تعد الكاتبة سهير القلماوي، والتي ولدت في مثل هذا اليوم من العام 1911، من القامات الأدبية والفكرية في القرن العشرين حيث تعد أول امرأة مصرية تحصل علي درجتي الماجستير والدكتوراة في الآداب، وأول محاضرة تشغل هذا المنصب بكلية الآداب جامعة القاهرة.

تروي سهير القلماوي جانبا من سيرتها الذاتية، مشيرة إلي أنها ولدت في أسرة لديها قدر كبير من التحرر بالنسبة لبقية محيطها الاجتماعي في تلك الفترة، والمحافظة علي العادات والتقاليد في الوقت ذاته. 

وتوضح “القلماوي”: أما بالنسبة للفروق بين الرجال والنساء، فلم تكن موجودة في أسرتي، التي لم تضع تمييزا بين النساء والرجال. كما أن جدها لم يكن يزوج بناته قبل أن يبلغن 20 سنة. أما والدي فهو طبيب جراح، ووالدتي تجيد أكثر من لغة. هذه البيئة التي نشأت وتربيت فيها كانت مشجعة لي علي استكمال دراستي. قضيت مدة طفولتي من السادسة حتي سن الــ 17 في كلية البنات الأمريكية. وباستمرار طوال اليوم الدراسي من السابعة والنصف صباحا إلي الرابعة عصرا لم نكن نتحدث إلا باللغة الإنجليزية.

ــ حلم الطب ولماذا حرمت منه سهير القلماوي؟

وتضيف القلماوي، في حديثها إلي التليفزيون المصري حول مسيرتها المعرفية والأدبية: في صغري كنت كبقية البنات أحب والدي، إلا أن حبي له كان أكثر بدرجات عن بقية البنات، فكنت أناوله أدواته الجراحية، أو أجري تحليل سكر أو دم، وكان حلمي أن أصبح طبيبة كوالدي، فلما تخرجت من كلية البنات الأمريكية، لم يكن لدي فكرة عن أن الجامعة المصرية آنذاك إن كانت تقبل بالتحاق الفتيات بها أم لا.

وتضيف: تقدمت بأوراقي إلي الجامعة المصرية ــ جامعة القاهرة ــ في شهر مايو، بينما زميلاتي كن ينتظرن نتيجتهن في شهر أغسطس، لكن أوراقي رفضت كوني فتاة، بالإضافة إلي أن شهادتي أمريكية غير معترف بها. 

ــ كيف نجح طه حسين في إلحاق سهير القلماوي بالجامعة

وتتابع الدكتورة سهير القلماوي: بفضل الدكتور طه حسين قبلت أوراقي أخيرا بجامعة القاهرة قسم اللغة العربية. لقد بدأت حياتي بإعجاز، أذكر في بداية حياتي كنت أكتب موضوع عن طرفة بن العبد، كتبته بالإنجليزية ومن ثم ترجمته إلي العربية، نظرا لصعوبة تعبيري عن أفكاري باللغة العربية، وهذا لا ينفي أن والدي كان يجعلني أقرأ القرآن الكريم، والتفاسير والجرائد، بالإضافة إلي قراءاتي للعقاد، والدكتور طه حسين، إنما كانت هذه قراءات هاوية.

وتلفت سهير القلماوي إلي: أساتذتي في الجامعة أحاطوني بكل رعاية خلال سنوات دراستي الأربعة، وكنت خلالها الطالبة الوحيدة في قسم اللغة العربية. موضحة أن التحدي هو الذي يخلق الشخصية ويكونها. وكان أول الدروس التي تعلمتها ألا أقف عاجزة أمام أي تحدي في حياتي إطلاقا. خاصة وأننا كنا أربعة فتيات فقط ندرس في الجامعة، حتي أن الناس كانوا يقفون أمام الجامعة يشيرون علينا في الدخول أو الخروج، لكن كل هذا مر بسلام. وتخرجت من الجامعة وكل أمل أن أنشئ جريدة سياسية يومية وأن أعمل بالصحافة علي أوسع نطاق.

وتضيف: استمريت في الكتابة في كل الجرائد والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية، لمدة أربعة أعوام. وكان أستاذي الدكتور طه حسين يصدر جريدة يومية بعنوان “الوادي”، وكنت أكتب في كل عدد منها بأسماء مختلفة، مرة باسمي، ومرة بأسماء مستعارة، وكنت أترجم نصوصا للجريدة من مجلات وجرائد أجنبية.         

تنوعت مؤلفات الدكتورة سهير القلماوي، بين مجالات المعرفة والأدب والسياسة والنقد الأدبي. حيث صدر لها كتابات: أحاديث جدتي، أدل الخوارج، ألف ليلة وليلة، المحاكاة في الأدب، الشياطين تلهو، في النقد الأدبي، ثم غربت الشمس، ذكري طه حسين وغيرها.

بالإضافة إلي تأسيسها لأول معرض للكتاب المصري، وأول من أنشأت مكتبة في مسرح الأزبكية. ونالت العديد من التكريمات والقديرات من بينها: جائزة الدولة التقديرية في أدب الشباب، جائزة الدولة التشجيعية، وسام الجمهورية من الطبقة الأولي وغيرها.