النائب العام ولجان قتل الحقيقة «2»


النائب العام ولجان قتل الحقيقة «2»

الصادق علي حسن المحامي

النيابة العامة ليست كسائر المهن الأخرى وتمتاز النيابة العامة كما والقضاء بالإستقلالية التامة فهما ليستا تتبعان للسلطة التنفذية او التشريعية او السيادية، والنيابة العامة تمثل الحق العام وعلى رأسها الحق في الحياة كما تختص القضاء  بحماية الحقوق المكفولة بموجب أحكام الدستور والقانون ولا معقب على أحكام القضاء، وإذا فقدت النيابة العامة و القضاء او كلاهما او احدهما استقلاليته عمت الفوضى في الدولة ولأخذ القانون باليد كما لصارت ادوات العنف التي تحتكرها الدولة ذات السيادة، تُستخدم في غير مكانها الصحيح وانتشر السلاح في ايادي الأفراد والجماعات تحت مسميات عديدة ولسادت شريعة الغاب.

النائب العام المكلف مولانا خليفة أحمد خليفة وصل إلى هذا المنصب وقد سبقه إليه عقب الثورة مولانا تاج السر الحبر ثم مولانا مبارك محمود وقد ذهبا ولم تبق لهما بالنيابة العامة سوى اعمالهما وذاكرة التاريخ، فالمناصب لا تبقى ولا تدوم لشاغليها ابدا مهما كانت اسباب توليهم لها، سواء كانت صحيحة ام لم تكن كذلك، ويظل اداء شاغل المنصب في ذاكرة الرأي العام وفي متون الوثائق والمدونات والمستندات،  فكم هنالك من  تولى منصب النائب العام او غيره وذهب ولا تزال تلاحقه اللعنات.

النائب العام المستقل والملتزم بواجبات منصبه، بمجرد تعيينه في منصب النائب العام  يتولى المنصب ومرجعيته القانون وضميره الشخصي والتزامه المهني والاخلاقي ولا يركن بالضرورة لإرضاء من اصدر قرار تعينه و ان يدرك في نفسه انه شغل هذا المنصب لانه مؤهلا ولم تأت به تقديرات الموازنات والترضيات والمحاصصات، بغض النظر عن أهداف الذي قام بتعينه في ذلك المنصب حتى ولو صدر التعيين او التكليف في ظل أوضاع استثنائيه كالحالية وبقرار اصدره الحاكم بأمره وليس بإجراءات عن مجلس مختص له ضوابط مثل مجلس النيابة الأعلى المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية المعيبة سارية المفعول، ولو باشر النائب العام مهامه إستنادا للقانون لوضع الأمور في نصابها الصحيح ولما  اساءت السلطة السياسية والتنفيذية استخدام واستغلال القانون، ولما سقط العشرات من الشهداء المدنيين وذلك ما حدث منذ تعينه من جراء العنف المفرط والقتل الجزافي الذي باشره النظام الحاكم بأدوات العنف التي تحتكرها الدولةوقد  تخلى النائب العام مولانا خليفة احمد خليفة  عن مهامه ومسؤولياته في الإشراف على الشرعية الإجرائية في الدولة فتمددت الأجهزة التنفيذية والأمنية القمعية وشغلت مهام النيابة العامة بل ذهبت الشرطة في 27/ 6/ 2022م بإصدار توجيهات للنيابة العامة وقد تغولت بالفعل على مهام النائب العام في الإشراف على الشرعية الإجرائية في الدولة تلك المهام الحصرية للنائب العام وحده .

توجيهات الشرطة للنائب العام:

في بيان منشور للكافة اصدرت الشرطة تعليمات وتوجيهات واضحة للنائب العام طلبت منه ومن وزير العدل نشر مستشارين إتحاديين بأقسام الشرطة ومواقع التعامل كمراقبين للقوات والتأكد من تسليحها ومرافقة وكلاء النيابة التابعين وتدوين اي ملاحظات اثناء التعامل، هذه التوجيهات والتعليمات الواضحة التي اصدرها وزير الداخلية بحسب البيان المشار إليه  للنائب العام ووزير العدل تكشف ان الأطراف المذكورة لا تدرك المهام المناط بها وهذا ما يكشف ويبرهن اسباب تمدد وانتشار ظاهرة القتل الجزافي الممارس بواسطة القوات المشتركة في الدولة بما فيها المرتكبة بواسطة عناصر الشرطة.

عقب مسيرات ومواكب 30 يونيو 2022م اصدرت الشرطة بيانا قالت فيه إن القرارات والتعليمات التي صدرت في إطار تنفيذ خطة تأمين حراك 30 يونيو 2022م وأضحة ومعلومة للجميع بعدم تسليح اي قوات تتعامل مع المتظاهرين بسلاح ناري في المواقع الفاصلة وعدم السماح بخروج اي شرطي مسلح بسلاح ناري خارج دور الشرطة او للدفاع عن الموقع فقط وأضافت الشرطة بان المقطع المتداول عن مقتل احد الشهداء (علي زكريا) يؤكد ان هنالك مخالفة للتعليمات وتصرف يشكل جريمة ولا نقبله تماما من منسوبينا في كافة المستويات وأشارت الشرطة إلى شروعها في التحقيق لإتخاذ القرارات التي تحفظ الحقوق كافة غير منقوصة تجاه من خالف تعليمات  وقرارات الرئاسة ومن ارتكب الفعل ومن سمح له بالتسلح والخروج ونلتزم بتطبيق نصوص القانون دون حصانة لمثل هذه الأفعال.

الملاحظ هنالك تناقض وتضارب في اقوال الشرطة حول ما ورد بالبيانين، ففي البيان الأول أكدت الشرطة بل وطالبت النيابة العامة ووزير العدل (التأكد من تسليحها) وفي البيان الثاني والمنشور في أجهزة الإعلام الرسمية اعتبرت الشرطة المقطع المتداول حول مقتل احد الثوار بواسطة شرطي وفي حضور زملائه من عناصر الشرطة الذين كانوا يتحلقون حول جثمان الشهيد بان هنالك مخالفة للتعليمات وتصرف يشكل جريمة.

بيان الشرطة الخجول والمشار إليه فيه محاولة للتنصل من المسؤولية لدرجة وصف جريمة قتل بشعة بعبارات مبهمة(تصرف يُشكل جريمة).

لا شك ان طبيعة مهام واختصاصات النيابة العامة المستقلة تجعلها محصنة من تلقى التعليمات والتوجيهات من اي جهة كانت ولما كانت الشرطة والقوات المشتركة الأخرى هي المنسوبة إليها ممارسات الإنتهاكات والقتل الجزافي فان الوضع السليم ان يصدر النائب العام توجيهاته واوامره وما يراه من تدابير للحيلولة دون إرتكاب الجرائم بحق المتظاهرين السلميين وان لا يعمل بتوجيهات الشرطة، كما كان عليه ان يمنع الشرطة من إصدار بيانات بخصوص الوقائع التي شكلت جرائم جنائية أرتكبت بالفعل مثل وأقعة جريمة مقتل الشهيد علي زكريا وركله بواسطة شرطي بعد قتله في إهانة بالغة لحُرمة الميت، لان مثل تلك البيانات تؤثر قطعا على سير العدالة وقد ظهر الشرطي في جريمة قتل الشهيد علي زكريا ومعه زملائه وهم يحملون السلاح وبالتالي هنالك بينة مبدئية كافية في مواجهتهم وفي مواجهة المسؤول الأول عن الشرطة وهو وزير الداخلية كما في بيان الشرطة الصادر يوم 27/ 6/ 2022م، وكان على النيابة العامة في دائرة الإختصاص ان تشرع في إجراءات القبض على الشرطي القاتل بموجب البلاغ المقيد وعلى زملائه المتواجدين معه في مسرح الجريمة لتوافر البينة المبدئية بالإشتراك الجنائي ثم من خلال التحري تصل لمن اصدار التوجيهات والأمر بالتسلح، وفي بيان الشرطة الصادر بتاريخ 27/ 6/ 2022م طلب السيد وزير الداخلية، ورئاسة الشرطة من النائب العام ووزير العدل نشر مستشارين إتحاديين بأقسام الشرطة ومواقع التعامل كمراقبين للقوات (والتأكد من تسليحها) وإستنادا على البيان المشار إليه، هنالك بينة مبدئية كافية للتحري والتحقيق مع وزير الداخلية ورئاسة الشرطة كمتهمين في بلاغ مقتل الشهيد علي زكريا وزملائه، ومثل هذه الجرائم المرتكبة في مسيرات ومواكب 30 يونيو 2022م واضحة لا تحتاج لتكوين لجان تحقيق بواسطة النائب العام المكلف بل تحتاج لتوافر الرغبة والقدرة على ملاحقة الجناة الذين يستظلون بالسلطة ويتدثرون بالحصانات وتطبيق أحكام القانون.

ونواصل…

تاريخ الخبر: 2022-07-07 21:22:48
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

قتل زوجته ففضحه «قوقل»! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

دعاية النظام الجزائري.. خطاب صبياني واتهامات مضللة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:24:50
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

أهدى شقيقته خاتماً في زفافها.. فقتلته أسرة زوجته! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:36
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

شخص يتقدم بـ 21 ألف شكوى من ضوضاء الطائرات - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

وفاة قبطان سفينة «تيتانيك» برنارد هيل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:35
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية