ولفت السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف إلى الوضع المحيط بالأسمدة الروسية، حيث تشجع واشنطن سرًا عمليات الشراء «الرمادية» التي تقوم بها الشركات الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذه الحالة مؤشر على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تحمل القيود التي فرضتها بنفسها، ولا يمكنها إيجاد مخرج من عواقب الإجراءات التي تهدف إلى الإضرار بموسكو.
وقالت وكالة «بلومبيرغ» نقلًا عن مصادر مطلعة في البيت الأبيض: إن «حكومة الولايات المتحدة تشجع الشركات الزراعية وشركات الشحن على شراء وشحن المزيد من الأسمدة الروسية بشكل متكتم، بعد أن أدت المخاوف من العقوبات إلى انخفاض حاد في الإمدادات الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف الغذاء العالمية».
عزل الغرب
وقال السيناتور الروسي بوشكوف على حسابه بموقع «تليجرام»: إن «محاولة عزل أنفسهم عن روسيا مكلفة بالنسبة للغرب، لقد فهموا ذلك بالفعل، لكنهم يخشون الاعتراف بذلك، ويتم استخدام المخططات الرمادية ضد عقوباتهم».
وكان الغرب قد صعَّد ضغط العقوبات على موسكو بعد بدء العملية العسكرية التي تصفها موسكو بالخاصة في أوكرانيا، وأعلنت بعض الدول عن تجميد الأصول الروسية، وغادرت العديد من الشركات التجارية البلاد، كما وافق الاتحاد الأوروبي على ست حزم من العقوبات، والتي تشتمل بشكل خاص على التطبيق التدريجي للحظر على واردات الفحم والنفط.
ووصف الكرملين تصرفات الغرب بأنها حرب اقتصادية لا سابق لها، فيما يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن سياسة احتواء وإضعاف بلاده، هي إستراتيجية طويلة الأمد بالنسبة للغرب، مشددًا على أن العقوبات وجَّهت ضربة خطيرة للاقتصاد العالمي برمته، والهدف الرئيس للولايات المتحدة وأوروبا يتمثل في الإضرار بحياة الملايين من الناس.
من ناحية أخرى، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أن واشنطن تأمل في انتهاء الأوضاع القائمة في أوكرانيا من خلال المفاوضات.
وقالت في إفادة صحفية دورية: إن «الولايات المتحدة تأمل أن يكون المخرج من الوضع القائم في أوكرانيا هو المفاوضات، لكنها لا ترى أن روسيا مستعدة لهذا الأمر»، وأضافت إن واشنطن ستستمر بدعم كييف «حتى تتأكد من أن أوكرانيا بوضع أفضل في حال حان وقت المفاوضات».
وعن طلب أوكرانيا الانضمام السريع إلى الاتحاد الأوروبي، أوضحت جان بيير، أن «واشنطن لن تتدخل في هذا الأمر لأنه شأن أوروبي تقرره بروكسل».
في المقابل، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من الدعم من الغرب في الحرب ضد روسيا.
كسب الحرب
وقال زيلينسكي في مقابلة مع صحيفة «دي تسايت» الألمانية الأسبوعية نشرتها، أمس الثلاثاء: «يجب أن نفعل الكثير معًا لكسب هذه الحرب»، مضيفا «إن بلاده تحتاج على وجه الخصوص إلى المزيد من المدفعيات الحديثة، مثل قاذفات صواريخ متعددة أطول مدى وأنظمة شبيهة»، وعن الجدل حول مدى الدعم المقدم من الحكومة الألمانية، قال زيلينسكي: إن عمليات تسليم الأسلحة من ألمانيا «لا تزال أقل مما يمكن أن تكون».
وعلى الصعيد ذاته، ذكر أمين عام حلف شمال الأطلسي «ناتو» ينس ستولتنبرج خلال اجتماع مع رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون، أمس الأول الإثنين، أنه جرى إحراز تقدم في الخلاف بين تركيا والدولتين اللتين قدمتا طلبات للانضمام للناتو فنلندا والسويد.
وأضاف: «هناك خطوتان مهمتان للتصدي لمخاوف أثارتها تركيا».
كما أعطت ماجدالينا تأكيدات أن قوانين الإرهاب السويدية تغيرت في العامين الأخيرين وسوف يستمر تعديلها.
وقالت: إن السويد تتخذ مخاوف أنقرة على محمل الجد «ليس أقلها مخاوفها الأمنية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب».
في غضون هذا، نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها، أمس الثلاثاء: إنها عرضت على المقاتلين الأوكرانيين الذين يحتمون في مصنع «آزوت» للكيماويات في بلدة سيفيرودونيتسك بشرق أوكرانيا فرصة الاستسلام اليوم الأربعاء.
وقالت الوزارة: إن أوكرانيا طلبت من روسيا إنشاء ممر آمن لمساعدة المدنيين على مغادرة المصنع، بعد تدمير جميع الجسور التي تربط سيفيرودونيتسك بالأراضي التي تسيطر عليها كييف.
وأوضح رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني الروسي ميخائيل ميزينتسيف أن «الإجلاء آمن لجميع المدنيين دون استثناء وضمان نقلهم ضمن القوافل الإنسانية إلى مراكز الإيواء المؤقت».
ضابط يوجه السكان المغادرين من بلدة بريفيليا بمنطقة لوجانسك مع تصاعد القتال (رويترز)
ممر إنساني
وفيما يخص طلب كييف بفتح ممر إنساني إلى ليسيتشانسك، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أنه محاولة لسحب المسلحين المحاصرين في مصنع «آزوت» تحت ستار عمل إنساني حسب «سيناريو ماريوبول»، وقال ميزينتسيف: «نظرًا لحالة اليأس التي تنتابهم جراء وضع المسلحين المحاصرين، فإننا نعتبر نداء الجانب الأوكراني لإنقاذ المدنيين المزعوم (إلى ليسيتشانك) محاولة لسحب الوحدات المسلحة المتبقية من الحصار، وبالتالي، هناك كل الدلائل على تكرار سيناريو ماريوبول»، حسبما قال.
وفي منطقة تشيرنيهيف الأوكرانية قصفت روسيا مستودع أسلحة مدفعية بصواريخ كروز من طراز كاليبر.
كما ذكرت وكالة تاس للأنباء أن قوات الدفاع الجوي الروسية أسقطت طائرة مقاتلة أوكرانية من طراز ميج-29 وطائرة هليكوبتر من طراز مي-24.
وداخل روسيا، قال حاكم بريانسك: إن أربعة أشخاص أصيبوا، أمس الثلاثاء، في قصف بلدة بالمنطقة المتاخمة لأوكرانيا.
ووقع الحادث في بلدة كلينتسي، التي تقع على بُعد حوالي 50 كيلو مترا من الحدود الأوكرانية.
وقال حاكم المنطقة ألكسندر بوجوماز «تضرر عدد من المنازل وأصيب أربعة أشخاص، وفقًا للمعلومات الأولية».
ونشر سكان على مواقع التواصل الاجتماعي لقطات مصورة لطائرة هليكوبتر عسكرية روسية تحلق فوق البلدة بعد القصف وأفادوا بقطع الكهرباء والماء.
وأبلغ المسؤولون في المناطق الروسية المتاخمة لأوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية عن قصف عبر الحدود دمر مباني سكنية وأصاب بعض الأشخاص.
ولقي خمسة أشخاص على الأقل حتفهم، أمس الأول الإثنين، في منطقة دونيتسك الانفصالية المدعومة من روسيا، فيما قال مسؤولون انفصاليون: إنه تصعيد في القصف الأوكراني.
وأفاد مسؤولون انفصاليون ووكالات أنباء روسية بوقوع عدة ضربات بالمدفعية الأوكرانية، بما يشمل قصف سوق، وذكرت وكالات الأنباء الروسية في وقت لاحق أن قذيفة سقطت على مستشفى للولادة في مدينة دونيتسك، مما أدى إلى اندلاع حريق ودفع الموظفين إلى نقل المرضى إلى الطابق السفلي.
حشد روسي
وقالت وكالة «تاس» الروسية الرسمية للأنباء: إن مسؤولين انفصاليين أبلغوا عن مقتل خمسة، وتعهّد الزعيم الانفصالي في دونيتسك، دينيس بوشلين، بحشد المزيد من القوات الروسية لمواجهة أوكرانيا.
وذكرت وكالات روسية أن طفلا بين القتلى وأن 22 شخصًا على الأقل أصيبوا.
وقالت وكالة الإعلام الروسية «بفضل التحرك السريع للموظفين، لم تقع إصابات».
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: إن المسؤولين اطلعوا على التقارير عن الهجوم على المستشفى.
وقال دوجاريك: «هذا مقلق للغاية، أي هجوم على البنية التحتية المدنية، خاصة المرافق الصحية، هو انتهاك واضح للقانون الدولي».
وعرضت وكالة «دونيتسك» للأنباء في وقت سابق صورًا لأكشاك محترقة في سوق «مايسكي» والعديد من الجثث على الأرض.
ونفت أوكرانيا مرارًا تنفيذ أي هجمات على منطقتي دونيتسك ولوجانسك، حيث استولى الانفصاليون على مساحات شاسعة من الأراضي في 2014.
وتقول أوكرانيا وداعموها الغربيون إن روسيا تشن حربًا غير مبررة على دولة ذات سيادة.
وتنفي روسيا استهداف مواقع مدنية في عمليتها العسكرية رغم أن التوغل تسبب في سقوط آلاف الضحايا وتدمير بلدات أوكرانية بأكملها.
من جانبه، قال الكرملين، أمس الثلاثاء: إنه من «المؤكد» أن القادة الانفصاليين المتحالفين مع روسيا في منطقة دونباس سيكونون مستعدين للاستماع إلى طعن بريطانيا على حكم بالإعدام صدر ضد مواطنيين لقتالهما من أجل أوكرانيا.
وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في حديثه إلى الصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف أن لندن لم تتصل بموسكو بشأن القضية.
وحكمت محكمة في جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية بشرق أوكرانيا الأسبوع الماضي على البريطانيين أيدن أسلين وشون بينر والمغربي إبراهيم سعدون بالإعدام لارتكابهم «أنشطة مرتزقة».
وتنفي عائلاتهم أن الثلاثة، الذين تعاقدت معهم القوات المسلحة الأوكرانية، كانوا من المرتزقة، ولا تعترف أي دولة سوى روسيا باستقلال جمهورية دونيتسك الشعبية.
