المخرج داوود عبدالسيد يكشف عن سبب اعتزاله.. ولماذا يفكر في العودة الآن؟


غاب عن الساحة السينمائية منذ عام 2015، من وقتها كتب العديد من السيناريوهات والأعمال الجاهزة على التنفيذ، ولكنها تبحث عن منتج ليقوم بتقديمها لجمهوره الواسع، إلى أن أعلن اعتزاله في بداية هذا العام، وهو القرار الذي كان بمثابة الصاعقة على كل من أحبوا السينما، وعرفوا قيمة هذا المخرج الذي قدم أعمالا تعتبر أيقونات نادرة في تاريخ الفن العربي.

فقد قدم أفلاما مهمة، مثل البحث عن سيد مرزوق (1990) والكيت كات (1991) وأرض الأحلام (1993) وسارق الفرح (1994) وأرض الخوف (1999) ومواطن ومخبر وحرامي (2001) ورسائل البحر (2010).

عبدالسيد أكد وقتها أن البعد عن معشوقته أفقده الرغبة في الفن، فقرر أن يغادر الساحة بإرادته معلناً سخطه على كل الخطايا التي تشهدها الحالة السينمائية ويمر بها الجمهور، إلى أن تم الإعلان عن حصوله على "جائزة النيل للفنون"، وهي أرفع جائزة سنوية يقدمها المجلس الأعلى للثقافة في مصر. إنه المخرج الكبير داوود عبدالسيد، الذي أكد في حواره مع "العربية.نت" فخره بتكريمه من الدولة التي تقدر الفن والثقافة، وأنه يمكن أن يفكر في العودة مرة أخرى للإخراج بعد هذا التكريم.

المخرج داوود عبدالسيد

*كيف وجدت هذا التكريم بحصولك علي جائزة الدولة للفنون؟

**التكريم مختلف هذه المرة، فسعادتي الحقيقية كانت ردود أفعال الجمهور على الجائزة، وأصداء ذلك عند المحبين والمتابعين، فهو التقدير الأهم والأغلى في نظري، فعندما تكون الدولة هي الجهة التي تكرم، فيكون حجم التكريم مختلفا، ويمنحه ثقلا وللجائزة أيضا، ويعطي قدرا من الفخر أنني أنتمي لدولة تقدر الفن والثقافة، وأعتبره الأهم في مشواري الفني، وقد فتح شهيتي للعودة إلى العمل من جديد.

*وهل يعني ذلك تقديمك لأعمال جديدة خلال الفترة القادمة؟

**لقد فتح شهيتي للعمل كما قلت، ولكن في الوقت الحالي لا يمكنني الجزم بمدى تأثير ذلك على مستقبلي السينمائي، فأنا أعيش اللحظة بلحظتها، ولا أشغل بالي كثيرًا بما سيحدث غدًا، كما أنني لا يمكن أن أغير قناعاتي أبداً، والحقيقة أنني سعيد أن أعمالي مازالت تحظى بقبول الشباب، وألمس ذلك بنفسي من خلال تفاعلهم معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالأجيال الجديدة هي الأكثر مشاهدة للأفلام التي قدمتها على مدار رحلتي الفنية، وذلك بفضل التكنولوجيا وتوافرها عبر فضاء الإنترنت.

*ومع تواصل الأجيال الجديدة معك.. ما هي المشكلة؟

**بالفعل الأجيال الجديدة حريصة على استكشاف أفلامي والوصول إليها مقارنة بالأجيال القديمة التي ليس لها مساحة تشاهد فيها أفلامي، فمثلا التلفزيون المصري تقريباً لا يحب عرض أفلامي، فحتى لو لم يكن لديهم الحقوق، فدورهم هو البحث عنها وشراؤها، وأنا لا أتحدث فقط عن أفلامي، ولكن بوجه عام كان لدينا برامج مثل "نادي السينما" في التلفزيون المصري لابد من عودتها مرة أخرى لتقدم أرضية ثقافية للجمهور العادي غير القادر على التعامل مع الإنترنت.

*وهل كان هذا السبب وراء اعتزالك؟

**ليس ذلك، ولكن لا يمكنني فعل شيء يرفضه السوق، فهو الذي يفرض أو يقدم ما يريده، ولكن الفكرة الفنية الحقيقية بالنسبة لي هي خلق مناخ حقيقي يقدم سينما جمهورية وفنية. ولكن نحن في مأزق لأن الإنتاج يعتمد على رأسمال تجاري شديد التكلفة، ويعرض في صالات عرض باهظة الثمن في أماكن بعيدة عن الطبقة الوسطى والعادية. كما أن أغلب المنتجين هم شباب باحثون عن التمويل وهو ليس عيباً، لكنه يضع الكتاب تحت مقصلة إرضاء الممول، وهو ما تسبب في تغيير مشاهدي السينما في دور السينما وصالات العرض. ففي التسعينيات كانت السينما ممتلئة تماما، وجميع دور السينما على اختلاف، ولكن اليوم تغير الوضع وأصبحت دور السينما الخاصة في المقام الأول التي تأتي بمال كثير هي دور السينما في المولات، بينما تضاءلت دور السينما المجاورة وتقلصت واختفت. فدور السينما في المول كبير ولا تمثل سوى الطبقة المتوسطة العليا، وبالتالي فجودة واهتمامات الجمهور أصبحت مختلفة، وفرضت نوعا من الأفلام التجارية والهادئة.

المخرج داوود عبدالسيد

*غبت عن السينما منذ عام 2015.. ما السبب؟

**هناك مشروعات فنية لم تنفذ حيث استغرقت كتابتها وقتا طويلا، بالإضافة إلى أنني غير مسؤول عن تأخير إنتاج بعض الأفلام لأن الصناعة هي المسؤولة، وبالتالي أنا لا أعتبر أن رحلتي الإخراجية قصيرة رغم أنها لا تتجاوز 9 أفلام. فإخراج 9 أفلام لم تكن قاصرة على الإخراج فقط، فقد كتبت سيناريو 8 أفلام منهم، وأخرجت 9 وبالتالي فأنا أعتبر كل عمل بعملين، وهذا سبب كبير لسعادتي، وكنت أتمنى أن أقدم أكثر لكني لست حزينًا على ذلك، ولا أعتبر ذلك كسلا مني، فكما قلت مشاهدي الأفلام في السينما وصالات العرض تغيروا. في التسعينيات كانت السينما ممتلئة عن بكرة أبيها، كل دور السينما بأنواعها الدرجة الأولى والأحياء، لكن اليوم الوضع تغير حيث تقلصت سينمات الأحياء واندثرت. فأنا من سكان مصر الجديدة وأتذكر العدد الكبير من شاشات العرض التي اندثرت الآن أمام سينمات المولات التي بدأت كنوع من الترويج لها، حيث تدفقت الأسر عليها بداية من القرن الماضي مع بدء التحدث عن السينما النظيفة أو ما يطلق عليها سينما الأسرة.

*وما الحل لهذه المشكلة من وجهه نظرك؟

**لابد من دعم الدولة لصانعي الأفلام لأن هذا الدعم مختلف، فالجيل الجديد من المخرجين الذين أراهم موهوبين جدا، يتقدمون للمنصات أو يحاولون الحصول على دعم من المهرجانات، وبالتالي يكون الممول الأجنبي هو من يختار الفيلم، وبالتالي يتم تقديم أفلام لا تخاطب الجمهور المصري، لأن الممول الأجنبي هو الذي يفرض أفكاره، لأن الدولة ممولة بالضرائب وعليها دعم المخرجين دون فرض رأيهم. هذه هي الديمقراطية، خاصة أن الرقابة المؤسسية الحالية في أسوأ حالاتها، والمجتمع ليس شيئًا واحدًا، فهناك الأكثر تحفظًا والأكثر ليبرالية. لكن لا أعتقد أن الرقابة المجتمعية ضيقة جدًا، لأن مشاهدي الأفلام الآن نوع متعلم يتابع أفلامًا من جميع أنحاء العالم، وبالتالي يجب على الدولة أن تحترم المحتوى الذي يريد أن يقدمه الفنان ولا تفرض عليه محتوى معينا، فهناك أجيال تريد عمل أفلام فنية جيدة.

*ولو عرضت عليك أي منصة تقديم فيلم لك.. هل ستوافق؟

**لو عرضوا علي فيلما من دون تدخلات ولا تغيير هنا أو هناك سأقبله فورا، ولكن في الواقع هذا لا يحدث، فلو جاءتك أي جهة أو أي نظام لكي تنتج فيلما ما، لابد من تدخلهم لتحقيق أهدافهم، فأنا لا أناقش مسألة التحالفات وقضايا السيطرة على السينما، تلك قضايا أكبر من أن أناقشها، ولكن أناقش حق الفنان؛ حقه في الحرية، وحقه في الاختيار، وحق الجمهور أن يكون همّه معروضا وتناقشه السينما، وأنا ضد استخدام السينما كسلاح سياسي؛ فالسينما فن، وعلينا أن نتعامل معها على هذا الأساس.

تاريخ الخبر: 2022-07-10 09:17:07
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 87%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

إنتاجات "SNRT" تحصد الجوائز الكبرى بمهرجان مكناس للدراما التلفزية

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 15:09:51
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 59%

قرار وزاري يدعم الزمالك في مباراة نهائي كأس الكاف أمام بركان

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 15:09:54
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

الشامي: 1.5 مليون شاب مغربي عاطل ولا يبحث عن عمل

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 15:09:55
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

الحكومة تخرج عن صمتها بخصوص حرمان بعض المواطنين من الدعم المباشر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 15:09:07
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 74%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية