هيلانة سيداروس .. رائدة طب النساء والتوليد في مصر*


*أول امرأة مصرية تدرس الطب في انجلترا

* الطب مهنة صعبة تحتاج إلى تضحيات كثيرة .. أشهر مقولاتها

* أول امرأة طبيبة تعمل في مستشفى حكومي وتفتح عيادة خاصة

هيلانة سيداروس تلك الطفلة النحيفة التي لم يكن يخطر ببال من حولها أنها ستكون رائدة طب النساء في مصر ، إذ كانوا يضحكون عليها عندما تقول “سأصبح طبيبة أعالج المرضى” ، وبإصرار تحقق حلمها حيث أصرت على استكمال تعليمها بتشجيع من والدها فسافرت إنجلترا لتدرس الطب ولن تستمع هناك إلى من نصحها بالابتعاد عن دراسة الطب نظرا لصعوبته، فكانت أول مصرية تدرس الطب في انجلترا وتنجح بتفوق فيه لتعود الى مصر و يتوافد عليها المرضى باعتبارها أول امرأة طبيبة في مجال النساء والتوليد وقامت بإجراء العديد من العمليات الجراحية تحت اشراف رائد طب النساء والتوليد الدكتور نجيب محفوظ، وظلت تعمل بحب واجتهاد وعشق لمهنة الطب حتى أدركتها الشيخوخة، علاوة على ذلك نجدها المرأة العاشقة لتراب وطنها فمنذ أن كانت فتاة لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها نجدها تشارك في ثورة 1919 و تندد بالاستعمار وتشارك في المظاهرات النسائية المناهضة للاحتلال، فضلا عن مشاركتها في العديد من الجمعيات الخيرية … .

ولدت هيلانة عام 1904 في مدينة طنطا وكانت الطفلة الثانية من ستة أطفال وكانت تنتمي الى أسرة من الطبقة المتوسطة، كانت هيلانة ضعيفة البنية اذا لم تذهب إلى المدرسة حتى سن الثامنة وحين ذلك ذهبت إلى كليه البنات القبطيه وكانت واحدة من أوائل مدارس البنات وكان وقتها تعليم البنات يستمر إلى السنة الثالثة الابتدائية فقط ولم يكن منهن يصل الى شهاده أتمام الدراسة الابتدائية، لكن كان هناك إصرار من جانب والدها أن تكمل هيلانة دراستها لما كانت تتمتع به من ذكاء، لذا أتمت الدراسة الابتدائية ثم تقدمت إلى القسم الداخلي لمدرسة السنية التى تعد وقتها من أولى مدارس البنات في القاهرة …

بعدها التحقت بكلية إعداد المعلمات اذ أن مهنة التدريس كانت المهنة الوحيدة المتاحة للمرأة في ذلك الوقت وكانت مدة الدراسة أربع سنوات وكانت نظرة المدرسة والمدرسات جميعهن من الإنجليزيات باستثناء مدرس اللغة العربية الذي كان شيخا معمما ..

وفي نهاية السنة الثانية بالكلية تقدمت لبعثة لإنجلترا للتخصص في الرياضيات وتحقق لها ما أرادت … وتعد هيلانة سيداروس وزينب كامل حسن من أوائل الدارسات المصريات فى انجلترا نظرا لأن الدراسات العليا لم تكن متاحة للمرأة محليا ..

إصرار على العودة لمصر

ولكن سرعان ما تحولت سعادتها بإحباط شديد بعد أن علمت أن دراستها تلك في انجلترا ستنتهي بحصولها على شهادة توازي شهادة إتمام الثانوية العامة في مصر، وأنه سيعطي لها في نهاية الدراسة خطابا يحدد تخصصها، وهو ما اعتبرته هيلانة أمر مهين مما دفع بها الى ارسال خطاب الى الملحق الثقافي في سفارة مصر في لندن تطلب العودة لمصر لتتم دراستها هناك.

من دراسة الرياضيات إلى دراسة الطب

تقول هيلانة سيداروس في إحدى حواراتها: “أنه في ظرف أسبوع جاء الملحق الثقافي إلى المدرسة وطلب ان يقابلني فظننت ان طلبي للذهاب الى الوطن قد وافق عليه ولكن لم يكن هذا صحيحا إذ أن الملحق قد جاءني بخطة جديدة لعلني اوافق عليها اتضح أن الخطة الجديدة عرض لدراسة الطب”..

وكانت قد تأسست في مصر في ذلك الوقت جمعية كيتشنر التذكارية بهدف إقامة مستشفى للمرضى من النساء فقط على أن تتولى إدارتها طبيبات مصريات فقط ولهذا تقرر تدريب فريق من الطالبات المصريات بانجلترا وتم اختيار هيلين كواحدة من أعضاء هذا الفريق ..

دراسة الطب .. نقطة فاصلة

وافقت هيلانة على دراسة الطب والتحقت عام 1922 بمدرسة لندن الطبية للنساء مع خمس مصريات أخريات، وقد استمتعت هيلانة بدراسة الطب وأحبت جميع المواد فيما عدا التشريح مما جعلها ترسب في مادة الجراحة للمرة الاولى لان معلوماتها في التشريح كانت ضحلة، لكنها امتحنت مرة أخرى بعد ستة أشهر واجتازت المادة بنجاح ..

كانت دراسة الطب تمثل نقطة التحدي في حياتها وكان تقدمها لدراسة الطب سبب دهشة الأساتذة الإنجليز لتقدم فتاه مصريه لهذا الفرع من الدراسة ولأنهم أشفقوا عليها من مشقة دراسة الطب عرضوا عليها أن تتخصص في مجال التعليم في رياض الأطفال لكنها رفضت بإصرار وقبلت التحدى .بدراسة الطب

واستمرت في ذلك حتى عام 1929 وقد درست الطب بإنجلترا بعدها كوكب حفني ناصف وانيسة ناجي وتوحيدة عبد الرحمن وفتحية حمدي وحبيبة عويس ..

البداية .. مستشفى كيتشنر

بعد أن أتمت هيلانة دراستها فى انجلترا وأصبحت طبيبة متميزة عادت الى مصر عام 1930 ، و استلمت عملها في مستشفى كيتشنر وكانت هناك طبيبة مقيمة انجليزيه وهيئة اطباء من المصريين جميعهم من الرجال وعندما رحلت الطبيبة الإنجليزية عينت هيلانة مكانها بعد أن حصلت على الخبرة اللازمة .. وظلت هيلانة تعمل بمستشفى كيتشنر مدة أربع سنوات بعدها انتقلت للعمل في المركز الطبي لرعاية الأطفال وبعد فترة قصيرة افتتحت عيادتها الخاصة..

عيادتها بباب اللوق

من خلال عملها كانت هيلانة على تواصل مع الأطباء في القصر العيني ويرجع الفضل فى تشجيعها على فتح عيادة خاصة بها الدكتور عبد الله الكاتب الذى اقترح عليها فتح عيادتها في باب اللوق، وكان يلقبها بالدكتور وليس الدكتورة ليفرق بينها وبين الحكمات التى اعتاد الناس تلقيبهم بالدكتورة فى ذلك الوقت، ولم تكن هناك تخصصات في الطب ولكن بحكم انها سيدة أقبلت عليها السيدات وتحول عملها أساسا الى أمراض النساء والتوليد ..

عملها بالمستشفى القبطى

وكان للدكتور عبدالله الكاتب دور أيضا فى عملها بالمستشفى القبطي، حيث عرض علي الدكتور نجيب باشا محفوظ رائد طب النساء والتوليد أن تلتحق هيلانة بالعمل بالمستشفى وبالفعل التحقت هيلانة بالعمل بالمستشفى القبطى ولاقت كل الدعم والتعاون والاحترام من جميع الأطباء هناك ..

كانت هيلانة تقوم بإجراء العمليات الجراحية والتوليد في المستشفى القبطي حيث قضت سنوات وسنوات هناك وأصبحت رائدة متميزة في مجال طب النساء والتوليد كان من بين آلاف الأطفال الذين ولدوا على يديها الأستاذ الدكتور طارق على حسن نجل صديقتها الرائدة في علم الكيمياء الدكتورة زينب كامل حسن..

مواقف أثناء عملها

في احدى المرات جاءتها سيدة سودانية ولم تقبل كشف هيلانة عليها اعتقادا منها أنها رجل حيث لم تصدق أنها دكتور امراة، في ملابس العمل الرسمية لا تظهر معالمها فضلا عن ان شعرها كان مقصوصا ..

.كانت هيلانة تقود سيارتها بنفسها لأي مكان بالقاهرة لتمارس عملها حتى فى منتصف الليل حيث تستدعى لولادات عاجلة لتكون من أوائل السيدات التى قادنا سياراتهن بأنفسهن ..

مشاركتها فى ثورة 1919

عندما قامت ثورة 1919 شاركت هيلانة وهي ابنة الخامسة عشرة من العمر في المظاهرات التي قادتها بعض الفتيات والسيدات في ذلك الوقت، واستمرت في المشاركة في الكفاح الوطني للمرأة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي وكانت تتردد على منزل الزعيم سعد زغلول الذى عُرف باسم “بيت الأمة”، حيث كانت تشارك في اجتماعات الحركة النسائية بقيادة السيدة صفية زغلول من أجل مناهضة الاحتلال الأجنبي ومقاطعة البضائع الإنجليزية ثم ضمت إلى جمعية هدى شعراوي ..

العمل الاجتماعي

بعد أن تجاوزت السبعين من عمرها رأت انه ليس من الصالح لمرضها أن تستمر في العمل فأستقالت من عملها وانضمت إلى الجمعية الخيرية القبطية للعمل الاجتماعي، وفي فترة عملها بالجمعية الخيرية القبطية اهتمت بترجمة العديد من الكتب والقصص للأطفال ، وظلت هكذا حتى رحلت عن عالمنا عام 1998

أهم مقولاتها

* الطب مهنة صعبة تحتاج إلى تضحيات كثيرة وأنه بدون الرغبة الشديدة في دراسة الطب يصعب الاستمرار فيها.

* من المهم العناية بالطفل والنظافة والتقليل .من إنجاب الأطفال

* أهمية الولادة من المستشفى لتفادي المضاعفات الناتجة عنها.

تاريخ الخبر: 2022-08-24 09:22:38
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

البرج: مشاريع في المياه والتهيئة برأس الوادي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 03:24:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية