حصدت مؤخرًا رواية" قبر الرمال" للهندية جيتا نجالي جائزة البوكر الإنجليزية، والتي تعد أول رواية هندية تفوز بجائزة البوكر الدولية للرواية المترجمة، فى تاريخ الجائزة التى انطلقت عام 2005 لأول مرة، إذ ذهبت قيمة الجائزة التي تقدر بمبلغ 50 ألف جنيه إسترلينى، مناصفة بين المؤلفة الهندية والمترجمة ديزى روكويل.

وعن الأسباب التي تدعوك لقراءة رواية "قبر الرمال" يجيبنا  الكاتب والأكاديمي دكتور زين عبد الهادي كالتالي: 

يقول دكتور زين عبد الهادي «الكاتب»: في رواية قبر الرمال للهندية جيتا نجالي "تكتمل الحكايات في هذا العمل، ولماذا ننهيها اذا كانت الحياة نفسها لاتعترف بذلك، أو كما يقال لاشئ كامل ولا شئ يستحق أن ننهيه، تسير الحياة كالنهر، عليه ان يلقي بجثة ما بين الحين والآخر دون سبب مقنع محدد.

ولفت عبد الهادي لـ الدستور، إلى أنه عمل يثير الاهتمام لثلاثة أسباب، فقبر الرمال، ترجمة ديزي روكويل رواية تقع في 735 صفحة قرأتها بالصدفة مؤخرا، قال لي صاحب دار التوزيع في حماس ظاهر وهو يبتسم وممسك بعدة  أعمال يعرضها عليّ لقرائتها، أولهم رواية جيتانجالي، علي أن أقرأها لأنها عمل أسطوري خفيف الدم إلى حد مدهش، فهي تتعالى على الكآبة وتنحو باتجاه السخرية والمرح على الرغم من أنها تتناول حياة أسرة في شمال الهند، من خلال (آما) وهي أرملة عجوز تعدت الثمانين وفقدت الرغبة الحياة بعد وفاة زوجها، "كما لو كان بابا هو سبب عيشها الوحيد".

السبب الأول: «تتناول حياة أسرة هندية كانت أمورها تسير الهوينى قبل انفصال باكستان عن الهند عام 1947، وهو أمر مازال يترك تأثيرا حزينا على حياة الشعبين الهندي والباكستاني هناك.

والسبب الثاني: «الرواية مكتوبة بلغة تتتميز بالمرح والسخرية الشديدة على الرغم من أن موضوع العمل هو موضوع كئيب، وهي مفارقة هامة للغاية».

 السبب الثالث: «تتعرض في جانب منها لموضوع المثلية وهو أمر يهتم به الأوروبيون كثيرا، ولا يمكنك أن تفهم السبب الحقيقي وراء ذلك، إلا إذا كان الأمر هو رغبة في معاقبة المجتمعات التي لها تاريخ طويل من رفض هذه الممارسات، وكأن العالم لم يعد وراؤه من مشكلات إلا المثلية، وهو مايحتاج  وحده لدراسات اجتماعية ونفسية عميقة».

ولفت عبد الهادي إلى أن رواية (قبر الرمال) هي رواية أجيال لكنها مكتوبة بطوفان لغوي ملئ بالبهجة والسخرية كما أسلفت فأنت لا تكاد تتوقف عن القهقهة او على الاقل الابتسام من المفارقات اللفظية التي تستعملها الكاتبة ببراعة، وهذا واحد من أهم أسباب فوزها بالبوكر على الرغم من أنها مترجمة إلى الإنجليزية من البنغالية. 

وأشار، إلى أنه يأتي السرد الرئيسي لرد فعل (آما) على الترمل في ثلاثة أجزاء، ففي البداية ترفض  توسلات ابنها بادي وابنتها بيتي وحفيدها سيد  للنهوض من كبوة رحيل زوجها مرة أخرى، كما لو أنه كان سبب حياتها الوحيد، ثم تختفى لتظهر - مريضة ومتغيرة وغير راغبة في الكلام - في بداية الجزء الثاني من الرواية وهي تنتقل للعيش مع ابنتها بيتي ، التي لقد بمثابة أم لأمها.

وتابع: «تمثل آما وبيتي محور القصة ، كما ان هناك شخصيات أخرى تأتي فجأة وتختفي فجأة، ليس ذلك فقط، جزئيا يمكن القول بأن وجود شخصية تسمى روزي وهي امرأة مهاجرة (متحولة جنسيًا)، وهو أمر أصبح مثيرا للاهتمام خاصة ان من يتحدث هذه المرة كاتبة هندية. 

تقوم روزي بالعناية بهما عندما تتعرض للسقوط ويتم نقلها إلى المستشفى، وتقول آما "لم يكن هناك شيء، لقد أجبرني أطفالي على المغادرة".

وأوضح عبد الهادي: "لا يمكن لملخص مثل هذا أن يلخص الطاقة اللامحدودة لغوية وعاطفيا وسياسيا واجتماعيا وتاريخيا وأسطوريا وفلسفيا لقبر الرمال،  حتى عندما يتعلق الأمر بالموت، فهي مليئة بالحياة، ومكتظة بالأشخاص والثرثرة العنيدة والساخرة، مع العديد من التحولات والانحرافات والروافد مثل نهر الجانج الهندي والستة أنهار المقدسة (الملوثة) الأخرى التى تتعرج عبر البلاد: يحصل كل شخص على صوت، ولم تنسى شرب حتى الغربان المحلية، إن مثل هذا النهج لن يجذب جميع القراء هو أمر استبقته شري حين كتبت ("لماذا تضيع الوقت الثمين على قراءة هذه القصة؟") ، "فلا حكاية تكتمل أبدًا" و"القصة لن تنتهي" يمكن أن يبدو ذلك تحذيرًا مبكرا من قبل الكاتبة بقدر الوعد.

وختم عبد الهادي: «يقول البعض تستحق المترجمة ديزي روكويل الاشادة وطالب البعض بأن تتساوى مع الكاتبة في حصولها مناصفة على جائزة البوكر  الدولية لترجمة أسلوب الرواية المتميز بطلاقة وحيوية».