مفكرون في ندوة «الدستور»: «الإخوان» حاولوا سرقة «ثورة يوليو» وفشلوا(2-3)

أدار الندوة : وائل لطفى 

حاضر فى الندوة : أ. د. نبيل عبدالفتاح - د. جمال شقرة  - د. محمد عفيفى  - أعدها للنشر - إيهاب مصطفى - نعمات مدحت - عدسة: مصطفى سعيد - إسلام محمود

ضعف الأحزاب والحاجة لمواجهة سلطتى الاحتلال والملك حتما خروج الحركة من الجيش

الخطة الخمسية الأولى لم تحقق أهدافها الكاملة بسبب حرب اليمن

الثورة حققت نهضة صناعية أسهمت فى إحداث تغير اجتماعى

«نظام يوليو» حوَّل «التأميم» إلى ظاهرة فى بلدان التحرر الوطنى

الإصلاح الزراعى دعم الفلاحين وحررهم من طبقة كبار الملاك

الثقافة المصرية لا تزال تعتمد على ميراث الستينيات وعلى رأسه إنشاء أول وزارة للثقافة

كل القوى الاجتماعية قبل «يوليو» لم تكن قادرة على مواجهة «الإنجليز»

سياسة «الإخوان» القائمة على «انتظار الفعل ثم ركوب الموجة» لم تفلح مع يوليو

مشروع التنمية بدأ مع عبدالناصر بمساعدة اقتصاديين دارسين فى الغرب

احتفاءً بالذكرى السبعين لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، استضافت «الدستور» عددًا من أساتذة التاريخ والباحثين، لتقديم قراءة نقدية وتاريخية عن كل ما يتعلق بالثورة، بداية من البيئة التى دفعت إلى اندلاعها، والنتائج التى ترتبت عليها، إلى جانب نظرة الجيل الحالى إليها وإلى النظام الذى ثارت عليه بقيادة الملك فاروق.

وتحدث فى الندوة التى انعقدت بمقر «الدستور»، كل من الدكتور جمال شقرة، والدكتور نبيل عبدالفتاح، والدكتور محمد عفيفى، وأدارها الكاتب الصحفى وائل لطفى، رئيس تحرير الجريدة.

وفى هذه الحلقة الثانية، يتحدث الضيوف عن الظروف التى سبقت اندلاع الثورة، وكيف حتمت أن يكون التحرك من قبل الضباط الوطنيين فى الجيش، وليس القوى المدنية والحزبية والاجتماعية الموجودة آنذاك، إلى جانب دور الثورة فى محورى التنمية والثقافة.

وجه الكاتب الصحفى وائل لطفى، رئيس تحرير جريدة «الدستور»، سؤالًا للدكتور محمد عفيفى، عن دور ثورة ٢٣ يوليو فى إنقاذ مصر من جماعة «الإخوان» الإرهابية وتصاعد نفوذها منذ الأربعينيات.

وقال «لطفى»: «هناك أمر افترضته وهو اجتهاد منى، أن ثورة يوليو أنقذت مصر من الإخوان وتصاعد نفوذهم، وأن الضباط أنقذوا مصر من انقلاب إخوانى، والمسألة الأخرى ما يقوله الإخوان إنهم كانوا متضامنين مع الثورة، ولهم دور فى الحركة والتنظيم، لكن تم إقصاؤهم فى النهاية، وربما لأمر ليس هذا ولا ذاك.. فما رؤيتك لحركة الضباط؟ وهل أنقذت مصر من الإخوان بالفعل؟».

وأجاب الدكتور «عفيفى»: «أشكر جريدة (الدستور) على الاحتفاء بثورة يوليو، وهو ماضٍ والحاضر تغير، وأخشى أنه بعد عشر سنوات الشباب ستكون اهتماماته متغيرة نتيجة لتغير الظروف، فنحن لدينا شغف بثورة يوليو، والبعض يدافع فيها عن أفكاره وتاريخه، لأنه عاش هذه الفترة، لكن بعد ٢٠ عامًا اهتمامات الجيل ستكون مختلفة، وخناقات الفيسبوك حول الثورة إما بتقديسها أو وصفها بأنها انقلاب عسكرى أضاع حلم الليبرالية، وكلاهما غير صحيح وغير ناضج علميًا».

وتابع: «أرجع لسؤالك الرئيس.. بعد الحرب العالمية الثانية العالم تغير، القوى التقليدية تغيرت، الأحزاب التقليدية تغيرت، ونحن جزء من هذا العالم، كما أن الشباب بدأ يتجه اتجاهات أخرى نحو ما نسميه الجماعات الأيديولوجية، ليس فقط الإخوان، ولكن مصر الفتاة أيضًا، التى كان عبدالناصر عضوًا فيها خلال فترة شبابه، وأصيب فى مظاهرة لها، علاوة على الجماعات الشيوعية، حتى إن مما جاء فى الوثائق الأمريكية أن مصر كانت مؤهلة لحدوث انقلاب شيوعى بشكل كبير نتيجة الأزمة الاجتماعية والسياسية، وفقًا للتعبير الأمريكى».

وأضاف: «كانت هناك أزمات ليس فى مصر فقط، لكن فى سوريا والعراق أيضًا، وكان هناك تخوف ليس من الإخوان فحسب، لكن من الشيوعيين أيضًا عن هذا الخوف، ففى ظل بداية الحرب الباردة، واتجاه الأوضاع فى مصر وسوريا والعراق لأزمة اجتماعية وسياسية نتيجة لتغير القوى، كان هناك تخوف من حدوث مد شيوعى، خاصة فى مصر والعراق».

■ هل نتج عن هذا الخوف نوع من أنواع التسامح الأمريكى مع حركة الضباط؟

يجيب الدكتور محمد عفيفى: «نعم بالفعل، وأيضًا الكثير يتحدثون عن مشروع الإصلاح الزراعى كأنه هبط من السماء، على العكس تمامًا هو مشروع أمريكى بالمناسبة، وهناك كتب مترجمة عن الإنجليزية فى الأربعينيات بالعربية عن الإصلاح الاجتماعى كضرورة للحيلولة دون حدوث ثورات اجتماعية فى المنطقة».

ويضيف: «فى الأصل وبالمناسبة الإصلاح ليس فكرة اشتراكية بقدر ما هى فكرة رأسمالية لإنقاذ المنطقة، المنطقة كانت مهيأة لحدوث أزمات اجتماعية بشكل كبير جدًا، وكان هناك تغيير، إما بأن جماعات فاشية تصل للحكم، مثل مصر الفتاة، وبعدها الحزب الاشتراكى وأحمد حسين أو الإخوان المسلمين أو الشيوعيين، خاصة أن النظام القديم كان يعانى من انهيار بشكل كبير جدًا، أو هناك بديل آخر مطروح، وهو أن الملك انتهت شعبيته».

ويواصل: «كانت هناك فكرة تدور حول: هل مصر يمكن أن تصل إلى نظام ملكى دستورى بالفعل؟ أى أن الملك- سواء فاروق أو من يأتى بعده- يملك ولا يحكم، تمامًا مثل النظام الإنجليزى، وأن تُكمل مصر طريقها بشكل ليبرالى، وهذا كان أمرًا مطروحًا بشكل كبير جدًا، لكن تطور الأحداث الاجتماعية بشكل كبير أدى إلى حدوث حالة احتقان، وبالتالى كانت الولايات المتحدة أكثر من إنجلترا فى متابعة المسألة، لأن حدوث أزمات اجتماعية أو ثورة أو تغيير فى مصر كان سيسقط المنطقة كلها فى أحضان الشيوعية».

ويكمل: «من هنا كانت مصر تنتظر التغيير بشكل كبير جدًا، وكما قال الزملاء، حزب الوفد بدأ فى الضعف آنذاك، ولم تستطع الطليعة الوفدية التى اقترحت أفكارًا مهمة أن تغير فى تركيبة الحزب أو فى المسألة عامة، وبالتالى كانت القوى الجديدة، سواء مصر الفتاة أو الشيوعيون أو الإخوان، هى المسيطرة على الوضع».

ويبين أنه «لو نظرت فى تركيبة الضباط الأحرار، ستجدهم موزعين على هذه التقسيمة بشكل كبير، جدًا، سوف تجد ضباط أحرار إخوان مسلمين، وضباط أحرار شيوعيين (حدتو)، إلى جانب الفاشيستيين من مصر الفتاة، وبالتالى كان لا بد من حدوث تغيير».

مَن مِن الضباط كان من «مصر الفتاة»، باستثناء جمال عبدالناصر خلال فترة دراسته فى الثانوية العامة؟

يجيب الدكتور محمد عفيفى: «الصف الثانى من الضباط الأحرار، وبعد ذلك تغيروا وأصبحوا فى الحزب الاشتراكى بقيادة أحمد حسين، وأخذ ذلك طابعًا إسلاميًا أيضًا، على أساس أن الفاشستية تكون فاشستية إسلامية، واتهموا فى حريق القاهرة، لأن هذا الحريق كان فكرة انهيار نظام».

وشدد على أنه «ليس من أنصار الحديث عما قبل ثورة يوليو بأنه العهد البائد، وأنه ليس من أنصار أن ٢٣ يوليو وما بعدها انقلاب، وكذلك ليس مع أن تاريخ مصر المعاصر يبدأ من ٢٣ يوليو، لكن أنا من أنصار فكرة الاستمرارية فى الحقيقة، وهو البعد الغائب عن أى تقييم لهذه المرحلة».

ودخل الدكتور جمال شقرة للتعليق على ما استعرضه الدكتور «عفيفى»، وقال: «الدكتور محمد عفيفى كان حديثه رائعًا عن الجماعات الأيديولوجية، لكن ما أريد توثيقه أن الإخوان رغم أنهم يمتلكون تنظيمًا سريًا، لكن هم جماعة انتهازية، لذلك لم يكن هناك أى تفكير لدى الجماعة بعد حريق القاهرة، وهى المتهم الأول وفقًا للكتابات البريطانية، فهم الذين أخذوا البودرة الحارقة من معسكر قناة السويس».

وأضاف: «أريد هنا أن أقول شيئًا مهمًا، وأن أوثق حديث د. عفيفى فى أن تقارير المخابرات الحربية والبحرية المصرية قبل ٥٢، فيها إشارة إلى أنه تم تسييس الجيش المصرى، تم تسييس عدد كبير جدًا من الضباط. كما قال د. عفيفى، فى تقارير المخابرات الحربية كانوا يتابعون الضباط، فيكتبون أن فلانًا من مصر الفتاة، فلانًا إخوان، فلانًا وفدى».

وواصل: «كل القوى المدنية راهنت على الضباط، وهى مفارقة تلغى فكرة إمكانية التغيير إلى الملكية الدستورية، وحتى حين قلت هذا وبعض الوفديين ناقشونى، أخبرتهم أن تقارير الجيش هى التى ذكرت الأمر. ليس هذا فقط وإنما على المستوى الدولى أيضًا، فالولايات المتحدة راهنت على الضباط الوطنيين، الأمر الذى تسبب فى حدوث لبس: هل هى ثورة أمريكية أم أنها ليست أمريكية؟».

وأكمل شرحه لهذه النقطة: «تقارير المخابرات الأمريكية آنذاك كانت تقول إن الوضع (زفت)، وسيتغير بثورة لن يقوم بها إلا الضباط الوطنيون، وهذا أمر لا يقبله الكثيرون، لأنهم من أنصار أن الليبرالية هى الحل. لكن لو درست اجتماعيًا وسياسيًا، ستجد أن هناك عجزًا لدى هذه القوى لا يمكنها من القيام بالثورة». وبرر ذلك لسبب بسيط للغاية، هو أن ثورة يوليو- وهى مميزة عن الثورة الفرنسية والثورة البلشفية- ستواجه سلطة الاحتلال، ونظريًا ستواجه سلطة الجيش والبوليس المصرى، لذلك فالثورة هنا ثورة لها ظروف خاصة».

وأتم «إنك لو فحصت القوى الاجتماعية ستجدها كلها غير قادرة على مواجهة دبابات الإنجليز، وطبعًا كبار الملاك لن يقوموا بثورة لأنهم مستفيدون من النظام، والرأسمالية المتمصرة مستفيدة هى الأخرى من النظام نفسه، وإذا نزلنا إلى الأسفل قليلًا عند الطبقة المتوسطة، نجد أنهم أصحاب كلام فى الهواء، هم يكتبون ويتحدثون ولا يموت منهم أحد فى الثورات بالمناسبة، وبالتالى يقومون بالتهييج فقط، وأظن أنه بعد ٢٠١١ كلهم أحياء يرزقون، ومن مات هم الشباب فقط».

وخلص إلى «أنك تريد مواجهة أسلحة الإنجليز، وسلطة الملك ومؤسساته ومنها الجيش، على اعتبار أن الجيش جيش الملك.. مَنْ لديه السلاح والقدرة على هذه المواجهة؟.. الضباط والإخوان، لكن الإخوان جماعة انتهازية، تنتظر من يبدأ بالفعل، ثم تخطط للركوب على الثورة».

وسأل الكاتب الصحفى وائل لطفى: «عبدالناصر كان يتحدث عن فشل حزب الوفد وأحزاب ما قبل الثورة فى التنمية، وكان يقول إنهم يذهبون إلى بيوتهم فى الواحدة مساء.. هل انشغلت أحزاب ما قبل يوليو عن التنمية بالتفاوض مع الإنجليز والسعى إلى الجلاء؟».

أجاب الدكتور نبيل عبدالفتاح: «لم يكن هناك تصور تنموى جديد فى الأساس قبل ٥٢، كانت المسألة تعتمد على طبقة كبار الملاك شبه الإقطاعية، والطبقة شبه الرأسمالية الموجودة، التى تعتمد على الأفكار التقليدية فى النظام الرأسمالى، دون حتى تطوير إلى الفكر الاقتصادى المطروح من قبل الاقتصاديين المصريين، سواء الذين يدرسون فى الجامعات، أو الذين يديرون مشروعات، وهى كلها مشروعات قطاع خاص، باستثناء بعض المشروعات الأساسية للدولة مثل السكك الحديدية».

وبالتالى ليس هناك مشروع تنموى خارج الأفكار البسيطة للفكر الرأسمالى التقليدى، ولم يشهد الفكر الاقتصادى المصرى والاجتماعى تصورات بالنسبة للطبقة السياسية الحاكمة تتجاوز هذه الأفكار التقليدية فى النموذج الرأسمالى، وفق «عبدالفتاح».

وأضاف: «حتى بعد أزمة الكساد العالمى فى أواخر العشرينيات، تأثر الفكر الاقتصادى العالمى وظهرت الكنزية، ثم مع التطور ظهرت أفكار جديدة وصولًا إلى النيوليبرالية الحالية، لكن مثل هذه الأفكار لم تدخل جديًا إلى الفاعلين الاقتصاديين فى الواقع المصرى، ولا لدى الطبقة السياسية الحاكمة، التبلور الحقيقى لمشروع التنمية بدأ مع عبدالناصر، خاصة مع وجود بعض الاقتصاديين المصريين الذين درسوا فى الغرب وجاءوا ومعهم الأفكار الجديدة فى إطار تطور الرأسمالية الغربية، والبعض الآخر الذى تأثر ببعض تجارب التنمية التى تمت فى الإمبراطورية السوفيتية والدول الاشتراكية آنذاك، وما كان يتم فى الصين تحديدًا».

وعَقّب «لطفى» قائلًا: «هناك حكمان على ما قبل ٦٧، الأول يقول إن التجربة التنموية كانت تسير على ما يرام وقتها، وحققنا أرقامًا من أعلى معدلات التنمية، والثانى يرى أن الخطة فشلت... فما الحقيقة؟».

قال «عبدالفتاح»: إن الخطة الخمسية الأولى لم تحقق الأهداف الكاملة المنوطة بها، نتيجة دور مصر فى حركة التحرر العربى، ومن الممكن أن هذا التدخل لم يكن مدروسًا جيدًا، وبكل تأكيد أثر على الخطة الخمسية الأولى.

وأضاف: «لكن إنجازات يوليو من ١٩٥٢ إلى هزيمة يونيو ١٩٦٧ القاصمة التى ما زال أثرها فى الروح إلى الآن، تتضمن فى تقديرى: تأميم القطاع الصناعى وتوسيعه وتحقيق نهضة صناعية غير مسبوقة، ترتب عليها إحداث تغيرات فى العلاقات الاجتماعية ونظام القيم المتغيرة، ودمج بعض القطاعات الفلاحية فى التصنيع، ولا شك أن إدخال هذه الفئات الاجتماعية كان يشكل رافعة أساسية لإحداث التغيير الاجتماعى والاقتصادى فى البلاد»، لافتًا إلى أن قرارات التأميم لم تكن فى هذا العهد وسياقاته الدولية أمرًا غريبًا أو استثنائيًا، فقد لجأ إليه الدكتور محمد مصدق فى إيران عام ١٩٥١، ومع نظام يوليو تحول إلى ظاهرة فى بلدان التحرر الوطنى ما بعد الاستعمارية الأوروبية.

هناك أيضًا الإنجاز المتعلق بقوانين الإصلاح الزراعى، التى أدت إلى تصفية طبقة كبار الملاك، وهى أيضًا طبقة سياسية ولها جذورها فى الفكر الاجتماعى المصرى والغربى، خاصة مع صعود الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فى المرحلة شبه الليبرالية، وقد أدت سياسة الإصلاح الزراعى إلى توسيع القاعدة الاجتماعية العريضة، ودعم الفلاحين وتحريرهم من طبقة كبار ملاك الأراضى الزراعية.

وواصل نبيل عبدالفتاح: «عندما نعى لويس عوض، جمال عبدالناصر، ولم يكن ناصريًا بالمناسبة، قال إن الفئات الاجتماعية التى كانت تنتظر أن تمتد يده إليها، هم أكثر من بكوا على عبدالناصر»، منبهًا إلى أن «التقييم الموضوعى التاريخى مهم جدًا، لأنه يحدث التوازن فى الذاكرة التاريخية، خاصة أن العقل الجمعى والتشويش الذى حدث من عصرى السادات ومبارك يتسم بالخفة الشديدة واللاعلمية».

وأتم حديثه فى تلك النقطة بالإشارة إلى بُعد سلبى فى تفكيك نظام الملكية للأراضى الزراعية، هو عدم تشكيل ملكيات تعاونية أو جماعية تطور الزراعة المصرية وتهيكلها وتحدثها وتدخل إليها «الميكنة».

انتقل «عبدالفتاح» بعدها للحديث عن دور ثورة يوليو فى تغيير العلاقات الاجتماعية، ومواجهة العقل النقلى المسيطر، سواء فى المؤسسة الدينية أو خارجها من الجماعات السلفية أو الإخوانية، من خلال محور الثقافة.

وقال إنه «رغم القيود التى ننتقدها جميعًا فى مجال الحريات العامة، وإغلاق المجال العام، ومحاصرة الجمعيات الأهلية، ما أنجزته ثورة يوليو فى المجال الثقافى يبدو مثيرًا للاهتمام، وأعتقد أن بعض الأدوات الثقافية وأجهزة السلطة الثقافية الرسمية حتى هذه اللحظة تعتمد على موروث الناصرية فى هذا المجال، وأوله إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومى فى عهد فتحى رضوان، ثم تحولها إلى وزارة الثقافة مع الدكتور ثروت عكاشة، للمرة الأولى فى تاريخ مصر».

وأضاف أن إنشاء وزارة الثقافة أسهم فى زيادة الترجمات عن اللغات الأجنبية، خاصة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، ثم دخلت الفرنسية بعد ذلك إلى مجال الأدب والفكر الاشتراكى، مع تراجع الترجمة عن الفكر الليبرالى وتوابعه، فضلًا عن التركيز على الترجمات الأدبية فى مجال المسرح. وظهرت نهضة مسرحية بارزة من خلال هيئة المسرح، ورغم أن أسوأ ما فيها كان المسرحيات المقدمة فى مسرح التليفزيون، مع غلبة المسرحيات الكوميدية، كان يتم تقديم التراث المسرحى المعاصر منذ نهاية أربعينيات القرن الماضى وربما أبعد من ذلك على مسرح الطليعة وغيره من مسارح الدولة.

كذلك- والحديث لا يزال لـ«عبدالفتاح»- حدثت طفرة فى صناعة السينما، من خلال مؤسسة السينما التى أنتجت الكثير مما ضمته قائمة «أهم مائة فيلم مصرى فى القرن العشرين»، مع التوسع فى إنشاء دور السينما فى الأقاليم خارج القاهرة والإسكندرية، قبل أن تتراجع وتُغلق غالبيتها فى المحافظات، مع تمدد الحركة الإسلامية التى تواطأ معها الرئيس السادات.

ورغم هيمنة كبار الكتاب من المرحلة شبه الليبرالية، وبقائهم متحكمين فى كل المنابر الأساسية حتى ثمانينيات القرن الماضى، ظهر جيل الستينيات فى الأدب المصرى، الذى أحدث نقلة جديدة فى مجالات الرواية والقصة القصيرة والكتابة المسرحية، إلى جانب الشعر، خاصة شعر «التفعيلة» بقيادة صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وأمل دنقل وآخرين.

وأشار إلى بدء حركة النقد الجديدة مع المدرسة النفسية «أنور المعداوى»، والاجتماعية «محمد مندور»، ولويس عوض ورجاء النقاش، ما أثر على مستوى الحركة النقدية فى العالم العربى، كما أن النهضة الأدبية والثقافية أسهمت فى تجديد القوة الثقافية المصرية فى الإقليم العربى فى فترة ما بعد الاستعمارية، قبل أن تتراجع نسبيًا بعد حرب أكتوبر ٧٣.

مفكرون فى ندوة «الدستور »: خصوم يوليو يُصفّون حساباتهم معها حتى اليوم (1-3)

ندوة الاستاذ وائل لطفى تصوير اسلام محمود و مصطفي سعيد (16)
ندوة الاستاذ وائل لطفى تصوير اسلام محمود و مصطفي سعيد (19)
تاريخ الخبر: 2022-07-24 21:21:58
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية