تحليل صلاة الشكر طقسياً وموسيقياً (٥)


نستكمل بنعمة الله تحليل صلاة الشكر.

وصلنا إلى نهاية الجزء الثاني من صلاة الشكر والذي ينتهي بمرد الشماس “طوبه هينا” (أطلبوا لكي يرحمنا الله)، والذي يتكون من ثماني عبارات موسيقية أساسية: “طوبه هينا إنتى إفنوتي ناي نان” (أطلبوا لكي يرحمنا الله) – “إنتيف شينهيت خارون إنتيف سوتيم إيرون” (كي يتراءف علينا، كي يسمعنا) – “إنتيف إيرفويثين إيرون” (كي يعيننا) – “إنتيف إتشي إن نيتيهو نيم ني طوبه” (كي يقبل السؤالات والطلبات) – “إنتى ني إثؤواب إنتاف” (التي لقديسيه) – “إنتوتو إإهري إيجون” (منهم عنا) – “إبي أغاثون إنسيو نيفين” (بالصلاح في كل وقت ) – “إنتيف كانين نوفي نان إيفول” (كي يترك الخطايا التي لنا خارجاً تماماً).

ونجد بعض الملاحظات في هذا المرد: أن كل العبارات الموسيقية تنتهي على ركوزات ثانوية (الركوز الموسيقي هو آخر نغمة في العبارة الموسيقية، وهي درجة معينة من درجات السلم الموسيقي الذي يُبنى عليه اللحن) ما عدا آخر عبارة التي ينتهي بها المرد (يغفر لنا خطايانا)، وفيها تنتهي العبارة الموسيقية على أساس السلم الذي يُعطي راحة للأذن وبالتالي راحة للنفس، حيث أنها النتيجة النهائية لطلبات هذا المرد، حيث أن أهم نتيجة أو طلب في حياتنا كلها يعطينا الراحة والسلام للروح؛ أن ننعم بغفران خطايانا،ولا ننسى أن مقام هذا المرد يسمى راحة الأرواح (الهزام)، كما أننا نجد ركوزا خاصا في كلمة “إيرفويثين إيرون” (يعيننا) على الدرجة الثانية، وبه نوع من الاسترحام ليعيننا الله في حياتنا، كما نجد تطويل واضح في كلمة “إثواب إنتاف” (قديسيه)، وكأننا ننتظر منهم الشفاعة لأجلنا، وفيها كذلك إعطاء كرامة خاصة لهم، وفيها أيضاً معنى كثرة القديسين الذين يتشفعون من أجلنا كما قال القديس بولس الرسول “إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه مُحيطة بنا لنطرح كل ثِقَل والخطية المحيطة بنا بسهولة، ولنُحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا” (عب12: 1)، وهنا يَرُد الشعب تأكيداً لنداء الشماس “كيريليسون” (يارب إرحم) فلا يسعنا سوى أن نطلب رحمة الله لأجلنا حتى يُعطينا كل سؤالاتنا وطلباتنا.

الجزء الثالث: ويتكون من ثلاث فقرات.

الفقرة الأولى: وموضوعها الطلب من الله أن يحفظ كل أيام حياتنا بسلام (الدقيقة 6:41 – 7:40)، وهي تُعتبر تكرار تقريباً لنفس فكرة الفقرة الثالثة من الجزء الأول، من حيث الكلمات، ومن حيث التركيب الموسيقي والجمل اللحنية، والركوزات الموسيقية، مع توضيح أنه استُغِل التطويل الموسيقي والعلو في كلمة “بي ماي رومي” (محب البشر)، فأعطى معنى أن الله قد أحب البشر إلى المنتهى عندما بذل ابنه الوحيد لخلاصنا، وكأننا نرفع نفوسنا إلى أعلى حيث الله في السماء ندعوه بدالة البنين وبدالة محبة البشر أن يعطينا السلام، كما نلاحظ التطويل النسبي في كلمة “تيرو إنتى بين أونخ” (كل حياتنا) كما شرحنا سابقاً، أما النهاية المميزة المتكررة في عبارة “خين هيريني نيفين نيم تيك هوتي” (بكل سلام مع خوفك)،فيها نقف وقفة بسيطة لا ننسى فيها مخافة الله حتى لو علمنا أنه محب البشر، كما يقول الرسول بطرس: “سيروا زمان غربتكم بخوف” (1بط1: 17)، ويقول القديس بولس: “تمموا خلاصكم بخوف ورعدة” (في2: 12)، أي أن تكون مخافة الله أمام أعيننا باستمرار،أي نهاب الله ونوقره في لحظات السلام التي يهبها لنا الله مجاناً،كما أن مخافة الله تمنع عنا السلوك في الخطية فنعيش بسلام مع الله وبالتالي مع الناس ومع أنفسنا.

الفقرة الثانية من الجزء الثالث: موضوعها صلاة من أجل إبعاد كل قوى الشر من طريقنا، وهي مكونة من تسعة عبارات أساسية (من الدقيقة 7:41 – 8:33) “إفثونوس نيفين” (كل حسد) – “بي رازموس نيفين” (كل تجربة) – “إن إرجيا نيفين إنتى إبساتاناس” (كل فعل الشيطان) – “إبسوتشني إنتى هان رومي إفهوؤو” (مؤامرة الناس الأشرار) – “نيم إبطونف إإبشوي إنتى هان جاجي ني إتهيب” (وقيام الأعداء الخفيين لأعلى) – “نيم ني إثؤونه إيفول أليتو إيفول هارون” (والذين يظهرون علانية، إنزعها عنا) – “نيم إيفول ها بيك لاؤس تيرف” (وعن كل شعبك) – “نيم إيفول ها طاي إكليسيا ثاي” (وعن هذه الكنيسة) – “نيم إيفول باي ما إثؤواب إنتاك فاي” (وعن هذا الموضع المقدس الذي لك).

وهنا يتغير موضوع صلاة الشكر ليأخذ مجال من الطلب يخص إنتزاع كل أعمال الشيطان وأعوانه من حياتنا، ونلاحظ هنا أن هذا الموضوع هو تكملة لما سبق؛ حيث أننا لا يمكننا أن نعيش في سلام إذا هاجَمَنا الأعداء باستمرار، ولذلك فنحن نطلب من الله أن يُبعِد الشر عنا ليثبت السلام في حياتنا.

ونلاحظ موسيقياً أن هذا الجزء يأخذ طابع الجدية والنغمات الثابتة الرصينة والمتقطعة حتى يتوافق مع المعنى الموجود وهو تدخل الله القوي في إبعاد قوى الشر عن طريقنا بصورة حاسمة وجادة،ونلاحظ أيضاً التطويل أو المط في كلمة “هان جاجي” (الأعداء)،ليُعَبِر عن كثرة الأعداء المحيطين بأولاد الله وكثرة مؤامراتهم،ويُعَبِر أيضا عن قوتهم النسبية، ولكن كل هذا يُصبح لا شيء أمام ضابط الكل الذي يحمينا من كل شر، وفي هذا الجزء يقول البابا شنوده الثالث: “الأعداء الخفيين هم الشياطين والظاهرين هم أعداؤنا من بني البشر، أو بمعنى آخر الأعداء الخفيين هم الذين لا نعرف عداؤهم لنا والظاهرين هم الواضح عداؤهم لنا”.

والمُلاحَظة الطقسية في هذا الجزء وهي رشم الكاهن بعلامة الصليب مع كل عبارة يقولها مُشيراً إلى المواضع أو الأشخاص المطلوب البركة لهم، حيث أن هذا الجزء تُضاف عليه عبارات أخرى معينة حسب المناسبة أو المكان الذي تتم فيه صلاة الشكر سواء كان في رفع الحمل بالقداس الإلهي، أو في الأفراح، أو في مسحة المرضى، أو الجنازات….، فيرشم الكاهن نفسه بعلامة الصليب حين يقول “أليتو إيفول هارون” (إنزعها عنا)، ويلتفت إلى الغرب ناحية الشعب قائلاً “نيم إيفول ها بيك لاؤس تيرف” (وعن سائر شعبك)،ويرشم في إتجاه الشرق على الهيكل “نيم إيفول ها طاي إكليسيا ثاي” (وعن هذه الكنيسة)، “نيم إيفول باي ما إثؤواب إنتاك فاي” (وعن هذا الموضع المقدس الذي لك).

وملاحظة أخرى نقولها أن اللحن يُصبِح له وظيفة جديدة، فيكونمساعداً للحركة الطقسية وهي هنا رشم الكاهن بعلامة الصليب على كل عنصر من العناصر التي يذكرها في الصلاة، فيطول اللحن قليلا في كل عبارة موسيقية حتى يعطي فرصة للكاهن من الانتهاء من الرشم بالصليب بصورة متأنية، ونحن نعلم أن الرشم بالصليب هي القوة التي أعطانا الله إياها حتى تبعد عنا الشياطين وأعمالهم، ففي رشم الصليب يتذكر الشيطان القوة العظيمة التي ربطته وقت الصليب فيخاف من علامة الصليب المُقَدَس.

لينك اللحن بصوت المتنيح المعلم صادق عطاالله:

تاريخ الخبر: 2022-07-14 09:21:18
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية