اتهمت أوكرانيا روسيا، الأربعاء، باستغلال موقعها في محطة للطاقة النووية كانت قد استولت عليها واستهداف بلدة قريبة بهجوم صاروخي أدى إلى مقتل 13 على الأقل وإصابة الكثيرين بجروح خطيرة.

وبلدة مارجانيتس التي تقول أوكرانيا إن روسيا استهدفتها، هي بلدة تزعم موسكو أن القوات الأوكرانية استخدمتها في الماضي لقصف القوات الروسية المتحصنة في محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي سيطرت عليها روسيا في مارس/آذار.

وتبادلت كييف وموسكو الاتهامات بتعريض سلامة المحطة الضخمة، الأكبر في أوروبا، للخطر من خلال تبادل الهجمات على مقربة منها.

وحث رفائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجانبين على ممارسة ضبط النفس، محذراً من "خطر حقيقي جداً لحدوث كارثة نووية".

وطالب وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى روسيا بإعادة السيطرة على المحطة إلى أوكرانيا فوراً، وهو أمر يبدو من غير المرجح أن تقدم عليه موسكو.

ولم يصدر تعليق فوري من روسيا على الاتهامات الأوكرانية بشن هجوم صاروخي على مارجانيتس، كما لم يتسن لوكالة رويترز التحقق من هذه الاتهامات بشكل مستقل.

وتقول موسكو إنها لا تتعمد استهداف المدنيين فيما تسميه "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا بهدف حماية أمنها بشكل استباقي ضد توسع حلف شمال الأطلسي.

واتهم اندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، روسيا بشن هجمات على بلدات أوكرانية من محطة زابوريجيا للطاقة النووية لإدراكها أن بلاده لن ترد لأن الرد سيمثل خطراً.

وكتب يرماك في منشور على منصة تيليجرام لخدمة التراسل "ثمانون صاروخاً أُطلقت على مبان سكنية"، في إشارة إلى الهجوم على مارجا نيتس.

وتابع "الأمة الإرهابية تواصل القتال ضد المدنيين. والروس الجبناء لا يمكنهم فعل أي شيء أكثر من ذلك، لذا فهم يضربون المدن وهم مختبئون بشكل مشين في محطة زابوريجيا النووية".

وتقول أوكرانيا، التي تتهم موسكو بشن حرب عدوانية غير مبررة عليها، إن نحو 500 جندي روسي مدعومين بمركبات وأسلحة ثقيلة يتمركزون في المحطة النووية، حيث يواصل فنيون أوكرانيون عملهم.

وتقول روسيا إن قواتها تتصرف بمسؤولية وتفعل كل ما في وسعها لضمان سلامة المنشأة. وتتهم موسكو القوات الأوكرانية بقصف المحطة، وهو ما تنفيه كييف.

وقال فالنتين ريزنيتشنكو حاكم منطقة دنيبروبتروفسك بوسط أوكرانيا اليوم الأر بعاء إن الهجوم الروسي على مارجانيتس وقع باستخدام 80 صاروخاً من طراز جراد.

وأضاف أن أكثر من 20 مبنى تضررت في البلدة الواقعة على الجانب الآخر من نهر دنيبرو، من محطة الكهرباء.

وأردف أن الهجوم نفسه تسبب في تدمير أحد خطوط الكهرباء وترك عدة ألوف من السكان دون كهرباء. وقال إن فندقاً ومدرستين وقاعة حفلات ومبنى البلدية الرئيسي ومباني إدارية أخرى تعرضت للقصف.

وتُظهر صور وزعها مسؤولون أوكرانيون ممراً في مدرسة مليئة بالركام جراء ما يبدو أنه تعرضها لقصف وتحطم نوافذها، ومبنى سكنياً اخترقه صاروخ.

- هجوم على قاعدة جوية بالقرم

حذر رئيس شركة الطاقة النووية الحكومية الأوكرانية أمس الثلاثاء من مخاطر "كبيرة جداً" يشكلها القصف عند محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وقال إن من الضروري أن تستعيد كييف السيطرة على المنشأة في الوقت المناسب من أجل الاستعداد لفصل الشتاء.

وقال إن أضراراً لحقت بخطوط الكهرباء التي تربط المحطة بالشبكة الأوكرانية، واتهم روسيا بالرغبة في ربط المنشأة بشبكتها للكهرباء.

وأشار إلى أن هناك "مخاطر كبيرة جداً" من أن يصيب القصف حاويات تخزن مواد مشعة.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الاثنين بالسماح للمفتشين النوويين التابعين للمنظمة الدولية بدخول زابوريجيا، واصفاً أي هجوم على محطة نووية بأنه عمل "انتحاري".

وقال دبلوماسيون إن موسكو طلبت من جروسي إطلاع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غداً الخميس على الاتهامات التي توجهها للقوات الأوكرانية بأنها هي التي هاجمت المحطة.

وقالت بريطانيا، التي تساعد أوكرانيا بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريب، اليوم الأربعاء إنها تعتقد أن روسيا استحدثت "بشكل شبه مؤكد" قوة برية جديدة لدعم حربها.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة استخباراتية يومية إن القوة الجديدة، التي يطلق عليها اسم الفيلق الثالث، تتمركز في مدينة مولينو شرقي العاصمة الروسية موسكو.

وعبرت الوزارة عن اعتقادها بأن روسيا ستسعى إلى زيادة عدد القوات التي تحتاجها على أي حال وأنه من المستبعد أن تلعب القوة الجديدة دوراً حاسماً في الحرب.

ولا يزال سبب وقوع سلسلة من الانفجارات في قاعدة جوية روسية بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، في اليوم السابق محل خلاف، إذ تقول موسكو إن مخازن الذخيرة انفجرت ويُلمح مسؤولون أوكرانيون إلى أن كييف ربما كانت مسؤولة عن ذلك.

ونقلت صحيفتان أمريكيتان عن مسؤولين أوكرانيين لم تذكر أسماءهم القول إن القوات الخاصة الأوكرانية نفذت هجوماً على القاعدة الجوية أسفر عن تدمير طائرة عسكرية روسية.

ولم يذكر زيلينسكي التفجيرات بشكل مباشر في خطابه اليومي المصور، الذي جرى بثه في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، لكنه قال إنه من الطبيعي أن يركز الناس على شبه جزيرة القرم.

وأضاف "لن نتخلى عنها أبداً.. منطقة البحر الأسود لا يمكن أن تكون آمنة ما دامت شبه جزيرة القرم محتلة"، مكرراً موقف حكومته بضرورة إعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا يوماً ما.

من جانبها، طالبت مجموعة الدول الصناعية السبع، الأربعاء، روسيا بالانسحاب الكامل من محطة زاباروجيا للطاقة النووية شرقي أوكرانيا.

وقالت المجموعة، في بيان، "نطالب روسيا بالتسليم الكامل والفوري" لمحطة زاباروجيا وجميع المرافق النووية داخل أوكرانيا، مؤكدة ضرورة تنفيذ العاملين في المحطة واجباتهم "دون تهديد أو ضغط".

وأشارت إلى قلقها "العميق من التهديدات الخطيرة" لاستمرار استيلاء القوات المسلحة الروسية على المنشآت النووية الأوكرانية، ما يزيد بشكل كبير من خطر وقوع حادث نووي يعرض سكان البلاد والدول المجاورة للخطر، حسب البيان.

وشدد البيان على أن سيطرة روسيا على المحطة "يقوض قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة الأنشطة النووية السلمية لأوكرانيا".

ورحبت المجموعة بجهود رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، لتعزيز السلامة والأمن النووي في أوكرانيا، مؤكدة أهمية تيسير مهمة خبراء الوكالة بطريقة تحترم السيادة الأوكرانية الكاملة على أراضيها وبنيتها التحتية.

وأكدت إدانتها "الشديدة" للحرب "غير المبررة"، داعية موسكو إلى سحب قواتها "فوراً" من داخل حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً، واحترام سيادة وسلامة أراضي البلاد.

وأمس الثلاثاء، طلبت روسيا عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في المحطة.

وقالت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة إن الجلسة قد تعقد الخميس المقبل بناء على طلب موسكو.

وفي 4 مارس/آذار الماضي، فرضت روسيا سيطرتها على "زاباروجيا"، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، ويشهد محيطها هجمات جوية تتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأنها.​​​​​​​

ولدى أوكرانيا 15 مفاعلاً نووياً نشطاً في 4 محطات بالبلاد، توفر منها حوالي نصف احتياجاتها من الكهرباء.

وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.

TRT عربي - وكالات