تواجه شركات إدارة الأصول المتعثرة في القطاع الخاص في الصين صعوبات في تحقيق أرباح من الاقتصاد المتباطئ في البلاد، مع عدم وضوح أي نهاية تلوح في الأفق للانهيار الذي أصاب قطاع العقارات، وتردد المقرضين في شطب القروض المعدومة.
قال نحو 12 صندوقا استثماريا متعثرا لصحيفة "فاينانشال تايمز"، إنهم لم يزيدوا من انكشافهم على العقارات السكنية والتجارية، التي عادة ما تعد أكثر أشكال الضمانات شيوعا في إعادة هيكلة الديون الصينية، على الرغم من حالات التخلف عن السداد المرتفعة في قطاع العقارات.
قال مسؤول تنفيذي في شركة كينجداو هوبا أسيت مانجمنت المتخصصة في تداول القروض المعدومة، " كثير منا يقفون متفرجين لا يعرفون أين ننفق أموالنا".
تعاني الصين أسوأ تباطؤ اقتصادي منذ عقود بعد أن أدت جهود الحكومة لخفض الديون في قطاع العقارات، الذي يمثل نحو ثلث الناتج الاقتصادي لها، إلى انهيار أسعار العقارات.
ترافق ذلك مع التأثير السلبي لسياسة صفر كوفيد الصارمة التي فرضتها الحكومة، والحملات التي شنتها الهيئات التنظيمية ضد شركات التكنولوجيا الناجحة جدا لخفض الطلب المحلي. حتى الشركات العقارية التي كانت تعد موثوقة من الناحية المالية في السابق أبلغت عن انخفاض أرباحها، مثل شركة كانتري جاردن، أكبر مجموعة عقارات في البلاد.
لكن على الرغم من أن بكين أعلنت تخفيضات في أسعار الفائدة وبعض مبادرات الإنقاذ الموجهة لقطاع العقارات، إلا أنها فشلت في وقف الانهيار، حيث انخفضت أسعار المنازل على مدى 11 شهرا متتالية حتى تموز (يوليو) الماضي. جعل ذلك مديري الأصول يترددون في دخول السوق خوفا من عدم استرداد استثماراتهم.
قال أندرو كوليير، العضو المنتدب لشركة أورينت كابيتال بارتنرز في هونج كونج، "تعمل إدارة الأصول المتعثرة فقط عندما يعتقد المرء أنه سيكون هناك تقييم بسعر السوق وتحسن دوري. لكن إذا لم يكن تسعيرك دقيقا وكنت تتعامل مع انكماش هيكلي قد يستمر لعقد آخر، فلا توجد طريقة يمكنك من خلالها بيع أصولك".
تتخلص المصارف من الديون المعدومة الموجودة لديها لكنها في الغالب تحولها إلى شركات إدارة الأصول الكبرى التي تديرها الدولة، مثل تشاينا هوارونج أسيت مانيجمنت وجريت وول أسيت مانيجمنت. تظهر البيانات الرسمية أن النظام المصرفي في البلاد تخلص من 1.4 تريليون رينمينبي "204 مليارات دولار" من القروض المتعثرة في النصف الأول من هذا العام، بزيادة 18 في المائة على العام السابق.
لكن بدلا من جني الأرباح من عمليات البيع، كان كثير من شركات إدارة الأصول المتعثرة في القطاع الخاص تتكبد خسائر. أعلنت مجموعة شنغهاي جرينكورت إنفيستمنت جروب، التي كانت ذات يوم رائدة في القطاع، انخفاض 86 في المائة في الأرباح في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام الذي سبقه قبل شطبها من البورصة في أيار (مايو). كما خسرت منافستها مجموعة جي أي تكنولوجي 113 مليون رنمينبي في الربع الأول من هذا العام، بعد خسائر فادحة في 2021.
قالت شركة بي دبليو سي الاستشارية في تقرير هذا الشهر إن "المصارف السيئة" في الصين - كما تعرف شركات إدارة الأصول المتعثرة التابعة لها - أصبحت أقل "نشاطا" على الرغم من أنها يفترض أن تزدهر في فترة الركود.
تريد السلطات المحلية من شركات إدارة الأصول إنقاذ مئات المشاريع السكنية غير المكتملة التي خلفها المطورون الذين يعانون نقص السيولة المالية، ولا سيما في المدن الصغيرة "الأقل حظا".
لكن جيمس لي، صاحب مصرف للديون المعدومة في بكين، قال إن بيع الشقق المحجوز عليها يستغرق ضعفي المدة في المدن الأقل حظا مثل تشنجتشو الواقعة في وسط مقاطعة هينان، حيث يوجد كثير من المشاريع غير المكتملة بفضل الارتفاع المتزايد في العرض وفتور الطلب.
تظهر البيانات الرسمية أن عدد المنازل المحجوز عليها في مدينة تشنجتشو قد تضاعف تقريبا في الأشهر الستة حتى نهاية آذار (مارس) الماضي. قال مسؤولون محليون إن الوضع يظهر بوادر مبشرة قليلة في الأشهر الأخيرة. في غضون ذلك، انخفضت مبيعات المنازل في المدينة أكثر من الثلث في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الذي سبقه.
قال لي، "أحاول أن أتجنب مستنقع الركود الاقتصادي قدر المستطاع. هذا يترك لي عددا صغيرا فقط من المدن التي تستحق الاستثمار فيها".
حتى العقارات التجارية، التي تتنوع من مراكز التسوق إلى المباني المكتبية، فقدت بريقها حيث أدت حملة بكين على قطاع التكنولوجيا وسياسة صفر كوفيد إلى ارتفاع معدلات الشغور وألحقت الضرر بالإيجارات.
قال جاكي وانج، مدير الأصول المتعثرة في شنتشن، إنه توقف عن النظر إلى أصول المباني المكتبية في هذه المدينة الجنوبية. كانت مجموعات التكنولوجيا الكبيرة تقلص حجمها بعد الحملات التنظيمية على التعليم ومنصات الإنترنت التي قضت على المليارات من الرنمينبي من قيمتها السوقية.
قال وانج، "لا نعرف متى ستنتهي أسوأ أيام منصات التكنولوجيا. هذا يعني أن طلبها على المساحات المكتبية، وهو محرك رئيس للسوق، سيستمر في الضعف".
تفاقمت المشكلة بسبب تباطؤ المقرضين الصينيين في شطب الديون المعدومة على الرغم من ارتفاع حالات التخلف عن السداد. تظهر البيانات الرسمية أن النظام المصرفي للبلاد أضاف 107 مليارات رنمينبي من القروض الجديدة المتعثرة في النصف الأول من هذا العام - أكثر قليلا من الفترة نفسها في 2021 لكنه أقل كثيرا من الأعوام الستة السابقة عندما كان الاقتصاد قويا.
قال مستشار حكومي إن الهيئة التنظيمية بقيادة لجنة تنظيم المصارف والتأمين الصينية، خففت متطلبات نسبة الديون المعدومة للمقرضين حتى يتمكنوا من دعم الاقتصاد. قال المستشار، "لن تتم معاقبتك على التستر على بضع مليارات من اليوان من القروض المتعثرة طالما كنت توفر السيولة للشركات الصغيرة التي تعاني ضائقة مالية".
نتيجة لذلك، أرجأ كثير من المقرضين شطب الديون المعدومة على الرغم من تدهور جودة أصولهم بسرعة متأثرة بالاقتصاد الأوسع، حسبما قال مسؤولون في مصرفين تملكهما الدولة.
قال لي، مدير الأصول المتعثرة من بكين، "لا يمكننا تسعير القروض المعدومة بدقة في حال كانت الدولة تتلاعب بالسوق".
أدى تجنب الدائنين لعمليات شطب الديون المعدومة إلى تقليل إجراءات الإفلاس، الأمر الذي يدعو شركات إدارة الأصول المتعثرة إلى تسعير القروض الفاسدة. قدر مصرف01 أسيت مانيجمنت كو لتحصيل الديون المعدومة ومقره شنغهاي أن أقل من 10 في المائة من مطوري العقارات المتعثرين قاموا بإعادة هيكلة إثر الإفلاس لأن ذلك سيتطلب من المقرضين شطب قروضهم.
بالنسبة إلى شركات إدارة الأصول المتعثرة، فالنتيجة هي أنهم قد يضطرون إلى الانتظار حتى تستجمع الحكومة إرادتها السياسية لإطلاق عملية إنقاذ كاملة لقطاع العقارات، كما قال العاملون في الصناعة.
قال رئيس شركة لإدارة الأصول المتعثرة في كينجداو، "سيصبح لنا اعتبار عندما ترغب الحكومة في حل مشكلة الديون المعدومة مرة واحدة وإلى الأبد. لكن ينتهي بهم الأمر دائما بمحاولة تأخير تصفية الحساب".