لماذا أصبح المدرب التنفيذي جزءا أساسا من رحلة رؤساء ما بعد كوفيد؟ | صحيفة الاقتصادية


قيادة شركة ما "قد تقود إلى حالة من العزلة"، كما يلاحظ الرئيس التنفيذي لإحدى سلاسل متاجر التجزئة البريطانية، الذي لم يرغب بالكشف عن هويته. أضاف، "لكن هذا الأمر تضخم أثناء الجائحة".
لمكافحة هذه العزلة، قام بالاستعانة بمدربه التنفيذي لكي يساعده على "التعامل مع المشكلات المعقدة والسرية التي تصعب مناقشتها" مع الأشخاص المرتبطين بالعمل. قال، "إن مواجهة التحدي وتلقي الإرشادات بانتظام على أساس شهري من قبل شخص مستقل، كانت من أجل ضمان أنني مستعد بشكل جيد للإجابة على الأسئلة المعقدة". ساعده ذلك على حل المشكلات "بوتيرة أسرع".
خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث تعاملت الشركات مع كثير من الصدمات - مثل عمليات الإغلاق، ومشكلات سلاسل الإمداد، ونقص المهارات، والتضخم المرتفع - سعى كثير من كبار التنفيذيين لأخذ الدعم من المدربين. "ما زال الطلب على التدريب مستمرا"، كما تلاحظ ماجدالينا موك، الرئيسة التنفيذية للاتحاد الدولي للتدريب، وهو جمعية تجارية عالمية للمدربين تقدم نظام الاعتماد الخاص به.
يرى بوشان سيثي، القائد العالمي المشترك للأفراد والمؤسسات في شركة الخدمات المهنية برايس ووترهاوس كوبر الأمريكية، أن هذا الاتجاه سيشهد انتشارا على المدى القصير، "ليس لدى القادة كتب إرشادية يرجعون إليها لفهم العمل الهجين، أو ارتفاع معدل التضخم. المديرون الجدد والناشئون لم يعملوا خلال فترات ركود من قبل".
كما تتفق مع ذلك المدربة التنفيذية للمديرين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، سالي بونيويل. قالت، "يقول الناس إننا نعيش في فترة ركود تضخمي، والطلب منخفض، ولم يواجه كثير من القادة مثل هذه الأوضاع من قبل، ولا سيما عندما تتسبب لهم أسعار الفائدة بالقلق بشأن أوضاعهم الخاصة. إنهم بحاجة إلى احتواء قلقهم وكذلك القلق الذي تسببه تقاريرهم المباشرة".
المدربون يقدمون وجهات نظر مختلفة
دور المدربون يتمثل في الاستماع ومناقشة الأفكار، وبذلك يساعدون القادة على تحديد الأولوية للمطالب المتنافسة. قال أحد كبار المديرين في شركة لتوزيع الأحذية، الذي يتعامل مع إغلاق مصانع الشركة في فيتنام ومشكلات سلاسل الإمداد، "إذا أردت التحدث عن التمويل، فسأتحدث عن ذلك مع المدير المالي. إذا كنت أرغب في تقديم أفضل أداء لدي، فسأتحدث عن ذلك مع المدرب".
تنطبق هذه الحال أيضا على أندريا لوكارد، رئيسة شؤون الشركات في "مديسينز فور ملاريا فينتشور"، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من جنيف مقرا لها، حيث قالت، "من المفيد أن يكون لديك مرآة مهنية - ليس صديقك ولا حتى شريكك أو رئيسك أو زميلك. أفضل المدربين هم من لا يخبرونك بما يتوجب عليك فعله".
أدت عمليات الإغلاق المتتالية خلال الجائحة إلى تسارع الطلب على التدريب عبر الإنترنت على منصات التكنولوجيا مثل منصة كوتش هب. بدلا من البحث عن المدربين من خلال التوصيات، أو الوسطاء بتكلفة مرتفعة، تقدم هذه المنصات الخدمة على نطاق واسع لأصحاب العمل وكذلك للأفراد. بعض الأشخاص في هذا القطاع وصفوا النمو الذي تشهده تلك المنصات بأنه تحول في طريقة الاستهلاك عبر الاستفادة من التكنولوجيا المتداولة مثل الهواتف الذكية، ما يجعل هذه الخدمة التي كانت استثنائية في فترة من الفترات متاحة لعدد أكبر من الناس. يقدم هذا التحول عدة فوائد، مثل تقديم الراحة للعملاء وتوفير العمل للمدربين - لكنه أيضا يثير قلق المدربين بشأن تدني الجودة وانخفاض الرسوم التي يتقاضونها.
وفقا لاتحاد التدريب الدولي، قفزت أعداد المدربين بالتوازي مع ارتفاع عدد الأعضاء من 33594 عضوا في 2019 إلى 56076 عضوا في نهاية حزيران (يونيو) هذا العام. ورد في استطلاع الاتحاد الذي أجري أخيرا في 2019 أن تقديرات إجمالي الإيرادات العالمية من التدريب بلغت 2.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 21 في المائة عن 2015، وذلك بسبب ارتفاع عدد المدربين، في حين انخفض متوسط معدل الرسوم التي يتقاضونها.
قامت منصة بتر أب للتدريب، بتحليل مئات الآلاف من الجلسات التي عقدتها، التي أظهرت ارتفاعا منذ آذار (مارس) 2020 في المناقشات حول "إدارة الإجهاد والرعاية الذاتية"، فضلا عن "إدارة المحادثات الصعبة والنزاعات" وأيضا "التخاطب والتعاون".
أدرك المدربون أن الجائحة تسببت بزيادة الطلب على خدماتهم حيث أصبح القادة يقضون وقتا أطول في العمل عن بعد، ما أدى إلى تراجع في نسبة اتصالهم مع الآخرين. الآن هم بحاجة إلى لحصول على المساعدة من أجل التغلب على الصعوبات التي تواجههم خلال عملهم في بيئة هجينة. يقول بوراك كويونجو، نائب الرئيس الأول في شركة إل إتش إتش الاستشارية للتوظيف، "إن التدريب يجعل الناس يشعرون بأنهم على تواصل مع شخص ما".
التعامل مع تداعيات الجائحة والإرهاق
يمكن للتدريب أن يساعد المديرين التنفيذيين على التعامل مع الاضطرابات التي نجمت عن الجائحة. تقول سوزي ريد، مديرة تطوير المواهب والتنوع والمساواة والشمول في شركة كيندرد جروب للمقامرة عبر الإنترنت، "تغير الناس بشكل جوهري. كثير من المؤسسات تقلل من شأن ما مر به الناس وهم بحاجة إلى فرصة للتقييم، ومعرفة قيمتهم، وفهم ما يدور من حولهم".
إن ما حدث في الجائحة من تعتيم على مجالي العمل والحياة قد انعكس في الجلسات مع العملاء. تقول راشيل موريس، التي تقدم التدريب لكبار المديرين التنفيذيين وكوادر الإدارة الوسطى، إنها أجرت مزيدا من المحادثات "حول إيذاء النفس والانتحار، وهو الأمر الذي عادة ما تتم مناقشته مع المعالجين النفسيين". مثل هذه القضايا تقع خارج نطاق اختصاص وخبرة المدربين، إذ إنهم قد يقترحون طلب المساعدة من المستشارين أو الأطباء النفسيين. لكن يمكن للمدرب أن يساعد العملاء على تحديد الأولويات من أجل الوصول إلى الرفاهية. يقول نيك سيزار، كبير المدربين في قسم التدريب الداخلي التابع لمصرف نات ويست، إن ما يقوله المدربون عن "اللياقة العقلية، أو الصلابة العقلية" يصبح أمرا أكثر "جاذبية لشخص قد لا يرغب في زيارة المعالج نفسي".
هل توفر التكنولوجيا الأفضل تدريبا أفضل؟
زاد التوجه إلى التدريب بفضل التكنولوجيا. أشارت كارول براديك، المدربة التي تبحث أيضا في مستقبل الصناعة، إلى أن هذا المصطلح "واسع"، فهو يشمل كل شيء بداية من تدريب الروبوتات التي تستقرئ الأسئلة النمطية بسرعة وانتهاء بالمدربين ذوي الخبرة الواسعة الذين يتحدثون إلى العملاء عبر تطبيق زووم.
في الوقت الحالي، يستخدم الذكاء الاصطناعي لإكمال العمل الذي يؤديه المدربون. أظهرت الأبحاث الحديثة أنه من خلال استقراء مجموعات كبيرة من البيانات لكثير من جلسات التدريب، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح "أكثر كفاءة في مساعدة العملاء على تحقيق أهدافهم، مثل اختيار أفضل الأدوات والتمارين أو الأسئلة التي يجب طرحها". تشير الدراسة إلى أنه بينما يمكن للروبوت المساعدة على أتمتة بعض العمليات، إلا أنه "من غير المرجح أن يتولى عملية التدريب بأكملها (...) ومن المرجح أن يستخدم تدريب الذكاء الاصطناعي بنجاح بعد تحديد المشكلة بطريقة مناسبة (...) وقيادة العملاء عبر عديد من الخطوات في عملية تدريب منهجية".
وسعت منصات التدريب عبر الإنترنت خدماتها أمام جماهير أكثر. يمكنها مساعدة أصحاب العمل على تحديد المشكلات داخل مؤسساتهم. لكن يخشى بعضهم أن تخاطر المنصات بالمتاجرة بالتدريب الذي تقدمه. تقول كاثرين ديفيت، المديرة التنفيذية لشركة مايلر كامبل، التي تدرب المدربين التنفيذيين، هناك مخاوف أيضا من أن الافتقار إلى الشفافية بشأن تقاضي الرسوم سيؤدي إلى انخفاض الرسوم وبدء "سباق نحو القاع".
يشير جوناثان باسمور، أستاذ التدريب وتغيير السلوك في كلية هينلي للتجارة، ونائب الرئيس الأول للتدريب في منصة كوتش هب، إلى أن الرسوم كانت في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، باهظة للغاية. قال، "لقد رأينا الاتجاه ينمو تدريجيا، مع انضمام المدربين للعمل، أصبح التدريب يقدم لعدد أكبر من المديرين التنفيذيين وبذلك انخفضت الإدارة الدنيا ومعدل الأجور. معدل الرسوم يعكس ذلك الواقع". الرسوم التي يفرضها الاتحاد الدولي للمدربين، مثلا، تراوح بين 91 و500 دولار للساعة - لكن قد يتقاضى المدرب المتميز أكثر من ذلك بكثير.
توفر منصات التكنولوجيا مزايا إدارية، كما يقول باسمور، "يكره كثير من المدربين السعي وراء مدفوعاتهم المستحقة. لذلك تساعدهم المنصة على القيام بالأشياء التي يحبونها، وهو التدريب، وتساعدهم على التخلص من متطلبات النجاح في العمل، وجمع البيانات، واللائحة العامة لحماية البيانات، وكل ما يتعلق بالفواتير". يضيف أن هذا العمل في الأغلب ما يكون مكملا للعمل الذي يمارسه المدربون.
ديفيد سول، المدرب التنفيذي والمؤسس المشارك لمنظمة سكول فور سي أي أوز لتطوير المسؤولين التنفيذيين، متفائل بشأن التأثير الذي ينعكس على أعماله الخاصة. يقول، "إن التدريب صناعة غير منظمة. على الرغم من وجود مجلس التوجيه والتدريب الأوروبي إي إم سي سي وكذلك الاتحاد الدولي للمدربين آي سي إف، إلا أنه يمكن لأي شخص أن يصبح مدربا بدءا من الغد. مثل هذا التحدي سيكون دائما موجودا. في حين أن من هم في المستويات العليا من القطاع وكذلك الأشخاص الذين كانوا فيه لفترة من الوقت، يتمتعون بحماية أفضل قليلا ضد العنصر التخريبي لمنصات التكنولوجيا".
يشعر الرئيس التنفيذي لشركة التجزئة بالثقة من أن التدريب سيستمر في لعب دور مهم بالنسبة إليه. قال، "ليس هناك شك في أن الضغوط التضخمية، والحديث الذي يدور حول ركود محتمل، يعني أن لدى الشركات كثيرا من التحديات التي يتعين عليها مواجهتها".

تاريخ الخبر: 2022-07-29 00:23:04
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 30%
الأهمية: 36%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:25:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية