معركة ملاذ كرد
معركة ملاذ كرد | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الحروب البيزنطية السلجوقية | |||||||
هذه المنمنمة الفرنسية من القرن الخامس عشر تصور معركة ملاذ كرد, المحاربين متدرعين بزي الحرب الاوروبي الغربي المستخدم آنئذ. | |||||||
| |||||||
الخصوم | |||||||
الامبراطورية البيزنطية مرتزقة فرنجة وإنگليز ونورمان وكرج وأرمن وبلغار وتورك پچنگ وكومان |
السلطنة السلجوقية تورك پچنگ وكومان |
||||||
القادة والزعماء | |||||||
رومانوس الرابع ، نقفوروس بريـِنيوس، تيودور ألياتس، أندرونيكوس دوكاس |
ألپ أوفدان أفشين باي أرتق باي سليمان شاه |
||||||
القوات | |||||||
~20-30٬000 رجل (في البداية 70٬000 رجل) |
~20-30٬000 رجل | ||||||
الخسائر | |||||||
~8٬000 قتلى (أكثر من نصف الجيش فر) |
غير معروفة |
معركة ملاذ كرد (463هـ/1071م) بين جيش السلاجقة المسلمين بقيادة السلطان ألپ أوفدان والروم بقيادة إمبراطورها رومانوس الرابع، هُزم الروم شر هزيمة وكانت هذة هي البداية انتهاء الدولة الرومية واندحارها.
نجح السلاجقة في النصف الأول من القرن الخامس الهجري في إقامة دولة قوية في خراسان وبلاد ما وراء النهر على حساب الدولة الغزنوية، وأن يعلنوا تبعيتهم للخلافة العباسية، ثم لم تلبث هذه الدولة حتى اتسعت بسرعة هائلة؛ فسيطرت على إيران والعراق، وتوج طغرل بك إنجازاته العسكرية بدخول بغداد في (25 من رمضان 447هـ = 23 ديسمبر 1055م)، وبدأ عصر حديث للدولة العباسية، أطلق عليه المؤرخون عصر نفوذ السلاجقة؛ حيث كانت السلطة العملية في أيديهم، ولم يبقَ للخليفة سوى بعض المظاهر والرسوم.
ويُعَدُّ طغرل بك من كبار رجال التاريخ؛ فهوالمؤسِّس الحقيقي لدولة السلاجقة، نشأت على يديه، ومدت سلطانها تحت بصره، وغدت أكبر قوة في العالم الإسلامي، ونفخت الرُّوح في جسد الدولة العباسية الواهن؛ فدبت فيه الحياة، بعد حتى أوشكت على الموت، منذ حتى أعرب البساسيري، أحد قادة الجند تبعية بغداد للدولة الفاطمية في مصر، في سابقة لم تحدث في تاريخها.
الولاية
تُوفِّي طغرل بك في سنة (455هـ = 1063م) دون حتى يهجر ولدًا يخلفه على سدة الحكم، فشب صراع على الحكم، حسمه ابن أخيه ألب أوفدان لصالحه بمعونة وزيره النابه نظام الملك، المعروف بالذكاء وقوة النفوذ، وسعة الحيلة، وتنوع الثقافة.
وكانت سوابق ألب أوفدان تزكِّي اختياره للحكم؛ فهوقائد ماهر، وفارس شجاع، نشأ في خراسان، حيث كان والده "جغري" حاكمًا عليها، وأُسندت إليه قيادة الجيوش في سن مبكرة، فأظهر شجاعة نادرة في جميع المعارك التي خاض غمارها، وبعد وفاة أبيه تولى هوإمارة خراسان خلفًا له.
ولم تسلم الفترة الأولى من عهده من الفتن والثورات، سواء من ولاته، أومن بعض أمراء البيت الحاكم؛ فقضى على فتنة ابن عم أبيه "شهاب الدولة قتلمش سنة (456هـ الموافق 1064م)، وكانت فتنة هائلة كادت تقضي على ألب أوفدان بعد حتى استولى على الري عاصمة الدولة، وأعرب نفسه سلطانًا، وأحبط محاولة عمه "بيغو" للاستقلال بإقليم هراة سنة (457 = 1065م)، وبعد سنوات من العمل الجاد نجح ألب أوفدان في المحافظة على ممتلكات دولته، وتوسيع حدودها، ودانت له الأنطقيم بالطاعة والولاء، وأُخمِدَت الفتنة والثورات، وتصاعد نفوذه، وقويت شكوته، حتى أصبحت دولته أكبر قوة في العالم الإسلامي في سنة (463هـ = 1070م) مما شجَّعه على التفكير في تأمين حدود دولته من غارات الروم.
فتح بلاد الروم
اطمأن ألب أوفدان إلى جبهته الداخلية المستقرة؛ فبدأ يتطلع إلى ضم المناطق النصرانية المجاورة له؛ بهدف نشر الإسلام فيها؛ فأعد جيشًا بلغ أربعين ألف جندي لهذا الغرض، وتمكن به من فتح بلاد الأرمن، وجورجيا، والأجزاء المطلة على بلاد الروم، وكان لهذه الفوزات أثرها؛ فتحرك قيصر الروم الذي استوعب حتى بلاده معرضة للهجوم من ألب أوفدان، وأن القتال معه وشيك لا محالة؛ فخرج على رأس جيش كبير للقاءة غزوالسلاجقة لممتكلاته، وذلك في سنة (463هـ = 1070)؛ لتطويق الجيش السلجوقي، واستولى على حلب ، وكان حاكمها يتبع الخليفة الفاطمي في مصر.
فطن ألب أوفدان إلى محاولات القيصر؛ فبعث ابنه ملكشاه على رأس قوة من جيشه؛ لاسترداد حلب من الروم، وتأمين الحدود الشمالية لبلاد الشام؛ فنجح في مهمته، واستولى على حلب، وأصبحت تابعة للسلاجقة، وضم القدس أيضًا، وأجزاء من بلاد الشام.
المعركة
لم يجد قيصر الروم بدًا من الهجوم على جيش ألب أوفدان بعد حتى فشلت خطته في تطويق الجيش الإسلامي؛ فخرج بجيوشه الجرارة التي ضمت أخلاطًا من الروس والبلغاريين واليونانيين والفرنسيين إلى المنطقة التي يعسكر فيها جيش السلاجقة في "ملاذكرد"، وكان جيش ألب أوفدان صغيرًا إذا ما قُورِنَ بجيش القيصر، الذي يبلغ عدده مائتي ألف جندي، ويفوقه أسلحة وعتادًا.
أسرع ألب أوفدان بقواته الصغيرة، واصطدم بمقدمة الجيش الرومي الهائل، ونجح في تحقيق نصر خاطف، يحقق له التفاوض العادل مع القيصر؛ لأنه كان يدرك حتى قواته الصغيرة لا قِبَل لها بلقاءة هذا الجيش العظيم، غير حتى القيصر رفض دعوة ألب أوفدان إلى الصلح والهدنة، وأساء استقبال مبعوثه؛ فأيقن ألب أوفدان ألاَّ مفرَّ له من القتال، بعد حتى فشلت الجهود السلمية في دفع الحرب؛ فعمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم رُوح الجهاد، وحب الاستشهاد، والصبر عند اللقاء، ووقف الإمام "أبونصر محمد بن عبد الملك البخاري" يشد من أزر السلطان، ويقول له: "إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره، وإظهاره على سائر الأديان، وأرجوحتىقد يكون الله تعالى قد خط باسمك هذا الفتح".
وحين دنت ساعة اللقاء صلَّى بهم الإمام أبونصر البخاري، وبكى السلطان؛ فبكى الناس لبكائه، ونادى، ودعوا معه، ولبس البياض وتحنَّط ونطق: "إن قُتِلت فهذا كفني"، والتقى الفريقان، وحمل المسلمون على أعدائهم حملة صادقة، وأبلوا بلاءً حسنًا، وهجموا عليهم في جرأة وشجاعة، وأمعنوا فيهم قتلاً وتجريحًا، وما هي إلا ساعة من نهار حتى انكشف غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة القتال، وسقط قيصر الروم "رومانوس ديوجينس" أسيرًا في أيديهم، وحلَّت الهزيمة بهذا الجيش الجبَّار في (ذي القعدة 463هـ = أغسطس 1071م).
أسر رومانوس ديوجينس
عندما اُحضـِر الامبراطور رومانوس الرابع إلى ألپ أوفدان, لم يصدق أوفدان حتى الرجل الجريح ذوالملابس الممزقة المغطى بالوحل هوامبراطور الروم القوي. وبعد تأكده من حتى الأسير هوالامبراطور, نقلت عدة مصادر الحوار الشهير التالي الذي دار بينهما:
- ألپ أوفدان: "ماذا كنت ستعمل لوأحضروني أسيراً إليك؟"
- رومانوس: "ربما كنت سأقتلك, أوأعرضك في شوارع القسطنطينية."
- ألپ أوفدان: "عقوبتي ستكون أشد قسوة. سأعفوعنك, وأطلق سراحك."
وبعد حتى وضع السلطان السلجوقي حذاءه على رقبة الإمبراطور وأجبره على تقبيل الأرض, عامله برفق ملحوظ وأعاد عرض شروط السلام نفسها التي عرضها عليه قبل المعركة.
ظل رومانوس أسيراً لدى السلطان لمدة أسبوع. خلاله, كان يتناول الطعام على مائدة السلطان بينما كان التفاوض يجري حول تنازل البيزنطيون عن أنطاكية, إدسـّا, هيراپوليس وملاذ كرد. ولم تمس التنازلات قلب الأناضول الهام للبيزنطيين. طلب ألپ أوفدان فدية قدرهاعشرة مليون بترة مضى للإفراج عن الامبراطور، الذي اعتراض على فداحة المبلغ. فخفض السلطان المبلغ إلى فدية فورية قدرها 1.5 مليون بترة مضى يتبعها مبلغ سنوي قدره 360٬000 بترة مضىية. وأخيراً, سيزوج رومانوس احدى بناته للسلطان. وبعد ذلك منح السلطان الامبراطور الكثير من الهدايا وسمح له بالعودة برفقة أميرين ومئة مملوك إلى القسطنطينية.
وبـُعيد عودته إلى رعيته, عثر رومانوس حكمه في أزمة خطيرة. وبالرغم من محاولاته لحشد قوات موالية له, فقد هـُزِم ثلاث مرات في معارك ضد أسرة دوكاس وخـُلِع عن العرش, وثـُمِلت عيناه ونـُفـِي إلى جزيرة پروتي; وبعد ذلك بفترة وجيزة, توفي نتيجة الإصابة أثناء العملية الوحشية لثمل عينيه. وآخر مرة شاهد فيها رومانوس قلب الأناضول الذي أمضى حياته مدافعاً عنه كانت مهينة له إذ وُضـِع على حمار مشوه الوجه لإهانته.
تبعات المعركة
المعركة كانت أوج الفتح الهجري للأناضول وقد تبعها بعد عامين سيل عرم من المستوطنين والجنود الأتراك, كثير منهم بطلب من الامبراطورية البيزنطية المتداعية. إلا حتى المعركة لم تكن المذبحة التي صورها الكثير من المؤرخين, بما فيهم الكتاب الذين عاصروها, — فأعداد ضخمة من المرتزقة وجنود السخرة الأناضوليون فروا من الجيش البيزنطي ونجوا من المعركة, والفضل الجزئي في ذلك يعود لقرار ألپ أوفدان بألا يطاردهم. وبالرغم من النصر الساحق للسلاجقة فإن معظم قادة الجيش البيزنطي بقوا أحياءً بما فيهم رومانوس وقد شاركوا في قمع القلاقل الداخلية التي اجتاحت الأناضول بعد المعركة. إلا حتى الامبراطورية البيزنطية لن تستطيع حشد مثل هذا الجيش الجرار بعد ذلك, ولن تستطيع فرض سلطانها كما كانت قبل تلك المعركة.
افتدى الروم قيصرهم بفدية كبيرة قدرها مليون ونصف المليون من الدينارات، وعقدوا صلحًا مع السلاجقة مدته خمسون عامًا، وتعهدوا بدفع جزية سنوية طوال هذه المدة، واعترفوا بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلاد الروم، وتعهدوا بعدم الاعتداء على ممتلكات دولة السلاجقة.
وكان من نتائج هذا النصر العظيم حتى تغيرت صورة الحياة والحضارة في هذه المنطقة؛ فاصطبغت بالصبغة الإسلامية بعد حتى أشرقت عليها شمس الإسلام، ودخل سكانها في الإسلام، وتفهموا مبادئه وشرائعه.
ملاحظات
- ^ التورك الپچنگ والكومان غيروا ولاءهم من البيزنطيين إلى السلاجقة عند بدء المعركة.
الهامش
- بدر الدين الحسيني – أخبار الدولة السلجوقية – تحقيق محمد إقبال – لاهور – 1933م.
- عبد النعيم محمد حسنين – إيران والعراق في العصر السلجوقي – دار الخط الإسلامية – القاهرة – 1402 هـ = 1982م.
- عصام عبد الرؤوف الفقي – الدول الإسلامية المستقلة في الشرق – دار الفكر العربي – القاهرة – 1987م.
- حسن إبراهيم حسن – تاريخ الإسلام الديني والسياسي والثقافي – دار الجيل – بيروت – 1991م
- ^ "The Battle of Manzikert". Retrieved 2008-08-26.
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةNorwich238
-
^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةKonstam40
- ^ أحمد تمام. "ألب أوفدان بطل ملاذ كرد". إسلام اونلاين.
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةNorwich240
- ^ Norwich, John Julius (1997). A Short History of Byzantium. New York: Vintage Books. pp. p. 241.CS1 maint: extra text (link)
خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صالح؛ الاسم "Norwich241" معهد أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
المصادر
- Haldon, John. The Byzantine Wars: Battles and Campaigns of the Byzantine Era, 2001. ISBN 0-7524-1795-9.
- Treadgold, Warren. A History of the Byzantine State and Society, Stanford University Press, 1997. ISBN 0-8047-2421-0.
- Runciman, Sir Steven. A History of the Crusades (Volume One), Harper & Row, 1951.
- Norwich, John Julius. Byzantium: The Apogee, Viking, 1991. ISBN 0-670-80252-2.
- Carey, Brian Todd; Allfree, Joshua B.; Cairns, John. Warfare in the Medieval World, Pen & Sword Books ltd, 2006. ISBN 1-84415-339-8
وصلات خارجية
- Battle of Manzikert: Military Disaster or Political Failure? By Paul Markham
- Debacle at Manzikert, 1071: Prelude to the Crusades, by Brian T. Carey (Issueخمسة - January 2004)