بعد انتشار وسم “أخنوش ارحل”.. هل ستعمل الحكومة على تنزيل الدولة الاجتماعية؟


في ظل الحديث الراهن عن “النقاش المُستفيض” القائم ما بين فرق الأغلبية والمُعارضة، المُتزامن مع “الحملة الرقمية التي باشر بها جُملة من المواطنين عبر مُختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لمُطالبة حكومة عزيز أخنوش، بالتدخل العاجل من أجل خفض أسعار المحروقات، أو الرحيل، استفسر جُملة من المُهتمين بالشأن العام الوطني، عن مدى استعداد الحكومة على تنزيل مضامين الدولة الاجتماعية، من أجل تكريس الثقة لدى المُواطن المغربي.

 

وفي الوقت الذي تستغل فيه حكومة عزيز أخنوش، التي تم تنصيبها من طرف العاهل المغربي محمد السادس يوم 7 أكتوبر 2021، كل فُرصة مًتاحة للتصريح بكونها حكومة عمل لا فعل، ردا على كل من يوجّه لها انتقادات بأنها تُعاني من “قلة التواصل وندرة الخروج الإعلامي لعدد من وزرائها، على رأسهم رئيس الحكومة” وُجّهت إليها جُملة من الدّعوات الرامية لتنزيل “الدولة الاجتماعية” وكذا ما هو كائن في “النموذج التنموي الجديد”، خاصّة بعد ما آل إليه الوضع بعد حرائق الشمال، فضلا عن ما خلّفته جائحة كورونا من أزمة اقتصادية.

 

وفي هذا السياق، يقول حسن بلوان، مُحلل سياسي متخصص في العلاقات الدولية وقضية الصحراء المغربية، إنه “رغم تزايد مطالب عدد من الفئات المجتمعية داخل الفضاء الأزرق بتخفيض أثمنة الوقود وباقي الأسعار، إلا أنها تبقى محدودة في الزمان والمكان ولا ترقى إلى مستويات حملة المقاطعة السابقة” مشيرا أنه “بدلا عن الدخول في مواجهات وكسر العظام بين الحكومة والمعارضة، فإنه من المفروض أن تتكاثف الجهود للخروج من أزمة عالمية تضرب الاقتصاد الوطني وتتطلب تضافر جميع الجهود لكسب رهان الدولة الاجتماعية”.

 

“الحملة رغم شراستها على مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن تحميل تداعيات الأزمة لشخص واحد أو حزب واحد وذلك بحُكم التحديات العالمية والإكراهات الوطنية” يضيف بلوان في حديثه لـ”الأيام 24″ موضحا أن “الخطأ الكبير الذي لا زالت ترتكبه الحكومة، هو أنها تعيش عزلة تواصلية، ورغم اختيار بروفايلات الوزراء بعناية، إلا أنهم جميعا فشلوا في توظيف كفاءات إعلامية من أجل التواصل مع المغاربة وشرح الظروف الصعبة والمشاريع المنجزة بكل شفافية وبعيدا عن لغة الخشب المعتادة”.

 

أزمة اجتماعية تلوح في الأفق

رشيد لزرق باحث العلوم السياسية، متخصص في القانون الدستوري، يرى أن “الواجب الوطني والمسؤولية يُحتمان أن تكون الحكومة الحالية حكومة إنجاز اقتصادي اجتماعي، مستقلة تماما وبعيدة عن منطق التجاذب والخصومات السياسية، وتتوفر في أعضائها شروط النزاهة والنجاعة والجاهزية” مؤكدا أن السؤال المهم في الفترة الراهنة هو: إلى أي حد يمكن أن تنجح الحكومة الحالية في الخروج من أزمة الاقتصاد الكلي؟

 

وأضاف لزرق، في حديثه لـ”الأيام 24″ أن “تقلبات الأسعار الدولية يمكن أن تُحدث أزمة اجتماعية والتي يكون معها المحدد الأهم على المدى الطويل للنجاح هو مدى القدرة على إصلاح سياسي في ظل منظومة حزبية غارقة في محاباة المقربين والشعبوية المُدمرة، فهذه المشكلة وتلك تطل بوجهها القبيح الآن” مشيرا أن “إجراء الانتخابات في وقتها، وتنفيذها، هي علامة على التقدم الذي تحرزه البلاد، ويجب أن نحيي هذا التقدم ونشيد به، لكن مصاعب الحُكومة ليست إلا في بدايتها”.

 

“إن الطريق الآمن الآن هو الوصول للدولة الاجتماعية، التي تتأسس على تحقيق العدالة الاجتماعية، والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل الحكومة الحالية قادرة على الوصول لهذه الغاية، التي تمر وجوبا من خلال حوار اجتماعي قوامه تحقيق السلم الاجتماعي يقوم من خلاله تنزيل الأسس الاجتماعية عبر مقاربة تشاركية تتيح إشراك كل الفاعلين بهدف بناء مجتمع فاعلين ومسؤولين” يضيف الباحث في العلوم السياسية.

 

من جهته، يقول حسن بلوان، محلل سياسي، إن “رهان الدولة الاجتماعية هو رهان مصيري لا يرتبط بالحكومة ولا بحزب يقودها أو يشارك فيها، بل هي مشروع ملكي طموح أوكل لهذه الحكومة تنفيذه ومن السابق لأوانه الحديث عن نجاح هذا الورش أو فشله” مشيرا أنه “مهما كانت التحديات والظروف الاقتصادية الصعبة لا يمكن للمغرب أن يتخلى عن رهان الدولة الاجتماعية، وأعتقد أن الحكومة بدأت إصلاحات هيكلية في مجال الصحة والتعليم وإن ربحت هذا الإصلاح ستصلح الدولة الاجتماعية حقيقة خلال السنوات القليلة المقبلة”.

 

 

المعارضة..ودورها في إحداث “قطب اجتماعي”

وبالرجوع إلى رشيد لزرق باحث العلوم السياسية، فإن على المُعارضة الآن واجب تشكيل ما وصفه بـ”قطب اجتماعي يحمل بطبيعته الهم الاجتماعي” مؤكدا أن “تحقيق الدولة الاجتماعية مشروع طويل ومتعدد الأبعاد، يفرض بذل الجهود لتمكين الأفراد وحماية خاصة للفئات الهشة، فجائحة كورونا سلطت الضوء على ضرورة تعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، وهناك حزمة من الإصلاحات الاجتماعية وضعها الملك محمد السادس تفرض على الحكومة تنزيلها من خلال سجل المسك الاجتماعي بإطلاق رقم تعريفي واحد لجميع المواطنين سيسمح بتحسين رصد أوجه الضعف، لهذا لا مناص من بذل جهود متضافرة لتعزيز الحماية الاجتماعية على ضوء التشخيص الكامل لحالات الضعف في المجال الاجتماعي ونهج سياسية عمومية لمعالجة المسائل المنهجية لعجز الضمان الاجتماعي”.

 

“تستطيع الحكومة الاعتماد على قانون المسؤولية المجتمعية لمؤسسات الدولة لدفع الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحماية الاجتماعية باستخدام تدابير ملزمة وكذلك طوعية” يسترسل لزرق في حديثه لـ”الأيام 24″ معتبرا أن “الحكومة مُلزمة بحُسن تنزيل خطة إنعاش، وتخطط لها في أعقاب جائحة كوفيد-19، من الأهمية بمكان أن تأتي المناقشات والتدابير الرامية إلى دعم الشركات بقيود تتسم بالشفافية وترتبط بالقضاء على مواطن الضعف ومعالجة الفساد، وكذلك تنمية القدرات الفردية والفرص والإمكانات المتاحة، وإلى توسيع دائرة الخيارات وتقوية الطاقات، على أساس من المشاركة والحرية والفاعلية، من أجل الوصول إلى تحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع”.

 

ويختم الباحث في العلوم السياسية، حديثه لـ”الأيام 24″ مؤكدا أن تنزيل حكومة عزيز أخنوش للحماية الاجتماعية لن يتأتى إلا بـ”تحصين السيادة الوطنية، عبر توفير الأمن الغذائي والطاقي والصحي؛ والممثلة بالأساس بتوفيق سيادة العمل على تدعيم المخزون الوطني وفق الرأسمال المتاح، المادي واللامادي بجميع أصنافه؛ وفق برنامج عمل بنيوي وطويل الأمد ومتعدد الجوانب”.

تاريخ الخبر: 2022-07-26 21:18:46
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 69%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

البرلمان المغربي يشارك في الدورة ال 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر “تمرد” الدعم السريع

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية