معرض جماعي في «رواق مارينا» بالمنستير: فنانون يرسمون الأفكار الثائرة بألوان صاخبة ...


في معرض جماعي قدّم ايوب زرمديني وكريم الزين واسيا الكعلي وسنية خليفة ونادية شقرون وفيروز بوجدي.
يشارك خمستهم باعمالهم في معرض جماعي تنظمه الجمعية المتوسطية للفنون المعاصرة التي يشرف عليها الفنان محمود قفصية والهدف من المعرض التعريف بإبداعات ابناء الجهة وتعويد زوار «مارينا» على مشاهدة اللوحات التشكيلية حسب تعبير قفصية.
عدسة كريم الزين دفاع عن الموروث والهوية:
كل فن يحمل نورا الى الآخر، كل صورة تأخذ منه الكثير من الحب والبحث، لكريم الزين علاقة خاصة بعدسته السحرية فهي وسيلته لتقديم الحقيقة، هي مطيته للإبداع أيضا، كريم الزين الفنان التشكيلي والفوتوغرافي، المجدد في صوره وتيمة التصوير عنده كطفل يلاعب عدسة ليكتشف عوالم أخرى، كريم الزين من المدافعين عن التراث اللامادي والمادي لولاية المنستير تحديدا مدينته قصر هلال، عدسة الكاميرا صوت للمهن التي تكاد تندثر وصورة «للصنايعية» الذين قدموا سنوات كثيرة في خدمة النسيج والطين والزخرفة لتكون اعمالهم اليدوية والحرفية شاهدة على عراقة الحرفة في قصر هلال، تلك اللحظات تلتقطها عدسة شاب شغوف بالتراث ليقدما الى الجمهور ويعرّف بمخزون جهته الفني والإبداعي.
تبدع العدسة في التقاط ملامح الوجه اعتمادا على الاضاءة الطبيعية، في صور كريم الزين حميمية غريبة بين المصورة وصاحب الصورة ولا توجد اضافات اضاءة اصطناعية او «فوتوشوب»، اغلب اعماله مفرغة من الالوان فقط الابيض والأسود، تلك التجاعيد المرسومة على الجباه ونظرات استحضار سنوات الشباب وارتعاشة اليد جميعها توجد في الصور التي تكاد تنطق لتحدث متأملها عن براعة ذاك السيد وقدرته على صناعة اجمل المنسوجات، وبراعة الاخر في خياطة شباك الصيد قبل الانطلاق الى معشوقه البحر يقارع امواجه ويصارع ظلمته، في المعرض الجماعي يشارك الزين بثلاثة أعمال، واحدة لناسج النول، حرفي من القلائل الذين يمارسون مهنة النول ويحافظون عليها رغم تقدم صناعة النسيج وهو جزء من ذاكرة قصر هلال والساحل التونسي، الثانية ايضا لحارس النول من الاندثار والثالثة لصياد يخيط شباكه، ثلاث صورة فوتوغرافية لملامح حقيقية تندرج في خانة الفن الواقعي وهي وسيلة الزين ليدافع عن الذاكرة المادية لمدينته، فالتوثيق فعل يعيد الحياة في الحرف الميتة ويبعث الروح في الافكار المنسية، والكاميرا سلاح كريم الزين يدافع به عن هويته الحرفية والتشكيلية..
الواقعية المفرطة في اعمال ايوب الزرمديني تحدث الدهشة
مبهرة هي الصورة تشد انتباه الزائر منذ الباب، احجام كبيرة ودقة في التفاصيل وألوان مميزة، منذ المدخل تبدو كأنها صورة فوتوغرافية كبيرة الحجم، لكن بمجرد الوقوف امام الاعمال نجدها رسم، هي اخر ابداعات الفنان التشكيلي ايوب زرمديني، لوحات تشكيلية بأحجام كبرى تحاكي التفاصيل المرسومة بكل دقة «اقلّ لوحة تطلب رسمها ستّ اشهر ويزيد، اعمل منذ فترة الواقعية المفرطة، وهي مسار تشكيلي جديد في تونس، يوجد في العالم لكنه لا يوجد كثيرا في تونس، مسار اخر اخوض غماره وامثل به وطني تونس، اللوحة في الاصل صور فوتوغرافية اشتغلت عليها ورسمتها مع نقل التفاصيل بكل دقة ومحاولة قراءة ماتقوله العين واعادة تجسيده» حسب تصريح الفنان لـ«المغرب».
لوحات ايوب الزرميديني مبهرة، تقنيا متكاملة وفنيا تغري الزائر بمزيد اكتشاف اسرارها والبقاء امامها وقت اطول فنان يعمل بشعار « أتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان»، بعض الاعمال ترسم لأكثر من عام «ارسم مثلا تفاصيل حدقة العين وبعد اشهر لا اجد البريق المقصود فاطمسها بالأبيض وأعيد الرسم من جديد، الوقت الطويل امام البياض يشعرني انني اقوم بعمل جبّار، اجده في انتهاء اللوحة» كما يقول.
وبالفعل لوحاته تكشف حبا للفن التشكيلي ورغبة في التجديد، الوجوه المرسومة ليست خالية من الحياة بل ترشح ثقة وحبّا، تأملها يحمل الزائر للرغبة في اكتشاف اكثر تفاصيل تلك التجاعيد الصغيرة او الوجع المخفي في الصورة الفوتوغرافية تكشفه ريشة ايوب زرمديني في اعماله الصاخبة بالحياة.
بين التشخيصي والتجربي تبدع اسيا الكعلي
تتمازج الالوان لتصنع بهجة اللوحة، بعض الوجوه كاملة والجزئيات موجودة واخرى تتركها الرسامة فارغة ليصنها المتامل في مخيلته ويكون قراءته الخاصة بالعمل، الفنانة اسايا الكعلي تجمع في لوحاتها بين التشخيصي والتجريدي فترسم الطفولة والربيع، لوحة اولى لوجه فتاة تلتحف بالوان الربيع وتلبس ازهار الامل، الخلفية تمتزج فيها الاصفر مع الازرق ورسومات صغيرة لاطفال واستعملت تقنية التلصيق لقصاصات صحفية، مزيج من الحياة تجمعه الرسامة في عملها التشكيلي الموشى بحب الحياة.
العمل الثاني ترسم عبره الطفولة تعتمد على اللونين الاخضر والازرق ولكليهما معى الهدوء والسلام، ترسم فتيات صغيرات بعضهنّ بملامح الوجه الواضحة المعالم والاخرى فقط الهيكل العام وكان بالرسامة تدعوا متامل عملها ليتمعن اكثر في اللوحة ويتساءل عن وضعية الطفولة في هذا البلد، فللوحة اكثر من قراءة وهو اسلوب اسيا الكعلي لتقحم المهتمين بالفن التشكيلي في عمليتها الابداعية.
المدينة كما تراها سنية خليفة
تتقفن التلاعب بالألوان، تحول الاصفر الى مادة تشكيلية مميزة، تبدع في تجسيد المشاهد وتضيفها مسحة من التجريب، سنية خليفة تحمل جمهور اعمالها الفنية الى المدينة العتيقة فيعيد التجوال بين ازقتها واكتشاف الوانها المخفية عبر اللوحة، ترسم احد الحرفيين منكبا على صنعته منهمكا في ابداعه، يكون الاصفر اللون الرئيسي في العمل، رغم وضوح المشهد ستعيد العودة الى العمل لاعادة اكتشاف بعض اسراره، توغل في التجريب، تتداخل الخطوط والالوان ليصنعوا ملحمة تشكيلية تنتهي بمشهد السوق، ترسم الازقة والجامع والعمارة موزعة الوانها بذكاء فتمزج البرتقالي مع الاخضر ومساحة من البني لتفتح ابواب القراءة للعمل، سنية خليفة في لوحاتها تعمل على ثلاثية المادة واللون والتاثير وكانها تجعل المتفرج جزء من عملها التشكيلي.
فيروز بوجدي تعيد رسم المراة والبحر
احبّت البحر، احبّت غموضه وجماله فرسمته، انتصرت للمرأة وقدرتها على المقاومة فمزجتها مع الازرق الممتد، الفنانة التشكيلية فيروز بوجدي تشارك في المعرض الجماعي بأعمال تحاكي جمال المرأة وقوتها في انسجامها مع امتداد البحر، من خلال لوحاتها ترسم صيادة المدية وترسم المرأة الصيادية ايضا بألوان جدّ مميزة، في اعمالها يحضر اللون الاحمر في الشعر وتدرجات اللون الازرق التي تحاكي هدوء المرأة وقدرتها على اتخاذ اصعب القرارات، لوحات فيروز بوجدي تدافع عن الذاكرة والموروث الغنائي عبر رسم الرقبة الطويلة تماهيا مع اغنية «صب لمال وهات، يا عاشق البنات يا ام الرقبة الطويلة، عريسك في التهليلة» والاغنية من «الجلوة» الساحلية لا تغيب عن موسم فرح، اغنية حولتها فيروز بوجدي الى الوان يتشابك فيها الازرق مع بقية الالوان الصاخبة المنتصرة للحب والحياة.
نادية شقرون تستنطق وجع المراة
اصرخي ولا تخافي ظلمة الواقع ولا وجع المجموعة، فليكن صوتك حريتك المسلوبة ولتسرقي املك ولتكوني انت امرأة، قوية، حرة لا تخاف الظلم ولا تهابه، هكذا تقول اللوحة لوجه امراة صارخة حولها بعض من حمرة الدماء وشظايا ربما هي الوجع المخفي داخل كل امراة ترسمها نادية شقرون.
المراة في لوحاتها ثابتة، تختلف الملامح او طريقة الرسم لكن حضور الانثى ضروري في اعمالها، ريشتها تنتصر لكائن يبعث الامل رغم كل الامل الذي تنقله الالوان، في اعمالها تميل شقرون الى التجريب وتفتح شبابيك التاويل لقراءة لوحاتها الفنية المسكونة بالوان حارة تشد انتباه الزائر وتجعله يعيد قراءة العمل ويحاول استنطاقه عملا بمقولة «نعرف جميعاً أن الفن ليس الحقيقة، إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة».
أعمال ترسم المراة وتنتصر لوجعها وتبرزه، فالمراة كائن من نار واعمال نادية شقرون ترسم من حب وأمل.

تاريخ الخبر: 2022-07-23 12:21:43
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية