد فجّر داخل حزب الأصالة والمعاصرة، غضبا كبيرا بلغ حدّ ولادة حركة تصحيحية، التي وجهت نقداً لاذعاً لممارسات رئيس الحزب الحالي ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، حيث رفض ما وصفه ب “مواقف الأمين العام وموافقته على بعض القرارات كشريك سياسي ضمن الحكومة، سيدفع الحزب ثمنها”.
لم يقف الأمر عند معارضي الرئيس الحالي للحزب، فإن الغضب طال أعضاء المكتب السياسي الذين اعتبروا إسناد هذا البرنامج “الاجتماعي” لغير الوزير المعنى بالإشراف عليه يعني حرمان الحزب من العائد السياسي.
أسعار المحروقات
يشكل موضوع ارتفاع أسعار المحروقات، القضية الجوهيرية التي تطوق عنق أشغال الحكومة، إذ لا تبدو أي مؤشرات استقرارها بادية، إضافة إلى تداعياتها على سلسلة الإنتاج التي تدخل في تماس مع عيش المواطنين. هذا الموضوع أثار نار الخلافات الداعية إلى عودة المحروقات إلى صندوق المقاصة ورافض لهذا المقترح.
نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، تقول، إن ميزانية المغرب لا تسمح بدعم المحروقات بعد أن وصل سعر البنزين إلى 16 درهما للتر الواحد، والغازوال إلى 15 درهما، مشيرة إلى أن“ الحكومة قررت دعم قطاع النقل، لأنه قطاع أفقي وأول مستهلك للمحروقات، ولديه أثر على جميع المنتجات الأخر، كما أن دعم قطاع النقل شمل 180 ألف عربة، وهو ما كان له أثر على تخفيف التضخم”.
من جهته، فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، يعتبر أ، ه “إذا أردنا العودة إلى نظام المقاصة علينا أن نقرر وفقاً للدستور إلغاء الاستثمار في البلاد وإلغاء السياسة الصحية والتغطية الاجتماعية، كما لن نجد ما نمول به السياسة الأمنية، وآنذاك سندعم المحروقات ونحافظ على أسعارها”، مضيفا أنه “ليس من الممكن أن نضع كل القدرات المالية للدولة لحل وضعية طارئة على حساب مصلحة المغاربة في التنمية، وفي إنجاز المشاريع الكبرى التي ينتظر منها تحسين حياة المغاربة على مختلف الأصعدة”.
تصريح لقجع سرعان ما سيتفاعل معه، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الذي أكد ما قاله الوزير المنتدب المكلف بالميزانية لا يعني الحكومة، التي لم تتخذ أي قرار في الموضوع. ما يؤكد يؤكد وفق مراقبين أن حالة الانسجام تبدو غائبة داخل مكونات الأغلبية.
هل “الاستقلال” ضحية التحالف؟
تعتبر قيادات من داخل حزب الاستقلال، أن حزبا يهيمن على المناصب وعلى تنزيل البرامج الاجتماعية، ما دفع بحزبهم إلى هامش التحالف وتبالتالي تحجيم لدوره في الاضطلاع بمسؤوليات أكبر.
وما يزيد من حدة الوضع، ما يروج مؤخرا حول قرب إجراء تعديل حكومي بإضافة كتاب الدولة الذي يعول عليه حزب الاستقلال من أجل شغل مناصب أخرى، لكن هذه الرغبة تصطاد بأخرى لدى الأحرار والأصالة والمعاصرة في إضافة مقاعد أخرى. علاوة على إلغاء المحكمة الدستورية مقعداً برلمانياً لصالح رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، والقيادي التاريخي في الحزب، نور الدين يمضيان، الذي كان مرشحاً للالتحاق بالحكومة ككاتب دولة.
