إليان بطرس: في حال سيطرة الصين على تايوان ستتغير موازين القوى


أصدر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، تقرير بعنوان “الأزمة التايوانية وسيناريوهات التعامل الأوروبي”، بقلم إليان بطرس، الباحثة في العلاقات الدولية بالمركز.

وأشار التقرير، إلى أن العالم كله سيتأثر في حال شنت الصين حرب على تايوان وليس أوروبا فقط، لافتًا إلى أن ما تفعله الصين الآن من تحركات ليست إلا استعراضًا للقوة لأن كل من الولايات المتحدة والصين تعي جيدًا أن في حالة قيام حرب في تايوان سيخسر الجميع، وإمكانية وصول الصين لتايوان عبر المضيق قد تعرض القوات الصينية للخطر لهذا السبب ستفكر الصين جيدًا قبل أن تتخذ قرار الحرب.

وأوضح أن الصين ربحت في تدريباتها العسكرية تجاه تايوان لأنها ستبرز لها نقاط الضعف حتى تتلاشاها في حالة قررت الحرب على تايوان، وباستطاعة الصين أن تفرض حصار اقتصاديًا على تايوان حتى لا تلجأ للتدخل العسكري والخسائر التي قد تحدث نتيجته للضغط على تايوان خاصة في ظل اقتراب موعد الانتخابات الصينية وهو ما يدفع الصين للحفاظ على مظهرها أمام المجتمع الدولي والداخل الصيني على وجه الخصوص، أما فيما يتعلق بالدول الأوروبية ستظل المواقف الأوروبية تتحرك على استحياء في الوقت الحالي تجنبًا لغضب التنين الصيني، وعلى أقصى تقدير قد يقوم البرلمان الأوروبي بعدد من الزيارات نحو تايوان مرة ثانية وقد يحاول تغيير أسماء مكاتبة التجارية من تايبيه إلى تايوان وفى هذه الحالة ستفرض الصين مزيد من العقوبات على الدول المساهمة كما هو الحال في ليتوانيا.

ولفتت إليان بطرس في تقريرها إلى أن هناك خطورة على أوروبا في حالة نشوب حرب عسكرية بين الصين وتايوان، ملمحة إلى أن تايوان تمتلك 90% من تكنولوجيا إنتاج أشباه الموصلات كما تمتلك أوكرانيا نصف إنتاج العالم من غاز النيون الذي يدخل في أهم الصناعات وهي أشباه الموصلات الدقيقة التي تستخدم في صناعة السفن والأسلحة والسيارات والالكترونيات وهى أساس تصنيع أنظمة الأمن السيبراني وهو أحد دوافع روسيا للسيطرة على أوكرانيا. وبالتالي إذا سيطرت الصين على تايوان ستمتلك الصين وروسيا بهذا الشكل حصة ضخمة من هذه التقنيات على مستوى العالم والتي عادة ما تستخدم في التجسس وصناعة السلاح وبالتالي ستعطي قوة للصين وستنطوي معها السيطرة الأمريكية على العالم.

وأفادت أن الخطر الأكبر الذي يهدد الدول الأوروبية هو اعتماد الدول الأوروبية على تايوان في تصنيع الرقائق الالكترونية وأشباه الموصلات بشكل كبير حيث تشكل الأجهزة والآلات الذي يستوردها الاتحاد الأوروبي من تايوان نسبة 60%، إذ تستحوذ الشركة التايوانية TSMC التي أنشأت في أواخر الثمانينيات على نصف سوق أشباه الموصلات وهي ذات الشركة التي التقتها بيلوسي في زيارتها لتايوان التي آثارت جدلاً وتوترًا حول العالم.

ولم تقتصر هذه الشركة على الرقائق المستخدمة في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر بل تصنع الرقائق المتطورة التي تستخدم في القيادة الذكية والتي يصغر حجمها خمسة نانومتر.

ومن هنا تأتي المخاوف الأوروبية من انقطاع سلاسل الإمدادات من هذه الرقائق واشباه الموصلات بشكل مفاجئ لأوروبا وهو تهديد قوي لن تتحمل أوروبا عواقبه في ظل وجود أزمات متتالية في المنطقة التي أنهكت سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا بنشوب الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الغاز والطاقة وأزمة كورونا.

فإنتاج تايوان لأشباه الموصلات بهذا الشكل الضخم يقود حالة التقدم التكنولوجي الأمريكي والأوروبي، ودخول تايوان في حالة حرب قد يتسبب في انهيار التقدم الذي حققته الولايات المتحدة فيما يتعلق بالجيل الجديد من التكنولوجيا الذي يتسابق عليه العالم، وفى هذه الحالة ستفوز الصين وتتحكم في العالم بشكل كبير ويتغير ميزان القوى العالمي لصالح الصين، وإذا تحولت ساحة الحرب إلى تايوان سيعطى ذلك نفوذًا أكبر لروسيا في أوروبا ويفسح لها المجال وهو ما تخشاه أوروبا في ظل التأثر الشديد بانقطاع الغاز الروسي مع قدوم الشتاء فقد يكون الشتاء القادم هو الأصعب على أوروبا إذا استمرت روسيا في حجب الغاز، وهو ما دعا مارين لوبان وغيرها من المسؤولين الأوروبيين للمطالبة برفع العقوبات المفروضة على روسيا حتى لا تنقطع الكهرباء عن أوروبا، وأن العقوبات أصبحت دون جدوى ولم تُحدث إلا أزمات على الساحة الأوروبية، وبالتالي لن يكون هناك مساحة لمواجهة أزمة جديدة قد تكون الأضخم على مستوى الساحة الدولية.

وتحاول الولايات المتحدة أن تستفز الصين بكافة الطرق لإبعادها عن تايوان، وهو ما يظهر في التصريحات والزيارات التي تؤكد على تحول الولايات المتحدة نحو تحركات قد تحرج أوروبا وتضعها في موقف غاية الصعوبة، فكيف ستنحاز أوروبا بشكل صريح لتايوان بجانب الولايات المتحدة ضد الصين وهي غير مؤهلة في الوقت الحالي لأي عقوبات من الممكن أن تفرضها عليها الصين، فلم يعد الاتحاد الأوروبي بالشكل المتماسك الذي كان عليه ولن تتحمل اقتصاداته أعباء التورط مع الصين في حالة دعمه تايوان فالصين قوة عسكرية واقتصادية ضخمة يصعب التعامل معها إلى جانب أن الدول الأوروبية تنشغل في الوقت الحالي بالحرب الأوكرانية وتايوان بعيدة كل البعد عن ساحتها الأمنية في الوقت الحالي.

بعد الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة تجاه تايوان والصين بشكل عام –والحديث مازال للتقرير- وضعت الدول الأوروبية في موضع حرج فهي لا تستطيع أن تتخذ خطوات فعليه وليس لديها إلا أن تعبر عن دعمها لتايوان بالحلول السلمية فبعد زيارة بيلوسي لم تتحرك الدول الأوروبية لدعم تايوان حتى وأن كانت بالتصريحات فقط لأنه من مصلحة أوروبا أن يبقى الوضع على ما هو عليه ولا يتطور إلى تدخل عسكريًا وليس من مصلحتها استفزاز الصين كما تفعل الولايات المتحدة.

وبالرغم من أنه سبق وأن اعترفت أوروبا بانتهاكات الصين لحقوق الإنسان والحريات ولكنها تحاول أن تبعد عن الاحتكاك مع الصين والاتحاد الأوروبي من مصلحته أن يتعامل مع تايوان ويعزز من العلاقات بينهم ولكن في إطار سياسة الصين الواحدة حتى يضمن الاستقرار لمصالحة مع تايوان ففي حال تحركت الصين نحو تايوان واندلعت حرب جدية ستتأثر المصالح الأوروبية داخل تايوان بشكل كبير. ذلك بالإضافة إلى أن أوروبا تعتبر الصين منافس وليس تهديد حقيقي.

وتوقعت الباحثة أن الولايات المتحدة لن تغامر بدخول الانتخابات النصفية وهي في حالة حرب مع الصين في تايوان وبالتالي ستظل الأمور في حالة تأرجح وستظل الولايات المتحدة تستخدم الحرب بالوكالة مع الصين حتى لا تتخذ قرار مباشر مع الصين يكلفها الكثير، خاصة في ظل انشغالها بأوروبا والحرب الأوكرانية الروسية والمعاناة التي تكبدها العالم من هذه الحرب، والفارق بين الحرب الروسية الأوكرانية وقضية تايوان هو أن أوكرانيا دولة مستقلة ومعترف بها من الجميع أما تايوان ليست دولة مستقلة ولم يعترف بها العالم ويعتبرها معظم الدول جزء من الصين وهو ما يعقد من إمكانية التدخل المباشر بين الولايات المتحدة والصين في تايوان، وهو ما قد يدفع الولايات المتحدة لتسليح كل من ألمانيا واليابان لتكوين جبهة أكثر تماسكًـا ضد تايوان دون تحرك أمريكي مباشر قد يحدث خلل في الداخل الأمريكي والأوروبي.

تاريخ الخبر: 2022-08-19 00:22:40
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

أضرار لقاح "أسترازينيكا" تسائل آيت الطالب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية