الاستثمار السعودي في دارفور هل يعيد الإقليم للحرب؟


 

سارعت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور إلى إصدار بيان رافض للاستثمار في بعض مناطق دارفور؛ اثر نشر وكالة الأنباء الرسمية خبرا حول زيارة مستثمرين سعوديين لـ «نيرتتي» ومناطق أخرى.

التغيير ـــ  أمل محمد الحسن

«كل من يتجرأ لا يلومن إلا نفسه، ولا عذر لمن أنذر» هذه العبارات التهديدية المعلنة حملها بيان الحركة الذي صدر في بحر الأسبوع الماضي؛ تهديداً يبدو أنه يشمل طرفي الصفقات الاستثمارية «الحكومة والشركات السعودية».

واتهمت الحركة، وفق لبيانها، الحكومة الانقلابية بمحاولة الاستيلاء على أراضي ضحايا الإبادة الجماعية، ووصفت الحكومة الحالية بالسير في ذات نهج حكومة المخلوع البشير بحيث أنها تسعى لإكمال مخطط التغيير الديمغرافي في المنطقة.

وشمل تهديد الحركة إنذارا بفعل مسلح يقف في مواجهة «شريكي الاستثمار»، مطالبة إياهم بالوقف الفوري لمخططات الشراكة الاقتصادية مضيفة في بيانها عبارة: «وتجنيب دارفور والسودان حروباً مدمرة لا تبقي ولا تذر»!.

إعاقة الفرص

ووفقاً لوكالة الانباء الرسمية «سونا»، زار 7 مستثمرين سعوديين في الـ 19 من أغسطس الجاري، ولاية جنوب دارفور بدعوة من حاكم الإقليم، مني أركو مناوي، لبحث الفرص الاستثمارية في الإقليم.

وظهرت صورة لافتة تحمل عنوان «فندق نيرتتي» في خلفية صورة تجمع بين رجال الأعمال السعوديين وممثلين للحكومة السودانية، الأمر الذي وصفه خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات والبحوث، اللواء أمين إسماعيل مجذوب بـ «فرصة انعاش الاقتصاد السوداني».

وأضاف: «هذه الاستثمارات ستوفر فرص عمل للأهالي والشباب وتزيد الموارد المحلية».

واتهم مجذوب حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور  بأنها تستثمر في الأزمة مقللا في ذات الوقت من وزنها السياسي.

وقال خبير الأزمات لـ «التغيير» إن تهديد الحركة هو بمثابة كرت من كروت الضغط التي يستخدمها عبد الواحد ضد  الحكومة الحالية للجلوس معها.

خبير إدارة الأزمات والتفاوض: الحكومة الحالية غير مفوضة للدخول في استثمارات طويلة المدى

ووصف اللواء أمين مجذوب، عبد الواحد بصاحب الموقف المتعنت و أشار إلى أن الحكومة دعته باستمرار للحوار لكنه تحدث باستمرار عن بحث السلام من الخرطوم ، وأضاف «لكنه لا يأتي للخرطوم! ».

و اتفق مع خبير الأزمات الخبير الاستراتيجي راشد الشيخ مع مجذوب حول بيان الحركة واعتبره  محاولة لممارسة ضغوط على الحكومة، ورفع صوت الحركة عاليا لإظهار قوتها وبث الخوف في نفوس المستثمرين.

ومن وجهة نظر الخبير الاستراتيجي يرى أن البيان يمثل رؤية مستقبلية لتطور مفهوم معارضة نظام الحكم في السودان، مشيرا الى توقف المواجهات العسكرية بصورة تامة بين الحركات والحكومة بعد التغيير.

وقال الشيخ لـ «التغيير» إن ما ذهبت إليه الحركة لا يخلو من الأجندة والأغراض السياسية، فالبيان يؤكد وجود الحركة في منطقة النزاع دون اللجوء إلى القوى «الغليظة»، بل عبر استخدام قوة الدفع السياسية.

خبير استراتيجي: حركة عبد الواحد تحاول ممارسة ضغوط على الحكومة

وأشار الشيخ إلى عدم خلو البيان أيضا من الأجندات الخارجية، لافتاً إلى أن جميع الحركات المسلحة لديها ارتباطات دولية تساندها في مواجهة الحكومة القائمة».

السلام أولا

من جانبه نفى الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، محمد الناير ما وصفها بالادعاءات و نعتهم بعدم رغبة الحركة في تطوير الأوضاع الاقتصادية بالمنطقة.

مشددا على حرصهم على تحقيق السلام والاستقرار «نحن أكثر حرصاً على تحقيق سلام عادل وشامل ومستدام بالسودان اليوم قبل الغد».

وأشار الناير إلى مبادرة الحوار السوداني-السوداني التي طرحتها الحركة، قاطعا بأنها المدخل الصحيح لمخاطبة جذور الأزمة التأريخية.

وقال الناير لـ «التغيير» : لولا حدوث الانقلاب العسكري كنا سنكون قد اعلناها وقطعنا فيها حتى الآن شوطا كبيراً.

وقطع الناطق الرسمي باسم حركة عبد الواحد بضرورة إحلال السلام أولا قبل البدء في الاستثمارات، واصفا السلام ب”الأكذوبة الكبرى».

جبل مرة

ووصف الناير زيارة المستثمرين السعوديين بأنها محاولة لنهب الموارد والسيطرة على الأرض بعد أن تم تشريد اصحابها الى معسكرات النزوح واللجوء.

وقطع لدى حديثه مع «التغيير» بضرورة أن يكون المواطن شريكا في أي مشاريع استثمارية، ولابد أن تخدم مصلحته وليس خدمة أشخاص في السلطة، حد تعبيره.

وجدد  الناير التهديدات التي حملها بيان حركته في تصريحاته لـ :”التغيير»؛ محذرا المستثمرين من الوقوع في شراك «من يريدون أن يبيعوا لهم السمك في البحر»!.

أجندة خارجية

الأمن هو إحدى مطلوبات الاستثمار الرئيسة، وبدونه لن يجازف أي مستثمر في بذل أمواله في فضاءات مزعزعة، هذا ما اتفق حوله الخبيران في إدارة الأزمات والتخطيط الاسترتيجي.

وفي الوقت الذي أشار فيه الشيخ إلى وجود أجندات خارجية لدى حركة عبد الواحد، حذر اللواء مجذوب الحكومة الحالية  من الدخول في شراكات واستثمارات دون أن يكون هنالك تفويض من مجلس تشريعي منتخب أو حكومة منتخبة.

الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان: “السلام أكذوبة كبرى”

وطالب الحكومة بالحذر من وجود قوى إقليمية قد تحاول السيطرة على مناطق استراتيجية عبر ايجار أراضي بآجال طويلة تصل أحيانا إلى 99 عاما.

وقال «هذا الأمر يحتاج إلى فحص أمني واقتصادي وسياسي لنستفيد من الفرص الاستثمارية دون الدخول في مطبات».

صيغة تفاهم

في ظل تعنت طرفي الصراع، و مضي الحكومة الانمقلابية في عقد شراكاتها الاستثمارية دون الانتباه لمطالب الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا، وتهديد الحركات من جهتها للمستثمرين، يظل هذا الوضع يحتاج لحلول لا تؤثر على علاقات البلاد الاستراتيجية مع دول الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية صاحبة المبادرة الاستثمارية من جهة أخرى.

و يكمن الحل في اعلاء الجميع المصلحة العليا للسودان، وفق خبير إدارة الأزمات، الذي أكد على ضرورة انضمام حركة عبد الواحد للسلام وطرح رؤيتها وانهاء هذا الصراع. مطالبا الجميع بوضع سقف لإنهاء الخلافات.

وختم حديثه بقوله «لايجب أن يستمر هذا الصراع إلى الأبد، وتحرم دارفور من التنمية وتوصم بأنها منطقة نزاعات إلى ما لا نهاية».

تاريخ الخبر: 2022-08-26 00:23:18
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية