يشكل التغير المناخي في العالم قلقا شديدا، خاصة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وذلك بسبب شدة الحرارة الملحوظة والفيضانات والأمطار في غير توقيتها، وتستضيف مصر مؤتمر تغير المناخ خلال نوفمبر المقبل.

وتقول الدكتورة ناتالي خزعل أستاذ مساعد بجامعة جورجيا تيك في الولايات المتحدة الأمريكية، في حوار لها لـ«الوطن»، أن العالم في خطر بسبب التغير المناخي، مضيفة أنه يجب على الدول أن تتكاتف لحل أزمة التغير المناخي. 

•  كيف تساعد أمريكا الدول النامية ومنها مصر في تدوير القمامة وتحويلها إلى طاقة؟

قبل أن أجيب على هذا السؤال، سوف أتطرق إلى وضع تكرير النفايات في الولايات المتحدة، حسب وكالة حماية البيئة الأمريكية، في الستينيات، معدل كمية النفايات الذي نتج عن شخص واحد في الولايات المتحدة كان 1.22 كيلو يومياً؛ أمّا في 2017 ارتفع إلى 2.05 أي ضعف هذا بغض النظر، البنية الأساسية لصناعة تكرير النفايات  في أمريكا من الأضعف في العالم، علماً بأن أمريكا كانت تصدر نفاياتها القابلة للتكرير إلى الصين، البلد الذي كان يكرر نفايات نصف العالم حتى 2018 بعد حظر استيراد النفايات في الصين، حاولت أمريكا تصدير نفاياتها إلى بلدان مثل كمبوديا، بنجلاديش، غانا، إثيوبيا، كينيا والسنغال والتي تعتبر قوانين الحماية ضد التلوث فيها ضعيفة بالتالي، لا توجد خدمة وطنية أمريكية تتولى تكرير النفايات حيث كل بلدية تختار قوانينها لتنظيم هذه الصناعة فوق هذا، كميات كبيرة من النفايات القابلة للتكرير التي تلمها البلديات أو الشركات الخاصة مستحيل تكريرها لأنها ملوثة بمواد عضوية مثل زيت القلي، أن أمريكا تحتاج إلى تطوير جدي في مجال تكرير النفايات في المستقبل.

• كيف نتجنب عواقب أزمة التغيير المناخي؟ 

بثلاثة أشياء منها تقليل الاستهلاك بشكل جوهري، والتخفيض الجذري في أكل الحيوانات، تنمية الطاقة الخضراء وتبنيها في كل قطاعات الاقتصاد عن طريق سياسات وإجراءات مثل تشجيع استعمال الطاقات البديلة وضريبة الكاربون، والتنظيم المباشر للانبعاثات.

• أمريكا من الدول التي تأثرت بالتغيير المناخي من حرائق وارتفاع شديد في الحرارة، كيف تساعد الدول وهي متأثرة مثل الدول النامية؟ كيف نواجه هذا التحدي من التغيير المناخي؟

حرائق عنيفة، عواصف ثلجية، أعاصير، جفّاف، فياضانات، آخر عقد (2011 و2022)، انعدام الأمن الغذائي وغيرها من العواقب كلها ناتجة عن الاحتباس الحراري للأسف، قضية الاحتباس الحراري أصبحت قضية سياسية في أمريكا تمزق الوطن إلى معسكرين واحد منهما ينكر وجود الأزمة، الأمر ما أدّى إلى تشويه سمعة مصطلح «الاحتباس الحراري» وتبديله بمصطلح ضعيف «التغيير المناخي» الذي ينكر أيضاً أن الاحتباس الحراري هو من صنع الإنسان هذا أدّى إلى انبعاث أمريكا 11% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وهي ثاني أكبر منبعث في العالم بعد الصين، لكنها تقع في المرتبة الأولى بالنسبة للانبعاثات لكل مواطن الانبعاثات ناتجة عن ثلاثة مجالات كبرى في المكان الأول وهي النقل، الزراعة (خاصة الزراعة الحيوانية)، والصناعة (بما فيها النفط).

أمريكا لديها من أكبر الشرائح من المسؤولية في الأمر نظراً لكمية انبعاثاتها بينما بعثت أمريكا 13.68 ميجا طن من ثاني أكسيد الكربون في 2020 لكل شخص، بعثت مصر 2.62 (والسعودية 19.69). 

لذلك، أهم شيء من اللازم أن تقوم به أمريكا لكي تساعد البلدان النامية هو أن تخفض انبعاثاتها بشكل جذري (وطبعاً أن يتوقف الناكرون من الأمريكان عن إنكار الاحتباس الحراري ودور الإنسان فيه).

ثانياً، على أمريكا أن توفر القيادة في إعادة بناء البنية التحتية لقطاعات الزراعة (وأهم أمر هنا هو تخفيض جذري في أكل الحيوانات) والنقل والصناعة، وهذا يتضمن إنهاء دعم صناعة واستهلاك النفط والزراعة الحيوانية، بالإضافة، عليها توفير مساعدة تقنية للبلدان النامية.

وأخيراً، عليها تقديم مساعدة مباشرة إلى البلدان التي تحتاج إليها، ربما من خلال العودة إلى التزامها بتقديم ملياري دولار إضافي إلى الصندوق الأخضر للمناخ.

• هل يوجد استثمارات لمساعدة دول الشرق الأوسط ومصر لحل مشكلة المناخ؟ 

لعبت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دورًا حيويًا في التخفيف من الاحتباس الحراري ومعالجة آثاره من خلال الشراكة مع أكثر من 45 دولة لتنفيذ تدابير طموحة لخفض الانبعاثات، وحماية النظم البيئية الحيوية، والانتقال إلى الطاقة المتجددة، وبناء المرونة ضد آثار الاحتباس الحراري، وتعزيز تدفق رأس المال نحو الاستثمارات الإيجابية المناخية، تنظيم الانبعاثات وضريبة الكربون سيساعدان كثيراً.

لكن الأسواق لها تأثير ربما أضخم من الحكومات، فنحن بحاجة إلى تحفيزات أكبر مرتبطة باستهلاك المواطنين مثل خلق وتطوير أطعمة رخيصة ولذيذة قليلة الانبعاثات كالألبان والأجبان واللحوم البديلة المصنوعة من النباتات، وملابس وأدوات تجميل، وأجهزة وكل البضائع المصنعة التي تستعمل طاقة بديلة في تصنيعها.

ما نواجهه هو ثورة في طريقة تفكيرنا في مجال الصناعة والاستثمار حالياً، كثير من الاستثمارات في هذا الاتجاه مصدرها أمريكا، وهناك فرص كبيرة لإتاحة فرص متشابهة في الشرق الأوسط تحفز رواد وشركات ترغب في أن تبني صناعات وخدمات بديلة، سيؤدي ذلك إلى إنشاء أسواق واقتصاديات الحجم للتكنولوجيات منخفضة الكربون، ما يؤدي إلى خفض تكاليف الجميع، المستثمرين الأمريكان يفتشون عن استثمارات خضراء لأنه هناك ضغوط من الجمهور لهذا، وعلى الشرق الأوسط أن يغتنم هذه الفرصة. 

مؤتمر المناخ قد يكون نقطة تحول في الحد من تغير المناخ في العالم 

• مؤتمر تغيير المناخ المقام في مصر ما هي أوجه التعاون في ذلك المؤتمر؟

في نهاية عام 2022، ستستضيف مصر المؤتمر السابع والعشرين للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية المعروف بـ (27 COP)، من الضروري تضمين أبعاد جديدة فاستضافة مصر لهذا المؤتمر ستدفع بأولويات القضايا المصرية، على رأسها كيفية تأثير الاحتباس الحراري على مصر وآثاره العابرة للحدود، والمؤتمر سيمثل فرصة لمصر لإيصال رسالتها أن الدول الأفقر التي تتحمل عواقب الاحتباس الحراري، وخاصة دول أفريقيا، التي تعد موطنًا لأكثر الناس عرضة لتأثيرات الاحتباس الحراري، على الرغم من مساهمتها المحدودة في الانبعاثات العالمية وبالتالي هذه الدول بحاجة إلى مزيد من الدعم الجاد لتحقيق أهداف انبعاثات صفرية طموحة. 

ومن المتوقع طرح مبادرات التعاون بين مصر والدول الأخرى في مجال بذل جهود التكيف، ستتعلق هذه المبادرات إشراك مختلف أصحاب المصلحة الأفارقة بشأن المناخ ومحاولة تنفيذ العديد من الوعود التي قُطعت في جلاسكو في مناطق البلدان النامية مثل إفريقيا، وهنا يكمن دور مصر التاريخي- أن تمارس مصر ضغوطًا كافية للتأثير على الدول المترددة في زيادة طموحاتها بشأن خفض الانبعاثات مثل الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة.