بمُناسبة حلول الذكرى الثالثة والعشرين لتولي الملك محمد السادس العرش، قال حسن بلوان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “أول سمة مميزة حققها الملك محمد السادس وشكّلت علامة فارقة في الحكم منذ سنة 1999، هي دخول المغرب في عهد جديد بقيادة ملك شاب مواطن قريب من الشعب حتى بات معروفا باسم ملك الفقراء”.
وزاد بلوان، في حديثه لـ”الأيام 24″ أن “الملك محمد السادس أدهش الجميع خلال سنته الأولى، حيث فتح عهدا حقوقيا جديدا من خلال السماح بعودة المعارض أبراهام السرفاتي ورفع الإقامة الجبرية عن زعيم العدل والإحسان، بالإضافة إلى مجموعة من القرارات التي أدخلت المغرب في انفراجة حقوقية صفق لها الجميع” مشيرا أن “تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة تظل من أهم ما جاء به الملك محمد السادس، حيث التصالح مع الماضي والاعتراف بالأخطاء التاريخية وجبر الضرر وتعويض الضحايا”.
“تعتبر مدونة الأسرة ثورة حقيقية أقرها جلالة الملك في مجال حقوق المرأة، إذ جاءت بصيغة تشاورية بعد صراع مرير بين الإسلاميين واليسار، ونقلت الأحوال الشخصية من طابعها التقليدي إلى صيغتها الحداثة دون التفريط في ثوابت الأمة الدينية” يسترسل بلوان في الحديث عن أبرز المحطات التي بصمت ثلاثة وعشرين سنة من حكم الملك محمد السادس، مبرزا أنه على مستوى التنمية “أطلق الملك منذ سنة 2005 برنامجا تنمويا طموحا عرف بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أخرجت مجموعة من الفئات الهشة والمنطقة المظلمة من التهميش والفقر”.
وفي السياق نفسه، يضيف المختص في العلاقات الدولية، أن الملك “أطلق مجموعة من الأوراش الكبرى كميناء طنجة المتوسط الذي يعتبر الأكبر إفريقيا ومتوسطيا، والميناء الطموح للداخلة الذي سيغير جميع الموازين الاقتصادية في إفريقيا، ومحطة نور للطاقة الشمسية من أكبر محطات الطاقة الخضراء البديلة في العالم، ناهيك عن قطار tgv فائق السرعة والطرق السيارة وباقي مشاريع البنية التحتية” مشيرا أنه “من مشاريع التنمية، كذلك، إنشاء مجموعة من الوكالات والهيئات الوطنية للنهوض ببعض المناطق في الجنوب والشمال والشرق لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة المجالية بين الجهات”.
ويؤكد بلوان، أن “الملك محمد السادس نجح على المستوى الديمقراطي في الحفاظ على زخم الانتقال الديمقراطي الذي توج بدستور 2011 المعروف بدستور الحقوق والحكامة والديمقراطية التشاركية، حيث أعطى صلاحيات إضافية لرئيس الحكومة وبوأ الجهات مكانة مهمة في الجماعات الترابية في أفق الجهوية الموسعة والمتقدمة” مردفا أنه “أول ما تقلد الملك محمد السادس مقاليد الحكم في المغرب بدأ بتحديث الدبلوماسية المغربية من حيث العنصر البشري، وكذلك من حيث الأولويات التي أضحت فيها قضية الوحدة الترابية والسيادة الوطنية أولى الأولويات”.
“انطلقت الدبلوماسية المغربية في عهد الملك محمد السادس مدافعة عن المصالح الإستراتيجية للمملكة وفق مبادئ التعاون الثنائي وعدم التدخل و مبدأ رابح رابح، وهو ما فتح آفاقا رحبة في القارات الخمس أمام المغرب، بعدما كان أعداء الوحدة الترابية يروجون للطرح الانفصالي” يضيف بلوان المتخصص في ملف الصحراء المغربية، مشيرا أنه “من أهم منجزات المغرب خارجيا في عهد الملك هو المكانة التي يتمتع بها المغرب عند جميع الدول، باعتباره شريكا موثوقا وذي مصداقية يعول عليه عربيا وإفريقيا وأوربيا وحتى أمريكيا، في تحقيق السلام ومحاربة الإرهاب والدفاع المستميت عن إفريقيا ومصالحها وحقها في التنمية”.
