السينما، الفن، المسرح، عالم طالما حمل في طياته الاختلاف والكمال، عالم يبدو ثريا من الخارج، يتسم بالرجال الكبار فقط، فهم النخبة التي حاولنا التشبه بها والامتثال لأوامرها، لكن من خلال هذا العمل البدبع وبسرد تراجيدي ساخر، سنكنشف أننا أمام مجتمع مقوماته الأساسية الزيف والحماقة  "لا شيء فيه سوى العفونة والهشاشة، وهو الأمر الذي يعمل الجميع على إخفائه، بادعاء الحركة، بالشراسة والعنف، التشبث بأمل تحويل أكثر المعارك تفاهة ورخصا إلى ملاحم قد تطول لسنوات وهو ما ينتهي بالفشل"!

من السمات المميز  في الفخراني أن شخصياته تناقش الصراعات النفسية بامتياز ، تلك الصرعات التي تواجه "الفنان" خاصة بسبب ضغوط المجتمع وسلطة المزيفون ، ففيه رواياته  وبتصوير دقيق يجسد لنا حياتهم  وأزماتهم النفسية؛ فيطرح للقارئ بشكل رمزي مميز تساؤلات مربكة ومخيفة عن الحياة، وكيف لها أن تحول إنسان ضعيف لإنسان سيكوباتي مريض نفسي أكثر شراسة وعنفا. 
‏وفي روايته "بار ليالينا" الصادرة عن "دار الشروق"  ‏يطرح الكاتب "أحمد الفخراني" اشكالية مهمة عن مجتمع المثقفين، حيث يلتقي أشباه المثقفين مع رجل مهمش حالم يدعى نوح أحب الفن والسينما. 
‏ ‏يحاول بشتى الطرق أن يخرج من عباءة الكومبارس الفاشل لممثل مشهور ، فيأسس شركة سينمائية هو وزملاؤه الكومبارس باسم"الصمت الرهيب"وبعد إخفاقات مستمرة وفشله في عرض أفلامه ونبذ المخرجين له يقرر عن طريق حيلة أخرى التقرب من رواد" بار  ليالينا" بطل الحكاية ومحرك دوافع كل الشخوص ذو الطابع الغرائبي ، لعله ينجح في صداقتهم ويصل من خلالهم للشهرة التي حلم بها،ومن خلال محاولاته وبسرد تراجيدي عجائبي  نجد إننا  أمام جماعة من المثقفين تعتقد لوهلة إنهم يمثلون صفوة المجتمع؛ حيث المثالية والكمال والحكمة لنكتشف اننا في مواجهة أشخاص مزيفة كاذبة تتشابه مع نوح في الفشل  والفراغ الداخلي والوهم باللاشيء حتى لو ظاهرها خالف ذلك.
‏ثم يكمل الفخراني رحلته السابقة بعمل مميز "بار ليالينا "  الذي كان بمثابة رمزا للحياة ككل ، وفيه يلتقي أشباه المثقفين مع رجل مهمش حالم يدعى نوح أحب الفن والسينما. 
‏يحاول بشتى الطرق أن يخرج من عباءة الكومبارس الفاشل لممثل مشهور ، فيأسس شركة سينمائية هو وزملاؤه الكومبارس باسم"الصمت الرهيب"وبعد إخفاقات مستمرة وفشله في عرض أفلامه ونبذ المخرجين له يقرر عن طريق حيلة أخرى التقرب من رواد" بار  ليالينا" بطل الحكاية ومحرك دوافع كل الشخوص ذو الطابع الغرائبي ، لعله ينجح في صداقتهم ويصل من خلالهم للشهرة التي حلم بها،ومن خلال محاولاته وبسرد تراجيدي عجائبي  نجد إننا  أمام جماعة من المثقفين تعتقد لوهلة إنهم يمثلون صفوة المجتمع؛ حيث المثالية والكمال والحكمة لنكتشف اننا في مواجهة أشخاص مزيفة كاذبة تتشابه مع نوح في الفشل  والفراغ الداخلي والوهم باللاشيء حتى لو ظاهرها خالف ذلك. 
-رمزيات ثرية تستعير بؤس الواقع 
-‏مايميز الفخراني قدرته على رسم عالم غرائبي يتسم بالواقعية السحرية بشكل رمزي يتفاوت بين العمق والغموض أو الوضح الشديد. 

-‏فلو تأملنا رمزية "بار ليالينا " سنكتشف أنه يمثل المجتمع بتحولاته المخيفة من انتصارات  وفشل  وشخوصه المهمشين، وأصحاب النفوذ وتحولاتهم لنفسية ورغباتهم بين الماضي والحاضر، وملذاتهم التي يقيدها الآخرين. 
فيضع القارئ  في مواجهة صادمة مع فئة  من المجتمع؛ لترى خرابها وصراعتها المزيفة ومناطقها السوداء الخفية ،تجد نفسك في مستنقع تراجيدي من الدرجة الأولى، فيه الشاعر والصحفي والناقد النخبة المدعية  المتناقضة؛ التي لا  تعرف النجاح إلا بالصعود على أكتاف الصغار، وماهي إلا صدى لمجتمع يتسم بالغوغاء. 
-‏
-‏ثم رمزية (مجلة الحقيقة) فكانت محاولات نوح لحفظ  واستيعاب مقالاتها، ورغبته الشديدة في توظيفها وتجسيدها في حياته وممارسته الشخصية خاصة مع مثقفين بار ليالينا؛ بمثابة ايحاء للقارئ بأن تلك المقالات وهؤلاء المثقفين هما النخبة المثقفة، حيث الكمال والحكمة والقدرة على خلق عالم مثالي ،وبالرغم أن اسم (مجلة الحقيقة) جاء بشكل رمزي  مباشر وسطحي بعض الشيء، ولن يحتاج القارئ للتفكير والبحث وراء رمزيته، وبالرغم أن  مايميز فكرة الرمز في أي عمل الغموض والتأويل وحض القارئ على التفكير ، لكن الرمزية المباشرة  هنا لم تزعجني، ولم تؤثر على شكل العمل  فاختيار الفخراني للاسم لم يكن محض صدفة، أو ليعبر عن الحقيقة المعكوسة لمجتمع لمثقفين فقط ، بل لموافقته لشكل الشخصيات التي تتسم بالغرابة والسطحية والفراغ الداخلي.

-‏أحلام رومانسية وواقع مهمش
يعجز القارئ لنهاية العمل  أن يحدد موقفه من نوح الرحيمي، هل كان موهوب بالفعل ولم يساعده واقعه المهمش في النجاح أم كان فاشل مشتت يعيش الوهم والاحلام المزيفة؟! 
فتجد نفسك أمام شخصية غريبة متعددة الأهواء  والشخصيات ،تتلون بكل شكل لتصل لحلم بعيد المنال، ينسلخ من حياته الحقيقية وذاته للتقرب من جماعة تمنى أن يتشابه معاهم في ذاتهم وحياتهم، يتلصص كالحرباء ليقتحم عالمهم، ويتقمص ذاتهم، فيجد نفسه في تيه لا نهاية له، يقف وحيد بينهم لا يستطيع العودة لذاته القديمة، وهم لم يسمحوا له أن ينصهر بينهم أو يكون واحد منهم، ورغم كل هذا ظل لا يستطيع اخضاع وكبح جماح أحلامه وصراعاته النفسية. 
وهنا يتبادر لنا سؤال مهم مالفرق بين الطموح والحمق؟ وكيف يكون الإفراط في الحلم ومحاولة الوصول له مجرد شيء من العبث،  يجب أن تدركه لأنك مجرد رجل صغير مهمش في هذا العالم المليئ بالرجال الكبار...

الجميل هنا أنك أمام عرض مسرحي تراجيدي يحكي عن الحياة بعبثيتها، وكيف لها أن تتحكم في القدر وتجعل منك رجل مسير،  وليس لك الخيار في هذا العالم، مهما حاولت أن تغير قدرك. 

و أن  كثير من المعارك في حياتنا ماهي إلا معارك مزيفة مهما حاولنا أن نقنع أنفسنا والآخرين إنها ملحمة وماهي إلا ملهاة مضحكة.