يعود الخلاف الأوروبي البريطاني بشأن التجارة عبر أيرلندا الشمالية مجدداً إلى واجهة الحدث الدولي، بعد أن عمدت الحكومة البريطانية بشكل أحادي إلى إقرار تعديل على اتفاق ما بعد "بريكسيت"، على وجه التحديد "بروتوكول إيرلندا الشمالية".

قرار أثار امتعاض بروكسل، والتي لوحت بدورها للجوء إلى القضاء من أجل الفصل في المشكلة. فيما تقبع لندن بين نارين، الأولى مطاوعة نظرائها الأوروبيين ما قد يهدد بتدهور الأوضاع في أيرلندا الشمالية، حتى انفصالها. والثانية، محاباة الوحدويين الأيرلنديين، ومواجهة حرب اقتصادية أوروبية.

جدل حول بروتوكول إيرلندا الشمالية

قدمت الحكومة البريطانية الاثنين بمشروع قانون جديد للبرلمان يقترح إصلاح اتفاق التجارة الذي وقعته مع ايرلندا الشمالية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. ذلك استجابة للوضع الذي أفرزته الانتخابات في الجزء الشمالي من الجزيرة، والذي تقدم فيها انفصاليو "شين فين" على وحدويي "الحزب الوحدوي الديمقراطي".

ويتمسك الوحدويون بمسألة استمرار العمل بالنسخة الحالية من "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، معللين موقفهم بأنه يضعف ارتباطهم بلندن بوضعه حدود جمركية في بحر أيرلندا. واشترط زعماء "الحزب الوحدوي الديموقراطي" تعديل البروتوكول، مقابل مشاركتهم في الحكومة الجديدة.

ودافعت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، عن مشروع القانون الذي قدمته حكومتها، في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش، ونظيرها الايرلندي سايمون كوفني. غير أن مساعيها من أجل إقناع المسؤولين باءت بالفشل.

ووصف الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء إعادة التفاوض على البروتوكول بالقرار "غير الواقعي"، وأن تغييره من جانب واحد سيعتبر انتهاكاً لاتفاقية دولية، مما قد يؤدي إلى فرض غرامات.

وفي حديثه إلى الصحفيين يومها، قال نائب رئيس المفوضية الأوروبية، ماروش سيفكوفيتش: "لا مجال للشك، لا يوجد أي مبرر قانوني أو سياسي على الإطلاق لتغيير اتفاق دولي من جانب واحد. فتح الباب لتغيير اتفاق دولي من جانب واحد هو خرق للقانون الدولي كذلك". هذا قبل أن يعلن بدء الاتحاد في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومة البريطانية في هذا الصدد.

مخاوف حرب اقتصادية

في مشروع قانونها لتعديل بروتوكول أيرلندا الشمالية، تقترح الحكومة البريطانية إدخال ما يسمى بالممر الأخضر للبضائع التي ستبقى في أيرلندا الشمالية، وممر1 أحمر للبضائع التي سيتم نقلها إلى الاتحاد الأوروبي. وقالت الحكومة إن البضائع عبر الخط الأحمر ستخضع لعمليات الفحص والرقابة والإجراءات الجمركية، معززة بعقوبات صارمة ومشاركة قوية للبيانات.

هذا المقترح الذي اعتبر مسؤول الخارجية الأوروبية جوسيب بوريل، أنه قد "يلقي بظلال غير ضرورية على التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ويقوّض الثقة والمصداقية".

فيما تسود مخاوف لندن من رد الفعل التجاري لنظرائها الأوروبيين، هذا ما أكده ريتشارد بيرج، الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة في لندن، بقوله إن "إجراء حكومة المملكة المتحدة يهدد بإلحاق ضرر كبير بالشركات في لندن وفي جميع أنحاء المملكة المتحدة".

وأردف في بيانه عقب إعلان الحكومة: "إن تقديم مشروع القانون هذا يعني أننا نتأرجح الآن على شفا حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي، وهذا سيعني مزيداً من المعاناة الاقتصادية وانخفاض الاستثمار".

TRT عربي