ثلاثية المغيب
ثلاثية المغيب
خجل
بدأت الشمس ترحل عن القرية عندما كنت أعبر الطريق المجاور للغيطان.. أحملق فى الوجوه السمراء.. أصل إلى باب المنزل.. أراه يطل من الشرفة.. يرانى.. يقودنى إلى الطابق الثانى، حيث غرفته المملوءة بصور الحائط.. لـ«عمرو دياب».. «ليلى علوى».. «بروس لى».. وآخرين لا أعرف أسماءهم.. لمح الكثير من المجلات الفنية.. أجلس.. يتركنى.. يأتى بزجاجة «الكوكاكولا».
- أنا لا أشرب الكوكاكولا.
يلح علىّ.. تأتى أخته لتأخذ الزجاجة فارغة.. ترانى.. تخجل.. يحمر وجهها.. تذهب.. يقفل باب الغرفة.. ألمح فى يديه خطابًا ورديًا.. يكلمنى عن زميلته «...» جميلة ورقيقة.. تحبه ويحبها.. سيتزوجان بعد عشر سنوات.. لا مانع من مغامرة أخرى.
- أنت تحب!
- أنا أحب!!.. لا أحب.. أحب من!!.. لا أعرف.
يرن جرس الهاتف.. أمضى وأتركه.
نشر
كنت سعيدًا بعودتى إلى الطريق.. كان هادئًا ولكنه يفضى بالكثير.. الفلاحون القادمون من الحقول.. يترنمون بكلمات أوحت لى بقصة «ثلاثية المغيب».. أسمع صوته من بعيد.. عندما اقتربت منه ابتسم ابتسامته المعهودة.. بعد قليل كنا نجلس فى غرفة الجلوس بمنزله الفخم القابع فى أول القرية.. يبدو أنه مقبل على ترشيح نفسه فى مجلس القرية، فهو يعاملنى بود زائد هذه الأيام يسألنى عن حالى:
- بخير وأنت.
- الحمد لله.
- هل مازلت تكتب القصص؟
- نعم.
- ألم تنشر لك أعمال فى الفترة الأخيرة!
- سوف تنشر لى أعمال قريبة.
- لديك قصة جديدة!
- نعم.. قصة «ثلاثية المغيب».
- سوف تقوم بنشرها!
- تنشر!.. لن تنشر.. ربما.. لا أعرف.
استأذن فى الرحيل.. يودعنى.. يتمنى أن نلتقى مرة أخرى.
هروب
أراه يمسك هاتفه الجوال فى يديه، وهو يجلس أمام الدكان منتظرًا الزبائن.. يداعب بأنامله الشاشة العريضة ويبدو منهمكًا فى ذلك العالم الافتراضى.. عينه الخضراء التى تحملق فى الهاتف من خلف نظارته الطبية لم تلمحنى عندما وقفت بجواره لكن صوتى كان قد نبهه لوجودى.. انتفض من جلسته وقام مرحبًا.. دخل إلى الدكان وعاد ممسكًا بمقعد خشبى صغير فى يديه.. ما كدت أن أجلس حتى بدأ فى حديثه عن السفر كعادته:
- أهاجر .
- أين؟
- هولندا.
- هل تضمن عملًا؟
- أحاول.. وأنت هل تريد السفر؟
- أريد.. لا أريد.. ربما أبغى ذلك أحيانًا.
- أتركه يقرأ «صفحة الحوادث».. أتخذ طريقى إلى الشارع لأبحث عن آخر رابع.
