اغتالت يد غادرة رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، ليتوفى متأثرا بإصابته عقب إطلاق النار عليه في محفل انتخابي. وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية نقلا عن الشرطة أن رجلا يشتبه في تورطه في إطلاق النار على رئيس الوزراء السابق أبلغ الشرطة بأنه "كان يشعر بالاستياء تجاه آبي وكان ينوي قتله". ونُقل آبي، الجمعة، إلى المستشفى في وضعية حرجة، بعد تعرضه لإطلاق نار أثناء إلقاء كلمة خلال حملة انتخابية، حيث وافته المنية، في مدينة نارا بغرب البلاد. ونعتته رئيسة المفوضبة الأوروبية أورسولا فون دير لاين على تويتر قائلة: "لقد رحل شخص رائع وديمقراطي عظيم وبطل للنظام العالمي المتعدد الأطراف، أحزن مع عائلته وأصدقائه وكل شعب اليابان، هذا القتل الوحشي والجبان لشينزو آبي يصدم العالم كله".

شينزو آبي

هو سياسي ياباني، والرئيس السابق الحزب الديمقراطي الليبرالي ورئيس وزراء اليابان السابق. كان آبي رئيس وزراء اليابان رقم 90 حيث انتخب في تاريخ 26 سبتمبر 2006 خلفًا لجونشيرو كيوزومي، وخدم لمدة أقل من عام قبل أن يستقيل، لأسباب صحية، في 12 سبتمبر 2007، ليحل محله ياسو فوكودا. وبعد فوز حزبه بانتخابات 2012 أصبح شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني رقم 96. وفي 28 أغسطس 2020، أعلن آبي استقالته من منصب رئيس الوزراء الياباني بسبب عودة مرض التهاب القولون التقرحي.

نشأة سياسية

قال شينزو آبي في كتابه المعنون "نحو بلد جميل" إن "بعض الناس اعتادوا الإشارة إلى جدي باعتباره مشتبه به من الدرجة الأولى في جرائم الحرب وشعرت بنفور شديد، ولها يرجع سلوكي المحافظ نحو البلد". نشأ آبي في العاصمة اليابانية طوكيو لعائلة سياسية بارزة تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير طوال فترة ما قبل الحرب وأوقات الحرب وما بعد الحرب في اليابان. وكان جده نوبوسوكه كيشي "ملكا اقتصاديا" فعليا للصين المحتلة وكوريا ومانشوكو، وهي دولة كانت تابعة لليابان في شمال الصين. ووالدة آبي يوكو كيشي هي ابنة نوبوسوكه كيشي الذي كان رئيس وزراء اليابان من عام 1957 إلى 1960. وفي نهاية الحرب كان من المقرر محاكمة كيشي كمجرم حرب، لكن سياسة القائد الأعلى لقوات التحالف التي سيطرت على اليابان بعد الحرب تغيرت، ليطلق سراح كيشي من سجن سوجامو وأسس فيما بعد الحزب الديمقراطي الياباني. تعلم في مدارس سيكي اليابانية الشهيرة ثم درس الإدارة العامة، وتخرج بدرجة بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة سيكي في عام 1977. ثم انتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة، ودرس السياسة العامة في كلية السياسة العامة بجامعة كاليفورنيا الجنوبية لمدة 3 فصول دراسية.

الأسهم الثلاثة (أبينوميكس)

أعلن آبي في خطابه السياسي الذي ألقاه في يناير 2013 أمام البرلمان، أن الانتعاش الاقتصادي والهروب من الانكماش كان "أكبر قضية ملحة" تواجه اليابان، تتكون استراتيجيته الاقتصادية التي يشار إليها باسم أبينوميكس مما يسمى "الأسهم الثلاثة" (إشارة إلى قصة يابانية قديمة) للسياسة. السهم الأول هو التوسع النقدي الذي يهدف إلى تحقيق تضخم بنسبة 2%، والثاني سياسة مالية مرنة لتكون بمثابة حافز اقتصادي على المدى القصير، ثم تحقيق فائض في الميزانية والثالث استراتيجية نمو تركز على الإصلاح الهيكلي والخاص، مع التشديد على الاستثمار القطاعي لتحقيق نمو طويل الأجل. استطاع آبي تحقيق انتصار سياسي باستخدام سياسة أبينوميكس، ما جعله يطلق خلال مؤتمر صحفي بعد إعادة انتخابه رسميا كرئيس للحزب الديمقراطي الليبرالي المرحلة التالية لما أسماه "أبينوميكس 2" والذي كان يهدف لمعالجة قضايا انخفاض الخصوبة وشيخوخة السكان وإنشاء مجتمع جديد نشط. وتألفت أبينوميكس 2 من أهداف أشار إليها آبي بـ"ثلاثة أسهم جديدة" لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي لليابان إلى 600 تريليون ين بحلول عام 2021، ورفع معدل الخصوبة الوطني من متوسط 1.4 إلى 1.8 طفل لكل امرأة، وتحقيق الاستقرار في عدد السكان عند 100 مليون، وخلق وضع لا يضطر فيه الناس إلى ترك العمل من أجل رعاية الأقارب المسنين بحلول منتصف عام 2020.

الكونجرس والتوسع عسكريا

في إبريل 2015 كان آبي أول رئيس وزراء ياباني في التاريخ يلقى خطابا في جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي. وأشار في خطابه إلى التحالف الياباني الأمريكي باسم "تحالف الأمل"، ووعد بأن تلعب اليابان دورا أمنيا ودفاعيا أكثر نشاطا في التحالف، لافتا إلى أن الشراكة العابرة للمحيط الهادئ ستجلب فوائد اقتصادية وأمنية إلى آسيا ومنطقة المحيط الهادئ. وأعلن أن حكومته "ستسن القوانين اللازمة بحلول الصيف المقبل"، لتوسيع قدرة قوات الدفاع الذاتي للعمليات ولتنفيذ قرار مجلس الوزراء في يوليو 2014، بإعادة تفسير الدستور لصالح الدفاع الجماعي عن النفس. لذلك أدخلت حكومة آبي، 11 مشروعا قانونيا تشكل "تشريع الحفاظ على السلام والأمن" في البرلمان مايو 2015، ما دفع لتوسيع محدود للقوى العسكرية للقتال في صراع خارجي، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت الأهداف الرئيسية لمشاريع القوانين هي السماح لقوات الدفاع الذاتي اليابانية بمساعدة الدول المتحالفة التي تتعرض للهجوم (حتى لو لم تكن اليابان نفسها كذلك)، لتوسيع نطاقها لدعم عمليات حفظ السلام الدولية والسماح لليابان بإتخاذ على حصة أكبر من المسؤوليات الأمنية، كجزء من التحالف الأمريكي الياباني.