قطار الارتفاع يأبى التوقف ليزحف بسرعة على مختلف المواد، التي طالت كذلك مواد البناء خاصة الإسمنت، إذ أدت الزيادة في أثمان الأخيرة إلى زيادة كُلفة بناء المنازل وانعكاسها المحتمل على أسعار الشقق، علاوة على تضرر القدرة الشرائية للأسر ما دعا كثيرين إلى توقيف مشاريع البناء وما لهذا من تداعيات على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للعمال والمياومين.
ولم يكف سعر الإسمنت عن الارتفاع في الأشهر الأخيرة، على غرار مواد البناء الأخرى التي زادت بما بين 15 و50 في المائة، بالتوازي مع ارتفاع سعر مادة “الكلانكير” الذي تستورده المصانع. ويتجلى أنّ سعر الإسمنت ارتفع في السوق المغربية في الأشهر الأخيرة، متأثرا بالزيادة التي شهدها سعر الكلانكير (مادة تستخدم في صناعة الإسمنت).
مياومين..مع وقف التنفيذ
وتوقفت مجموعة من أعمال البناء الذاتي الذي يخص منازل يشيدها الأشخاص لحسابهم الخاص، وكذا ترميم المنازل التي تمتص جزءاً مهما من الإسمنت. حيث أن ارتفاع أسعار الحديد والإسمنت في الفترة الأخيرة، دفع بعض الأسر إلى تعليق بناء بعض المنازل من أجل سكناهم.
الزيادات في الأسعار لا تقتصر فقط على الحديد والإسمنت، بل تشمل كذلك الزجاج والألمنيوم المستعمل في توفير النوافذ..وضع ساهم في تأزيم وضعية العمال والمياومين الذين لا تشملهم لا تغطية صحية أو يشتغلون في مقاولات أو شركات.
وحسب شهادات استقتها “الأيام 24” من المياومين بمنطقة آيت يدين ضواحي مدينة الخميسات، فالفئة المذكورة تعاني وضعية اجتماعية صعبة نتيجة توقف مدخولها المالي لأسابيع طويلة عن العمل، منهم من غير حرفته وآخرون ينتظرون موسم الحصاد لعلّه ينقذ ما يمكن إنقاذه..فمجموعة منهم يراهنون على موسم الحصاد للعمل لدى الفلاحين الكبار بالمنطقة، لكن محصول هذا العام تشير الأرقام إلى تأثره بالجفاف وقلة التساقطات، ما يعني أن حاجة المحصول لليد العاملة ستكون قليلة.
“الحركة شبه مشلولة. كانوا يكسبون قوت يومهم من العمل في البناء، والآن بسبب توقف أسر عن اشغال البناء الذاتي، بات الوضع صعباً”، عبارات تتردد على لسان كثيرين جراء ما لحققهم من أضرار جانبية لارتفاع الأسعار، وهو واقع عشرات “عمال الموقف” كذلك، الذين عادوا إلى العطالة بعدما اسبشروا خيرا بتبدد أزمة كورونا إلى أزمة أخرى ترتبط بالأسعار أعادتهم إلى المربع الأول.
ويرتبط دخل “عمال الموقف”، وهو مكان عام يصطف فيه عشرات العمال في انتظار طالبي خدماتهم، بمهام مؤقتة يمارسونها في مجالات معينة مثل البناء والحدادة والنجارة والحرف اليدوية الأخرى، من دون أي تأمين صحي أو غير ذلك.
تداعيات سلبية على الاستثمار
قال مصطفى ابراهيمي، نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، الزيادات التي عرفتها أسعار مواد البناء، ستكون لها تداعيات سلبية على مساهمة قطاع البناء في الاقتصاد الوطني، وعلى مناصب الشغل التي يوفرها القطاع.
وكشف ابراهيمي الذي كان يتحدث في اجتماع جمع نوابا برلمانيين، برئيس مجلس المنافسة، أحمد رحو، أن هذه الزيادات، ستكون لها انعكاسات كذلك على الاستثمارات، سواء استثمارات الدولة أو الجماعات الترابية، أو الاستثمارات الخاصة، بالنظر إلى ارتفاع كلفة البناء، بحوالي ثلاثة أضعاف، مؤكدا أن دراسة لوزارة الصناعة والتجارة، حددت الزيادات التي عرفتها أسعار مواد البناء، في نسبة تتراوح بين 20 و200 في المائة.
الاجتماع الذي احتضنه مقر مجلس المنافسة، اعتير خلاله المتحدث أن الزيادات في أسعار مواد البناء، كانت بشكل متزامن بين الشركات الفاعلة في القطاع، مما طرح التساؤل حول إمكانية وجود شبهة التفاهم أو التواطؤ، مبرزا أن الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، سبق لها أن نبهت للتداعيات السلبية للزيادات المذكورة، وحذرت من تراجع نشاطها بحوالي 50 في المائة.
