تُعَدّ تركيا وجهة مهمة للسياحة العلاجية على المستوى العالمي، ليس فقط لأنها تقدّم جودة وخدمة صحية متطورة وحديثة وبها أطباء مهرة، ولكن أيضاً بفضل موقعها الجغرافي الفريد والمميز، الذي يُعتبر نقطة وصول سهلة لأكثر من 1.5 مليار شخص يبعدون عن تركيا مسافة طيران مدتها 4 ساعات فقط.

عندما يفكر الجميع في السياحة العلاجية في تركيا، فإن قاطرة هذا المجال هي زراعة الشعر أو عمليات الأسنان والتجميل. مع ذلك تُقدَّم خدمة عالية الجودة أيضاً في مجال الخدمات الصحية العامة، من زراعة الأعضاء إلى العمليات التجميلية، ومن الإخصاب في المختبر إلى علاج السرطان.

ووفقاً لرئيس الجمعية التركية للسياحة العلاجية د.سيرفيت تيرزيلر خلال حديثه لموقع TRT Haber، فإنه "يُجرَى قدر كبير من عمليات زرع الأعضاء والكُلى والكبد في تركيا، إلى جانب ذلك تُجرى التدخلات الجراحية للسمنة والعمليات الجراحية لمرض السكري وكذلك علاج السرطان وزرع نخاع العظام، التي يصعب إجراؤها في العالم، بنجاح وبأسعار معقولة".

أرقام وحقائق

خلال الربع الأول من العام الجاري 2022، زار أكثر من 285 ألف شخص تركيا للسياحة الصحية والعلاجية، ومن المقرر بحلول نهاية العام أن يبلغ الدخل الذي سيُحصَل عليه من السياحة الصحية 4 مليارات دولار.

وحسب بيانات معهد الإحصاء التركي (TUIK)، جاء 642 ألفاً و444 شخصاً إلى تركيا عام 2021 للسياحة العلاجية، وأنفقوا ما مجموعه مليار و48 مليون دولار.

وكعديد من القطاعات الأخرى، تأثرت السياحة العلاجية في تركيا بسبب جائحة كورونا التي ألمَّت بالعالم أجمع، وعلى الرغم من ذلك حققت تركيا دخلاً إجمالياً قُدّر بنحو 549 مليون دولار أمريكي خلال ذروة الجائحة في عام 2020، بعد أن قدم إلى البلاد أكثر من 388 ألف مريض ضمن برامج السياحة العلاجية.

نقطة تحوُّل محورية

في إشارة إلى أن تاريخ السياحة الصحية في تركيا يعود إلى ربع قرن مضى، قال الدكتور تيرزيلر: "في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كان الناس يأتون إلى بلدنا بشكل متقطع. كان عدد من الأطباء ذوي الرؤية العالمية يحاولون تقديم عروضهم الترويجية فردياً وجلب مرضاهم".

وأشار تيرزيلر إلى أن النتائج الجيدة جداً لزراعة الشعر والرائعة لمدرسينا الكرام في الجراحة التجميلية بدأت تلفت الانتباه إلينا تدريجياً، وبعد عام 2010 بدأ التسارع الذي انفجر عام 2015، قائلاً: "كانت نقطة تحول مهمة للغاية".

فبعد عام 2015 استمر قطاع الصحة في النمو من خلال رفع المستوى سنويّاً، بسبب رواج العمليات التجميلية على نطاق واسع حول العالم، إذ يريد ملايين الأشخاص في أجزاء كثيرة من العالم أن تكون أجسادهم أكثر جمالاً، الأمر الذي جعل تركيا قاعدة عالمية في هذا الصدد. وفي هذا السياق قال تيرزيلر: "سيكون تصريحاً صحيحاً إذا قلت إن اسطنبول أصبحت عاصمة العالم في زراعة الشعر وعلم الجمال والصحة".

تجدر الإشارة إلى أن السياح الصحيين يأتون إلى تركيا حالياً من نحو 200 دولة حول العالم، بما في ذلك أوروبا وشبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا والسويد والنرويج والدنمارك وكوريا واليابان والصين.

الهدف 10 مليارات

قال الدكتور تيرزيلر إن تركيا تتخذ خطوات حازمة لتصبح الدولة الأولى في العالم في مجال السياحة الصحية، وأضاف: "في العالَم كعكة سياحة علاجية تبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار، لم تصل حصتنا منها بعد إلى أكثر من 3%. نأمل أن يزداد هذا تدريجياً. أدلى رئيسنا مؤخراً بتصريحات مهمة جدّاً حول السياحة العلاجية معلناً أن الهدف لعام 2023 هو 10 مليارات دولار".

تعليقاً على الهدف الذي وضعه الرئيس أردوغان قال تيرزيلر: "لا شيء يمنع حدوث ذلك"، موضحاً: "المدن الطبية الضخمة التي بُنيت في عموم الولايات التركية كانت لطيفة للغاية، ومن المتوقع أن تحقق نتائج جيدة جداً في مجال الصحة العامة والسياحة العلاجية، بالإضافة إلى أن القطاع الخاص ديناميكي ونشط للغاية أيضاً، كذلك تَشكَّلَت علامات تجارية جيدة جدّاً في بلدنا مؤخراً".

في سياق متصل، تُجرَى بعض الدراسات لزيادة حصة تركيا في السياحة العلاجية على المستوى العالمي، إذ يُهدف إلى جذب مزيد من السياح إلى تركيا من خلال الدراسات التي أُجريَت تحت قيادة وزارة التجارة. لهذا تحديداً قُدّم الدعم في 14 مجالاً، من الترجمة إلى الوثائق، ومن الاستشارات إلى الوحدات والمراكز الخارجية.

TRT عربي