قدرة التمييز بين الخير والشر
قدرة التمييز بين الخير والشر
الصراع بين الخير والشر قائم منذ الأزل ومستمر, ولن يستطيع أحد القضاء عليه, فمنذ أن وجد الإنسان علي الأرض وجدت معه قوتان هما الخير والشر وهما أساس تكوين الطبيعة البشرية, فبعد سقوط آدم أصبحت الطبيعة البشرية مشوهة تصارع بين الخير والشر بين طاعة الله والسير معه وبين المعصية والبعد عن الله… الدكتورة ماري جرجس كتبت في مقال بهذا العدد تحت عنوان هيهات ياعرفات إن رحلة الإنسان تبدأ منذ الأزل وإلي قيام الساعة وهو يترنح بين الخير والشر, بين الفضيلة والخطيئة, بين الطاعة والمعصية, بين الثواب والعقاب.
قوة الخير تعود دائما إلي الله, أما الشر فهو صنيعة الشيطان إبليس, وبما أن الله هو الخالق لكل شيء, لذا تؤكد جميع الأديان أن الشر هو لامتحان البشر علي الأرض, ومقياس ثباتهم دينيا وأخلاقيا ودرجة قربهم أو بعدهم عن الله. أم لو ألقينا نظرة من زاوية علم الاجتماع سنري ثمة شبه إجماع علي أن طبيعة الإنسان وسلوكه يخضعان لعدة عوامل بيئية واجتماعية تساهم في تكوين شخصيته وتحديد سلوكياته, منها عوامل وراثية وتربوية واجتماعية, تؤثر وتتأثر بالمحيط الاجتماعي والبيئي الذي يولد ويرعرع فيه الشخص, فهو يولد بالفطرة علي الخير ولا يوجد إنسان شرير بطبيعته, وإنما تتولد لديه نزعة الشر نتيجة للظروف المحيطة به, يتعرض لها في الكثير من الأحيان بمعزل عن إرادته فتتبلور تأثيراتها في حياته وسلوكياته, وبما أن الإنسان هو الوحيد المخير فيمكنه أن يختار الخير أو الشر بكامل إرادته إلا أنه ينبغي القول بإن ما نختاره نحن من خير أو شر هو ليس مطلقا, فخياراتنا الإرادية وغير الإرادية تكون نسبية.
وما نشهده اليوم من أفعال شريرة مثل حروب ودمار وقتل وقهر وظلم واعتداءات هو نتيجة لخيارات بشرية متأثرة بنزعات الشر, ونجد بالمقابل جبهة الخير التي تضم أناسا طيبين يحملون الحب والخير والسلام والتعاون والألفة والمحبة للغير.
كما أنه ليس من الضروري أن يكون كل من يعمل الخير مؤمنا وليس كل من يعمل الشر كافرا, لأن الإيمان علاقة خاصة بين الإنسان والله ولا علاقة له بتنظيم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان, فهناك أناس لا يؤمنون بعقيدة دينية محددة إلا أنهم يؤمنون بأصالة الإنسان وقيمته في ذاته… كما أذكر قول مأثور للكاتب النرويجي جوستاين غاردر إن القدرة علي التمييز بين الخير والشر تكمن في عقل الإنسان, لا في المجتمع.
[email protected]