ظل الموسيقار محمود الشريف ثلاث سنوات كاملة لم يغادر فيها شقته لإصابته بالروماتيزم الحاد في أربطة قدميه، وتردد وقتها أنه يعاني من اكتئاب حاد وقرر الاعتزال والانطواء بعيدًا عن التلحين والفن.

وخرج في حوار لجريدة "الجمهورية" وأعلن أنه ليس منطويا أومكتئبا، ويداوم الموسيقار محمد عبد الوهاب على الاطمئنان عليه، مضيفا: "يكفيني أن محمد عبد الوهاب يسأل عني باستمرار ويزورني من وقت لآخر سيد مكاوي ومحمود لطفي المحامي والمستشار القانوني لجمعية المؤلفين والملحنين"، كما تولى الموسيقار محمد عبد الوهاب رعاية ابنته الوحيدة إكرام في مرضها. 

وأكد "الشريف" أنه اعتزل احتراف الفن، لأن جو الغناء آنذاك تغير ولم يعد يلائمه.

وحصل محمود الشريف على جائزة الدولة التقديرية وعمره 78 عاما، وكان ليلة إعلان حصوله على الجائزة على فراش المرض بمستشفى معهد ناصر التخصصي بساحل روض الفرج، ويمر بمرحلة الخطر، إذ كان مصابا بضمور في خلايا المخ وأثر ذلك على وظائفه الإدراكية. 

وبعد يومين من خروجه من أزمته، فوجئ بمكالمة هاتفيه من الموسيقار أحمد فؤاد حسن يبلغه بخبر فوزه بالجائزة، وقرر بعدها الرجوع عن اعتزال الفن، وبدأ تأليف قطعة موسيقية بعدما تعافى من مرضه واختار لها إسمًا "الجائزة والغرفة 208" نسبة إلى جائزة الدولة التقديرية ورقم غرفته بمستشفى معهد ناصر، كما قرر أن يعهد بتوزيعها موسيقيًا للموسيقار أحمد فؤاد حسن. 

ووصف محمود الشريف الجائزة بأنها بمثابة طوق نجاة وتذكر بدايته قائلا: "قد جربت الفشل كثيرًا، فشلت كمطرب ورفضوا قيدي في معهد الموسيقى العربية كطالب، ولم أيأس أو أشعر بالغربة، حتى وجدت نفس المعهد يطلبني ذات يوم كأستاذ، والآن جائزة الدولة التقديرية". 

يذكر أن الفنان محمود الشريف أحب الموسيقى منذ طفولته ودرس بالإسكندرية وظل بها حتى عام 1939 وتأثر بأخيه الأكبر الذى كان موسيقيا بأوركسترا القوات البحرية المصرية. 

 فى عام 1927، بدأ محمود الشريف بالغناء كمطرب هاو ثم تلحين بعض الأغانى لنفسه، وفى 1932 تردد على مسارح القاهرة، وأعجب به محمد عبد الوهاب حين سمع لحنه لعبد المطلب "بتسالينى بحبك ليه" ، وبدأت بينهما صداقة وقدمته هذه الأغنية إلى الجمهور ثم أصبح واحدا من أشهر الملحنين. 

تم تكريمه فى أكثر من مناسبة ، كانت المرة الأولى فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ثم فى عهد الرئيس أنور السادات ، وفى عام 1989 نال جائزة الدولة التقديرية وتوفى فى 29 يوليو عام 1990 عن 78 عاما.