تفاصيل الأيام الأخيرة فى حياة طه حسين

يرصد كتاب "الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء" للكاتب حنفي المحلاوي، والصادر عن سلسلة اقرأ التابعة لدار المعارف، تفاصيل الأيام الأخيرة لحياة عميد الأدب العربي طه حسين، عبر رصده لما جاء على لسان زوجته سوزان، ووزير الخارجية السابق محمد حسن الزيات.

يقول «المحلاوي»: «كانت الأيام تزحف في اتجاه مسيرة حياته كلما كان يقترب من مشاكل الشيخوخة، حيث الأمراض التي قال عنها يومًا لتلميذه كمال الملاخ "أما المرض، فقد لقيت منه شرًا كثيرًا، ولكني أتعزى عن هذا الشر بما يؤثر من أن الله يكفر عن المرء بعض من سيئاته ويغفر له بعض ذنوبه بمقدار ما يؤذية المرض"، ولما بلغ التاسعة والسبعين من العمر قال لأصدقائه "إني لا أود شيئًا من الدنيا لأن الحياة إنما هي كما قال الله عز وجل "لعب ولهو وزينة "».

1961 كانت بداية المشوار مع المرض 

وأضاف «المحلاوي»: «من هنا نستطيع أن نؤكد أن أيام عميد الأدب العربي الأخيرة قد بدأت مع مطلع 1961.. وكان وقتها قد بلغ من العمر حوالي الـ37 عامًا عندما أجريت له جراحة عاجلة، وقد ذكر لنا الدكتور محمد حسن الزيات في قوله حين تحدث عن ذكرياته مع العميد فيما كتبه عما بعد الأيام "في حديقة رامتان، وفي فبراير عام 1961 كان الدكتور محمد كامل يخرج من المنزل إلى الحديقة مع طه حسين بعد أن قام بفحصه فحصًا دقيقًا، وطه حسين يسير متعبًا، وكامل حسين صامت قليلًا ولكنه مالك لنفسه.

عندئذ قال وهو يتحدث بجد عن هذه المرة لابد من نقل الدكتور إلى المستشفي حالًا، العمود الفقري يحتاج إلى عمليه ضرورية قطعًا وإلا واجهنا خطر الشلل، ومن حسن الحظ عندنا الآن أستاذ من أساتذة هذه العملية في العالم، جراح أعصاب سويدي اسمه "أوليفا كرونا" يجري عملياته في مستشفى الطيران، الفرنسي سابقًا، وسيكون معنا كل من يلزم من الأطباء.. مسئوليتكم كبيرة والسرعة لازمة، وتدخلت ابنة العميد أمينة قائلة: متى ؟ قال: الطبيب حالًا، وفى مستشفى الطيران استغرقت العملية ساعتين، ولم يشارك الدكتور "أوليفا كرونا" سوى الدكتور البنهاوي، والطاقم الذي حضر مع الدكتور السويدي.

وفي القاعة الخارجية للمستشفى كان هناك عدد كبير من الأباء والأصدقاء والأساتذة والطلاب ينتظرون في سكون، مظاهر متعددة للقلق على المريض لمحبته والتعلق به، وفي هذه اللحظات يخرج الدكتور البنهاوي مساعد "أوليفا كرونا" من العملية ليطمئن الموجودين، حيث أبلغنا أن الدكتور العميد نقل لغرفة الإنعاش».

ويتضح من سياق بقية مارواه الدكتور الزيات أن اسرة العميد خاصة زوجته السيدة سوزان.. كانت تخشى على زوجها من الإصابة بالشلل.. حيث لا يستطيع بعدها السير، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف زحف المرض في اتجاه صحة الدكتور طه حسين، إذ ظلت صحته في تدهور مستمر. 

الساعات الأخيرة كما يرويها حسن الزيات 

 قال الدكتور الزيات عن الساعات الأخيرة لعميد الأدب العربي: « في فجر اليوم الثامن والعرين من شهر أكتوبر عام 1973 بتوقيت نيويورك، وهو يوم رحيل طه حسين طلبني مدير مكتبي في وزارة الخارجية بالقاهرة السفير محمد شكري لينعي إلى طه حسين».

وتابع: «وكنا في اليوم الثاني والعشرين من أيام الصراع العسكري والسياسي الذي بدأ في العاشر من رمضام، وكان مطار القاهرة مغلقًا أمام طائرات المدنيين، ولكن القاهرة أبلغتني أن طائرة عسكرية مصرية ستنتظريه في مطار روما، فركبناها ولم يكن فيها من الركاب سوى زوجتى وابنتي منى وسواي!

وتحركت الطائرة ثم حلقت: وأرسلت البصر من نافذتها إلى حقول إياليا جرداء بعد موسم الحصاد، وإلى جبالها وقد ابيضت قممها بعد ابتداء موسم الثلوج، ثم لم أعد أرى، وقد أصبحنا في سماء البحر الأبيض المتوسط سوى الماء والسحاب.

أغلقت عينى أدعو إليهما بالنوم فلا تستجيب، وتزامت على جفني المغلقتين خواطر الحرب والسلام، كما تزاجمت على جفني كذلك في الوقت نفسه صورة من حياة الرجل الذي ينتظر جثمانه في أحد مستشفيات القاهرة وصولنا لنشيعة.

فأما ما كان يرهق ضميري في رحلتي تلك الطائرة من حديث الصراع العسكري والسياسي، لتحرير الأرض وانتزاع الحق، فله حديث غير هذا الحديث فى  مكان غير هذا المكان، وأما طه حسين فإني أذكر مقابلتي له مرة لأ انساها "ذهبت أودعه في غرفة نومه قبل سفره إلى إيطاليا في رحلة الصيف المعتادة، واعتذر عن مصاحبته لوداعة بالإسكندرية كعادتي كل عام لانشغالي، قال لي: ماذا يشغلك، وماذا يفعل وزير  الخارجية في القاهرة وفي العالم الهربي؟! وقد مضى على احتلال أراضينا سبعة أعوام، قل: أما أنا فاني أردد بيت الشعر الذي تعلمته منك وهو: "ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدم".

فسكت لحظه وارتفعت هامته وسأل في جدي شديد: وإذن لا نسافر هذا الصيف ؟! قلت: بل تسافر في حفظ الله، وتعد مستريح الجسم والنفس والضمير ساد الصمت ثم قطعه بالسؤال عن عدد الجامعيين الذين تم تجنيدهم في القوات المسلحة المصرية، وكنت أعرف فأخبرته. 

وفي الثالث من أكتوبر عام 1973 تصل الباخرة "أسبريا" إلى الإسكندرية تحمل طه حسين وزوجته عائدينن من رحلة الصيف، والسادس من أكتوبر يعرف طه حسين أن جيش مصر قد تحدى ما جمع له العدو من قوة لترهبة وتضطره إلى ذل واستسلام، أن جيش سوريا يقوم بنفس التحدي».

سوزان تروي تفاصيل اليوم الأخير في حياة طه حسين 

قالت سوزان طه حسين: «لم يكن يبدو عليه المرض إطلاقًا ذلك السبت 27 أكتوبر، ففى نحو الساعة الثالثة من بعد الظهر شعر بالضيق، كان يريد أن يتكلم لكنه كان يتلفز الكلمات بعسر شديد وهو يلهث، وناديت طبيبه، والقلق يسيطر على، لكني لم عثر عليه فركبني الغم، وعندما وصل، كانت النوبة قد زالت، وكان طه قد عاد على حالته الطبيعة، وفي تلك اللحظة وصلت برقية الأمم المتحدة التي تعلن فوزه بجائزة حقوق الإنسان، وانتظاره في نيويرك في العاشر من ديسمبر لتسلم الجائزة، وكان الطبيب هو الذي قرأها له مهنئًا إياه بحراره، غير أنه لم يجب سوى بإشارة من يده كنت أعرفها جيدًا كأنها تقول "وإيه أهمية ذلك؟ وكانت تعبر عن احتقاره الدائم، لا للثناء والتكريم ولا للأنوطة والأوسمة والنياشين».

تاريخ الخبر: 2022-09-03 03:21:35
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية