كان لافتا ظهور بعثة المغرب في الألعاب المتوسطية المقامة حاليا بوهران الجزائرية التي لا تبعد كثيراً عن الحدود المغربية، حيث لم تمنع القطيعة السياسية بين الجانبين من الاستقبال الذي خصصته الجماهير الجزائرية عبر التصفقيات والزغاريد والأهازيج، وذلك الشعار “خاوة خاوة” الذي لا يفارق ألسن غالبية الشعبين، حيث رُدد بأصوات عالية تناقلتها عدسات الكاميرات.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الأصوات، بأن الشعبين إخوة، برزت صور أخرى تجري على النقيض من ذلك، منها منع الوفد الصحافي المغربي من دخول الأراضي الجزائرية، وإلباسهم صفة الجواسيس..مرورا بحالة العمد التي رافقت عرض خرائط العواصم على ضفة المتوسط، حيث أُبعد المغرب وحضر البقية.
في ثنايا ذلك،مراقبون يصوّبون تقديراتهم إلى أنه بإمكان المجال الرياضي أن يعيد الدفء النسبي في العلاقات بين البلدين، لكنه من الصعب عليه إذابة الجليد السياسي على اعتبار جسور القطيعة الكبيرة التي تفوق وتتعدى حدود الرياضة.
فالاستقبال الحافل الذي خصصه الجزائريون للوفد الرياضي المغربي في “ألعاب البحر الأبيض المتوسط”، يؤكد عبدالرحمان بلمزيان الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، يحيل إلى أن مشاعر الشعبين لا تعترف بقرارات “القطيعة الفوقية” التي لا يمكن لأي مواطن مغاربي إلا أن ينبذها ويرفضها، بخاصة أن الأمر يتعلق بشعبين وبلدين جارين تربطهما علاقات حضارية وثقافية وتاريخية متجذرة”.
ويضيف في حديث لـ”الأيام 24″ أن الإصرار على القطيعة تحت أية ذريعة كيفما كانت، هو خيار يعاكس إرادة الشعوب ومصالحها المشتركة، ويوسع الهوة بين توجهات صانعي القرار المسؤولين عن القطيعة من الجانب الجزائري، وبين تطلعات الشعوب نحو طي الخلافات والانكباب على القضايا المختلفة، مثل التنمية وتعزيز الحقوق والحريات”
وأضاف أنه لعله يمكن استغلال المجال الرياضي لتقريب وجهات النظر وفتح صفحة بيضاء في العلاقات كان هاجس المغرب، ذلك ما أكده حتى الرسالة الملكية التي هنأ فيها الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح بفوز منتخب بلاده بكأس إفريقيا 2019، قائلا فيها “يسعدني باسمي شخصيا، وباسم الشعب المغربي قاطبة، أن نشاطر الشعب الجزائري الشقيق، مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا التتويج المستحق، وأن الأمر يتعلق بفوز بلد مغاربي جار وشقيق، وكأن هذا التتويج هو بمثابة فوز للمغرب أيضا”، على الرغم من التوتر الذي يطبع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عقود، خصوصا بسبب قضية نزاع الصحراء المغربية.
