حكايات من دفتر أحوال المناخ 7.. استنساخ المبادرات في المجتمع المدني عائق أمام قمة المناخ


المجتمع المدني.. كلمة السر ومفتاح الصناديق المغلقة، روح المجتمع المُحلق في سماء الإبداع، بصمة الناس في دفاتر الإصلاح والتغيير، الأمل في تغيير خارطة العمل المناخي، وتحويل الحبر المنسوخ فوق الأوراق الى افعال تنمو لها اقدام القفز فوق الحواجز والمعوقات، ولأن المجتمع المدني هو غارس جذور توطين الحلول لكل مشكلة، وانطلاقاً من هذا المفهوم، خرجت مبادرة المكتب العربي للشباب والبيئة، الى النور، إنها المبادرة المجتمعية الأولى للعمل المناخي في مصر، تحت عنوان “بلدنا تستضيف قمة المناخ”، استعداداً لقمة المناخ ال27 المزمع انعقادها في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، والتي يقودها دكتور عماد عدلي، رئيس المكتب العربي، تنفيذاً لخريطة العمل المناخي الذي افردت له الأمم المتحدة بنداً مستقلاً مدرجاً ضمن أهداف التميةالمستدامة للألفية الثالثة والمحددة بأجندة 2030. وتأتي المبادرة، تحت رعاية نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي.

وضعت المبادرة أولويات خارطة الطريق لمواجهة التغيرات المناخية، ودمج مخاطرها في صنع القرار، عبر مشاركة حقيقية من المواطنين،و الانتقال من مرحلة التخطيط الى التنفيذ. لتشجيع المواطن على ممارسات داعمة لإجراءات التخفيف والتكيف، التي تستهدف الحد من آثار التغيرات المناخية، بدأت اعمال المبادرة بتنظيم جلسة استماع مطولة تضمنت آراء الخبراء، والساسة، وممثلي المجتمع المدني، والإعلاميين، وحظيت الجلسة بمراقبة وتعليق وتوصيات د. محمود محيي الدين مبعوث الأمم المتحدة للعمل المناخي لقمة المناخ ال27.

قال د. عماد عدلي رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة ورائد المبادرة : تضم المبادرة عدد كبير من الشركاء، على كافة المستويات الحكومية والأهلية، والعلمية، والمؤسسات الدينية، ايضاً “الأزهر وأسقفية الخدمات” كل جهة من الشركاء تمثل منصة تسلمت منا الوثيقة التى انتجها المكتب العربي، والوثيقة هي ميثاق شرف لمواجهة التغيرات المناخية، يعرض ببساطة ما يجب على كل مواطن أن يقوم به لمواجهة أزمة التغيرات المناخية في صورة تعهدات بعدم المساس بالبيئة، على غرار التعهدات المكتوبة على الواح الفراعنة منذ الاف السنين،. لتبدأ كل جهة في أنشطتها. ،واردف عدلي: ” حينما تسلمت وزارة الخارجية – التي تتولى رئاسة قمة المناخ- وثيقة الشرف المناخي، طلبت منا، في إطار المبادرة المطروحة، بث رسائل قوية للمجتمع المدني، للخروج بتوصيات ليتم رفعها لقمة المناخ بشرم الشيخ نوفمبر المقبل. لأن المهمة الصعبة هي تنفيذ خارطة الطريق لتغيير سلوكيات الناس، والتي تأتي بعد انتهاء اعمال القمة يوم ١٨ نوفمبر.

أهداف المبادرة

قال د. عماد.عدلي رائد المبادرة، ومهندس الحوار المجتمعي المصري لمواجهة تغير المناخ: ” تتمثل اهدافنا في إنشاء روابط وثيقة وخلق حوار بين الشركاء مع اقتراح رؤى وخطط مستقبلية مع تحفيز وتفعيل دور المشاركة المجتمعية للمؤسسات المعنية وذات الصلة والأفراد للتحضير الجيد لقمة المناخ 27.، بناء البنية المعرفية بأهم المحاور والقضايا التي ستركز عليها مصر خلال القمة في ضوء توصيات القمة السابقة (مثل: التكيف مع التغييرات المناخية – التخفيف – تمويل المناخ – الأضرار والخسائر – وغيرها)، تأهيل القطاعات المتخصصة المختلفة كفئات الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني من اجل التحضير الجيد للقمة المناخ والمشاركة في فعالياتها .، أما عن الجهات المنفذة فأشار عدلي الى انها الشبكة العربية للبيئة والتنمية،المنتدى المصري للتنمية المستدامة، المكتب العربي للشباب والبيئة، مرفق البيئة العالمية / برنامج المنح الصغيرة، لافتاً الى أن هناك مئات الجمعيات التي تعمل من خلال منصات المبادرة في المحافظات، من اقصى الصعيد الى اسوان، تشارك كل محافظة بقضايا تخص طبيعة الحياة فيها، لذلك تختلف سبل مواجهة التغيرات المناخية من محافظة لأخرى تصب جميعها في فلسفة واحدة.

القفز على الابداع

استمر العمل لمدة ستة اشهر متتالية، عمل يرقى لمرتبة الابداع الذي يتفرد به مبدع، في رسم خريطة حوار مجتمعي يصل القرى والنجوع دون بروباجندا جوفاء، ودون دعم مادي أو مؤسسي يرقى لمرتبة التمويل، أو المساندة عبر قنوات مؤسسية مثل وزارة البيئة مثلاً، وبالرغم من انطلاق المبادرة في 26 من يناير خلال العام الجاري، أي قبل ستة أشهر من اليوم، إلا أن الجميع فوجىء باستنساخ مبادرة جديدة أو حملة لبناء قدرات المجتمع المدني تقودها جمعية “مصر الخير”، التى تعمل في مجال المساعدات الخيرية، برئاسة الدكتور على جمعة، وبتوقيع عدد من الشخصيات بصفاتهم وشخوصهم، ممن سبق ووقعوا على الميثاق الصادر عن مبادرة “بلدنا تستضيف المناخ”!! وظهرت المبادرة الجديدة تحت ما يسمى “المناخ المستدام”، وبدلاً من دعم المبادرة الأولى، ومساعدتها والتعاون معها، تم استنساخها، لعمل مبادرة موازية.

ازدواجية و استنساخ

اللافت للنظر أن “مصر الخير” هذا الصرح العريق، الذي اعتدنا منه صناعة الخير فوق كل شبر في ارض مصر، لم نسمع يوماً عنه انه يشارك في ريادة عمل علمي متخصص مثل العمل المناخي، وكان الأولى أن تقوده جهة عملية ليست ذات صبغة دينية أو خيرية، خاصة أنه ما حاجتنا لصناعة ازدواجية غير مطلوبة ونحن على بعد خمسة أشهر من قمة المناخ، فتعدد وتشابه المبادرات يٌضعفها، والأفضل بناء جسور التعاون، ومساعدة اصحاب الخبرات في هذا المجال على تخطي حاجز المنافسات الى بناء المعرفة في المجتمعات المحلية حتى ننهض بالمواطن المصري فيما يتعلق بإعداده للتكيف مع تغير المناخ، وهو الأمر المنوط بالمبادرة المجتمعية الصادرة عن المكتب العربي للشباب والبيئة العامل في هذا المجال منذ عام 1977.

وهذا لأن مبادرة “بلدنا تستضيف قمة المناخ” قامت تشبيك مع الخبراء العلميين، والإعلاميين، المنتمين للمبادرة والذين قاموا بالتوقيع عليها، بالإضافة الى ممثلي الجهات التي أبدت تعاوناً مع فكرة المبادرة ووقعت على ميثاق شرف مواجهة تغير المناخ، منذ بضعة أشهر، فلماذا نبدأ من جديد، ولماذا لا ننتهي حيث انتهى الآخرون، ولماذا نستنسخ مبادرات تحت مسميات لا تمت لواقع الجهة المنفذة العملي. هذا الانفصال بين الأنشطة الأصلية لراعي المبادرة، وبين طبيعة العمل المناخي، يوجد صدعاً في ثقة الجماهير تجاه هذا العمل، خاصة وان المجتمعات المحلية ما زالت تجهل الكثير عن تغير المناخ، وكنت اتمنى كما يقول المثل الشعبي ” نعدي العيش لخبازينه” لان كل شخص ادرى بشعاب تخصصه.

خطأ علمي فادح

واخيراً وليس آخراً فإن تسمية إحدى المبادرات ” بالمناخ المستدام” تجافي العلم، فالمناخ لا يمكن أن يكون مستداماً، المناخ بطبيعته متغير، ولا يخضع لعوامل ثابتة، ولم ولن يتسم بالثبات، لانه ببساطة يخضع منذ آلاف السنين لعوامل تغيره هي العوامل الطبيعية :

أولها، ما يسمى بدورة ميلانوكوفيتش: (Milankovitch cycles)،ففي عشرينيات القرن العشرين وضع العالم ميلانوكوفيتش فرضية قال فيها أن الأرض ستمر بثلاث دورات فلكية ستكون مسئولة عن كل التغيرات المناخية التي تحدث فيها , وقد بين أن حرارة كوكب الارض سترتفع لكونها تمر بثلاث مراحل أو ثلاث دورات وقد سميت هذة الدورات المناخية بدورات ميلانوكوفيتش وهي دورة الانحراف او الابتعاد عن المركز وفي هذة الدورة سيتغير شكل مدار الارض حول الشمس بحيث ستصبح ابعد عن الشمس مع نهايتها وقد وضح، الدورة ستستغرق ست وتسعون الف سنة ، ودورة ميلان المدار : إذ سيتغير ميلان مدار كوكب الارض حول الشمس ومن المعروف أن ميلان المدار هو سبب تعاقب الفصول الأربعة وبالتالي فإن تغيره سيؤدي الى تغير معدلات درجات الحرارة خلال تلك الفصول وتستغرق هذة الدورة 41 الف سنة . التذبذب أو التأرجح وفي هذة الفترة إذ أن الارض تتأرجح حول مدارها وتستمر هذة الدورة 21 الف سنة. وباختصار فان هذه الدورات هي التغيّرات القليلة التي تحصل لميلان محور كوكب الأرض ومساره أثناء دورانه حول الشمس، إذ تؤثّر هذه التغييرات على كمية ضوء الشمس الساقط على الأرض، ممّا يتسبّب في تغيير درجة حرارة الأرض، إلّا أنّ هذه الدورات تحدث على مدى عشرات أو مئات الآلاف من السنين، ومن غير المحتمل أن تكون المسبّب للتغيّرات الكبيرة التي نشهدها اليوم في مناخ الأرض.

ثانيها، الإشعاع الشمسي: (Solar Irradiance)، أثّرت الطاقة المتغيّرة من الشمس في الماضي على درجة حرارة الأرض، ولكنّها لم تكن كافية لتغيير المناخ، فأي زيادة في الطاقة الشمسية ترفع من حرارة الغلاف الجوي للأرض، ولكنّها تتسبّب باحترار الطبقة السفلية منه فقط. الانفجارات البركانية: (Volcanic Eruptions)، تطلق البراكين بعض الغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، ولكن كميته تكون أقلّ بخمسين مرّة من الكمية التي تنتجها الأنشطة البشرية، ولذلك لا تعدّ البراكين السبب الرئيسي للاحتباس الحراري، وفي المقابل قد يكون لها تأثيراً مختلفاً على مناخ الأرض، فالجزيئات الصغيرة المسمّاة بجزيئات الهباء الجوي (Aerosol Particles) التي تُطلقها البراكين تساهم في تبريد الأرض، ولذلك يعدّ التأثير السائد للانفجارات البركانية هو التبريد وليس الاحترار.

ثالثها، ظاهرة التذبذب الجنوبي: (ENSO)، هي دورة مناخية تحدث بسبب النمط المتغيّر لدرجة حرارة المياه في المحيط الهادئ، وتُعرف مرحلة الزيادة في درجة حرارة البحر بالنينو (El Niño)، بينما تُعرف مرحلة التبريد بالنينا (La Niña)، ويكون تأثير هذه الأنماط على درجة الحرارة العالمية لفترة قصيرة من الوقت، أي لأشهر أو سنوات، ولا تفسّر الاحترار المستمرّ الذي يحدث اليوم.

واستناداً لوجود دورات مناخية واسباب طبيعية لتغير المناخ، هذا بخالف الاسباب التي تعود لممارسات البشر الصناعية والزراعية والحياتية، لا يمكن اعتماد مصطلح مناخ مستدام، فطبقاً لتقارير الأمم المتحدة عشرات السنين جتى ننجح في وقف زحف ارتفاع درجة حرارة الأرض، فمن أين أتي دعاة هذه الحملة بمصطلح مناخ مستدام؟

حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش حذر من أن العالم يتجه “مغمض العينين نحو كارثة مناخية”، قائلا إنه رغم “تدهور” الوضع، تواصل الاقتصادات الرئيسية زيادة انبعاثاتها من غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخ، فبعد مفاوضات مغلقة محتدمة عبر الانترنت استمرت أسبوعين، اختتم الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الرابع من أبريل 2021 إصدار الجزء الأخير من ثلاثية تقارير، علمية متعلقة بالتغير المناخي.تتناول السيناريوهات الممكنة للاحترار المناخي مع عرض الاحتمالات في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والنقل والزراعة وغيرها والتطرق إلى مسائل القبول الاجتماعي للتدابير المتخذة ودور التكنولوجيا مثل امتصاص الكربون وتخزينه والتي تؤكد ان المناخ سوف يستمر في حالة تغير.

وقال ألدن ميير المحلل في مركز الأبحاث E3G “رسالة (الهيئة) بمجملها تفيد أن العلم واضح للغاية وأن التداعيات ستكون مكلفة ومتزايدة، وانه في افضل الاحوال لن نستطيع زحف درجة الحرارة على مناخ الارض،وحتى مع وصول الانبعاثات الى المعدل المرجوة من الخفض لن تتوقف آثار تغير المناخ، التي قد بدأت بالفعل، لكن لا يزال بإمكاننا أن نتجنب الأسوأ إذا تحركنا الآن. سيحدد هذا التقرير ما نحتاج إليه إذا ما كنا جديين في معالجة هذه المسألة”.

إذا كان هذا رأي العلماء حول تغير المناخ عبر الثلاثين عاما القادمية بل أن التقارير الجديدة تشير أن الوضع سيظل هكذا حتى عام 2100، فمن أين جاء البعض بمصطلح مناخ مستدام؟!

تاريخ الخبر: 2022-06-24 00:21:38
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية