أعلن اليوم الثلاثاء عن رحيل عبدالحق الخيام، إحدى أبرز الشخصيات الأمنية خلال السنوات الأخيرة، وأول مدير للمكتب المركزي للأبحاث القضائية منذ إنشائه عام 2015، والذي تولى إدارته حتى نونبر 2020 عندما أعفي من مهامه من طرف عبداللطيف الحموشي وتم إلحاقه مستشارا بديوانه.
الخيام وطوال ترأسه للمكتب المعروف اختصارا بـ”البسيج” كان بمثابة عيون الصقر التي تحمي المغرب من آفات التطرف والمخدرات والإرهاب، نجح وهو على رأس “البسيج” في تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية والمئات من المتطرفين الذين كانوا يتربصون بأمن الوطن والمواطنين، خاصة وأن استراتيجية استباق وقوع أي عمل إرهابي التي تبناها المكتب في عهده والتي تواصلت في عهد خلفه، حبوب الشرقاوي، مكنت المغرب من تفاي وقوع سيناريوهات إرهابية منذ تلك التي هزت مدينة الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003.
الخيام الذي نعته الإدارة العامة للأمن الوطني واعتبرته واحدا من أبرز هو أحد أبرز الشخصيات الأمنية ذو مسار ناجح في الميدان الأمني، منذ أن التحق بهذا الجهاز الذي تدرج فيه، منذ تخرجه من المعهد الملكي للشرطة بمدينة القنيطرة، ليلتحق بمصالح الشرطة القضائية في عدة مناطق أمنية بالدارالبيضاء، والتي أظهر من خلالها كفاءته في معالجة كافة الملفات الأمنية التي كانت تناك به، وهو ما أهله ليتولى منصب أبلى رئيس للفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي قضى فيها فترة مهمة من حياته المهنية التي كانت ناجحة، قبل أن تتم ترقيته عام 2015 إلى وال للأمن، وهي نفس السنة التي تم خلالها إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يتواجد مقره بمدينة سلا، ليقع الاختيار على الخيام ليكون أول مدير له، خاصة وأن اختياره لم يكن اعتباطيا، وإنما بالنظر إلى التجربة التي راكمها الرجل، الذي لم يكن يتوان عن الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المساس بأمن المغرب والمغاربة، ليسطع نجمه رفقة جميع عناصر “البسيج” في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، وإفشال مخططاتها التطرفية، التي كانت تهدف إلى تحويل المغرب إلى شلالات من الدماء.
ليس فقط محاربة المتطرفين والإرهاب هي المجالات التي نجح فيها عبدالحق الخيام، لكنه أيضا نجح في ملاحقة تجار المخدرات ومرتكبي العمليات الإجرامية الكبرى والاختطاف والتحقيق في ملفات تهم فضائح مالية، وقضايا الرشوة، ولعل أبرز النجاحات التي حققها على مستوى محاربة الاتجار في المخدرات هو فك خيوط قضية بارون المخدرات الشريف بين الويدان، وكذا التحقيق حول مقتل أحد حراس الملك الشخصيين، إلى جانب تفكيك خلايا كانت تستهدف اغتيال شخصيات سياسية ومدنية وعسكرية، وهي كلها نجاحات منحت نوعا من الهيبة والرهبة في نفس الوقت للمكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي أصبح في ظرف وجيز بمثابة القلعة التي يستمد منه المغرب قوتهم الأمنية في مواجهة كل الاخطار التي تهدده أيا كان مصدرها.
عبدالحق الخيام، كرجل أمن، وخلال رئاسته للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كان معروفا بانفتاحه على وسائل الإعلام، وكان يحرص على التواصل مع الصحفيين، وهي السمة التي واصل تفعيلها خلال وصوله لإدارة “البسيج” الذي فتح أبوابه لأول مرة أمام الصحافيين عام 2017 وكانت “الأيام” الورقية من أوائل الجرائد التي سمح لها بالتجول في أروقة مبنى “البسيج” والتي خصصت أحد اعدادها لنقل ما يحدث خلف الأبواب المغلقة لهذا المبنى المحروس، بل وجالست الخيام الذي تحدث عن قضايا تهم حياته المهنية والشخصية.
عندما أعفي الخيام من منصبه في نونبر 2020، تضاربت الروايات حول أسباب هذا الإعفاء الذي قيل أنه بسبب المرض، فيما ذهبت روايات أخرى إلى تخليه عن واجب التحفظ وطهوره في مقطع فيديو محتفلا بإحراز فريق الرجاء للقب البطولة الوطنية، لكن مهما كانت أسباب الإعفاء، يبقى الخيام من العلامات الفارقة في تاريخ الامن المغربي وبطل الحرب المفتوحة ضد الخلايا الإرهابية.
خلال شهر ماي الماضي وبعد سنتين من الابتعاد عن الأضواء، عاد الخيام ليحتل صدارة أخبار الصحافة بعد تجاول أخبار حول إصابته بشلل نصفي، والتي تبين فيما بعد أنها خالية من الصحة وتم نشرها بناء على مشاهدته داخل مستشفى خاص بالدار البيضاء يخضع لفحوصات طبية، ليكون الخبر الوحيد الذي نشر حوله منذ إعفائه، حتى نول خبر رحيله على محبيه كالصاعقة صباح اليوم الثلاثاء.
