مركز الجسور يقدم تقرير حول النفوذ الصيني في أوروبا


أصدر مركز الجسور للدراسات الاستراتيجية دراسة حول “النفوذ الصيني في أوروبا” من إعداد إليان بطرس، الباحثة في العلاقات الدولية بمركز.

وأشارت الباحثة في تقريرها إلى أن النفوذ الصيني دخل في أوروبا في مراحل تغير متتالية نتيجة التغيرات الموجودة على الساحة الدولية، ولكن ستظل الدول الأوروبية تتعاون مع الصين وستظل الصين تزيد من نفوذها داخل أوروبا حتى وأن تباطؤ نمو هذه الاستثمارات في فترات معينة لكنه ظاهر.

وأكدت أن ذلك التعاون سيستمر ويبقى لعدد من الأسباب: أهمها أن الاتحاد الأوروبي في حالة تفكك وضعف وهو ما يعطي مساحة للتوسع الصيني وهو ما يدفع أيضًا الدول الأوروبية للحصول على استثمارات صينية في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لديها، ولقد أدركت الدول الأوروبية أن مساندة الولايات المتحدة لهم ليست كافية وهو ما كشفت عنه الحرب الأوكرانية.

وأوضح التقرير إلى أن بانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية منذ عام 2001 ، زاد النشاط التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي حتى أصبحت الصين اليوم أكبر مصدر لواردات الاتحاد الأوروبي وثاني أكبر سوق تصدير.

وتتلخص استراتيجية الرئيس الصيني شي جين بينغ في خروج شعبه من الفقر وهو ما يفسر التركيز الاقتصادي للصين حول العالم فلم تخطوا الصين بجراءة إلا في الجانب الاقتصادي الذي سيمنحها القوة لتعزيز كافة الجوانب فيما بعد وهو ما نستطيع أن نلاحظه الآن في حجم الصين كدولة قوية لا يستهان بها ولديها طموح وخطوات واثقة، وهو ما يجعلها قادرة على بناء قدرات عسكرية هائلة تعيد أمجاد الصين مرة أخري بعد تعرضها لعديد الأزمات.

ووفقًا لتقرير مركز الجسور فإن الصين تعتمد في علاقتها مع دول أوروبا على أن الدول الأضعف تحتاج بشكل كبير إلى استثمارات أجنبية تخفف من حدة أزماتها، وبالتالي تنغمس الصين في جنوب ووسط وشرق أوروبا اقتصاديًا تلبية لاحتياجات هذه المناطق ولكن العائد على الصين ليس هو العائد الاقتصادي بينما تربح الصين بهذا التقارب تفاهمات أوروبية تظهر عند الحاجة على سبيل المثال في القضايا المثارة داخل الاتحاد الأوروبي وتحيز اليونان والمجر بشكل شبه دائم للصين.

وأكد التقرير على أن الاستراتيجية الصينية تجاه أوروبا تتمحور في تنفيذ أهداف مشروع الحزام والطريق وتستغل الصين تواجدها داخل الدول الأوروبية بوسيلتين الأولى منها هي التطويق والانغماس في الدول الأكثر ضعفًا في أوروبا على سبيل المثال لا الحصر المجر والتشيك واليونان وغيرها، الوسيلة الثانية هي عقد مزيد من الصفقات والتفاهمات الاقتصادية مع الحكومات الأقوى في أوروبا فيما يتعلق بالسلع الحيوية والخدمية حتى تتمكن من خلق حالة من التوازن والسيطرة في الداخل الأوروبي.

وإلى جانب استثمارات الصين في الدول الأوروبية الزراعية، نقل التقرير عن دراسة لمعهد (MERICS) ببرلين أن هناك 95٪ من الاستثمار الصيني في أوروبا موجود في أوروبا الغربية تنقسم الى 50 مليار يورو في المملكة المتحدة،و22 مليارًا في ألمانيا، 15 مليار في فرنسا أو 16 مليار في إيطاليا.

وبالمقارنة، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار الصيني في وسط أوروبا حوالي 8 مليارات دولار. 8 مليارات في 11 دولة.

ونشرت بلومبرج أن الاستثمارات الصينية في أوروبا شكلت 318 مليار دولار خلال العقد الماضي، استحوذت الصين من خلالها على 360 شركة في 30 دولة أوروبية بأجمالي 255 مليار دولار على سبيل المثال الشركة الإيطالية لتصنيع الإطارات ” Pirelli”، وكان نصيب المملكة المتحدة خلال العقد الماضي صفقات بقيمة 70 مليار دولار وتليها إيطاليا بقيمة 31 مليار دولار ثم ألمانيا بقيمة 20 مليار دولار تليها فرنسا بما يتجاوز 13 مليار دولار.

وفيما يتعلق بمشروع الحزام والطريق، أوضحت إليان بطرس في تقريرها إلى أن إيطاليا أصبحت أول دولة في مجموعة السبع تصادق رسميًا على مبادرة الحزام والطريق في مارس. حذت سويسرا حذوها في 29 أبريل.

وانضمت إلى 22 دولة أوروبية أخرى وقعت بالفعل مذكرات تفاهم: النمسا، والبوسنة والهرسك، وبلغاريا، وكرواتيا، وقبرص، وجمهورية التشيك، وإستونيا، واليونان، والمجر، ولاتفيا، وليتوانيا، ولوكسمبورغ، ومالطا، والجبل الأسود، مقدونيا الشمالية وبولندا والبرتغال ورومانيا وصربيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وأوكرانيا.

وفي المنتدى الثاني لمبادرة الحزام والطريق الذي نُظم في بكين في أبريل 2019، حضر ما لا يقل عن 12 رئيس دولة ورؤساء حكومات أوروبية، بما في ذلك رؤساء دول وحكومات النمسا والمجر وإيطاليا واليونان والبرتغال وجمهورية التشيك ومالطا.

وبعد تعرض العالم وأوروبا بشكل خاص لأزمات اقتصادية حادة بعد انتشار فيروس كورونا وما لحقه من تداعيات للحرب الروسية الأوكرانية أصبحت هناك تصاعد في المخاوف الأوروبية من استغلال الصين لتلك الأوضاع الاقتصادية المتدنية للاقتصاد الأوروبي واستحواذ الصين على مفاصل الدول اقتصاديًا وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

وبعد انكشاف هشاشة الدول الأوروبي وتحالفها العسكري أمام حرب أوكرانيا، أصبحت تلك الدول أكثر مرونة مع الصين ولم تعد الدول الأوروبية الكبيرة لديها المساحة التي تمكنها من دعم الدول الصغيرة في أوروبا فهي بالكاد تنقذ نفسها من ويلات الحرب وبالتالي ستستمر الصين في توسعها مع دول جنوب ووسط وشرق أوروبا لتعيد الروابط التي اهتزت الفترات الماضية.

ومن جانب آخر –وفقًا لتقرير مركز الجسور- فقد وضع الاتحاد الأوروبي آلية للتدقيق في الاستثمارات الأجنبية المباشرة حماية للأمن القومي الأوروبي وهو ما أثر لفترة على حجم الاستثمارات الصينية في دول الاتحاد الأوروبي حيث يصل الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أوروبا في عام 2021 إلى 10.6 مليار يورو، وهو ثاني أقل استثمار صيني في أوروبا منذ عام 2013، وفقًا لتقرير مشترك صدر من قبل شركة Rhodium Group الاستشارية ومركز Mercator الألماني للدراسات الصينية أن الاستثمارات أعلى من عام 2020 ولكنها أقل بكثير من 47.4 مليار يورو في عام 2016.

وفي ظل تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين سيظل هناك ضغوط على الاتحاد الأوروبي للتضييق على الاستثمارات الصينية، وهو ما ظهر في تحركات الاتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع اليابان حتى يكون هناك توازن في الاستثمارات أمام النفوذ الصيني في أوروبا، كما اتجهت الدول الأوروبية للتعاون بشكل أكبر مع تركيا كسوق بديل لن يكون كافي بالنسبة لها مقابل السوق الصيني وسيدفع تركيا بمزيد من المطالب أولها دخول الاتحاد الأوروبي وهو خلاف مثار منذ فترة.

الجانب الآخر هو علاقة الصين بروسيا التي ستدفع أوروبا لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي تقف أمام الاستثمارات الصينية وعلاقة الصين بأوروبا بشكل عام.

تاريخ الخبر: 2022-08-17 21:21:41
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية